1. Home
  2. /
  3. المنطق واهميته في سلامة...

المنطق واهميته في سلامة فكر الحركة – زوعا

بقلم : هرمز طيرو

يحاول البعض من القراء والقارئات الاعزاء ان ينتقصوا في بعض الاحيان من القيمة الفكرية والفلسفية للحركة الديمقراطية الاشورية التي نطرحها بحجة ان فكر الحركة هو فكر سياسي بحت ، متناسين بإن مؤسسوها كانوا منذ البداية في وعي متقدم عندما اختاروا أو وضعوا كلمة ( الحركة Movement ) على اسم تنظيمهم الجديد بدلاً من كلمة ( الحزب Party ) لان مفهوم الحزب يختصر في انه وسيلة فعالة لتنظيم مشاركة مجموعة الافراد في الحياة العامة ويعمل على نشر الوعي السياسي بينهم ويقود نضالهم بهدف الوصول الي السلطة وتحقيق برنامجهم ، بينما مفهوم كلمة ( الحركة ) تعني التيار العام الذي يدفع الجماهير الى تنظيم صفوفهم بهدف القيام بعمل موحد لتحسين حالتهم السياسية والاجتماعية والاقتصادية والفكرية … الخ ، وهناك بون شاسع في مفهوم الكلمتين .

وثمة اعتقاد لدى البعض بأن الحركة الديمقراطية الاشورية قد استنسخت او استندت في طرح افكارها ومبادئها على أفكار ومبادئ ونظريات سابقة ، وكأن على المبدع او المفكر ان يخلق ( الافكار والنظريات والفلسفات) من العدم ، في حين هناك قول لشاعر وفيلسوف روماني ” لوكرشيس ” عاش قبل الميلاد بنصف القرن ( لا شيء ينمو من لا شيء ).

إن رأي هولاء البعض غير متوازن وتنقصه المعرفة وهو اقرب الى المفاهيم العامة منه الى المفهوم العلمي ، لانه لا يوجد في التاريخ البشري ( مفكر او مبدع او اي حركة او تنظيم ) يخلق حالة فكرية او فلسفية من دون الاستعانة بمرجعيات سابقة ، الكل يستمد افكاره من الذين سبقوه ويطورها بشكل الذي تفرضه البيئة العامة عليه ، من هنا نستنتج بأن الافكار تأتي عند ربط الصورة الجديدة بالعناصر القديمة ، عندئذ يخطو المفكر اوع المبدع خطوة كبيرة الى الامام بأعتبار ما جاء به هو تاليف جديد ، لان الجديد هو نتاج لسلسلة طويلة من العقول المبدعة التي شاركت بطريقة ما في التمهيد لتكملة تلك السلسلة .

وظائف المنطق عند الحركة – زوعا :

من خلال قرأتي الشخصية لفكر الحركة الديمقراطية الاشورية – زوعا توصلت الى استنتاج ( بوجود ثورة في فكر الحركة متمثلاً بالثورة على الفلسفات القديمة بوجه عام وعلى المنطق القديم بوجه خاص ) لان الحركة تؤمن بأن من وظائف المنطق الأساسية هو ان يقوم المنطق بتوجيه الفكر توجيهاً حقيقياً ، لان المنطق ليس اساس كل معرفة انسانية كما هو شائع ، لان المنطق القديم كان منطقاً استنباطياً وتحت هيمنة المنطق الثوري ( الذي يعني تطابق الصورة مع الواقع ) وقد ادى ممارسة هذا النوع من المنطق الى تعطيل الفكر العلمي لقرون طويلة ( خاصة في القرون الوسطى ) والحق فان العلم لم يظهر إلا بعد آن تخلص الفكر الانساني من المنطق القديم ، لان الاخير كان يصلح للبحث عن الحقيقة واكتشافها وقد ظهر فقط للرد على السفسطائيين وجل مغالطاتهم العقلية ، لهذا كان الهدف من المنطق الصوري القديم هو اقحام الخصوم لاكتشاف الحقيقة المطلقة .

وتأسيساً على ما سبق ، نقول : ان فكر الحركة الديمقراطية الاشورية قد تبنى منذ البداية نظرية المنطق الحديث ( المنطق الاستقرائي ) وهذا يبدو واضحاً من خلال المعالجات الانية وطريقة الدفاع عنها باستخدام القواعد التالية :

اولاً : بلورة الاشكالية .

ثانياً : طرح الاشكالية .

ثالثاً : حل الاشكالية .

وكل هذه المعالجات تتم باستخدام مناهج العلوم الحديثة ( المنطق الاستقرائي ) الذي يقوم على اساس الانتقال من الجزئيات الى الكليات ، عكس المنطق القديم الذي يقوم على اساس الانتقال من الكليات الى الجزئيات ، اي يستنبط النتائج الحزئية الخاصة عن طريق الاعتماد على كليات العقلية المطلقة .

امثلة وممارسات  :

لتوضيح مبداء استخدام الحركة الديمقراطية الاشورية – زوعا للمنطق الاستقرائي في ممارساتها الفكرية ، سناخذ موضوع ( الحقوق القومية لشعبنا ) نموذجاً لذلك ، وسوف نأتي بمثالين بسيطين وذلك من خلال المقال الذي كتبناه في السنين السابقة الذي كان تحت عنوان ( حقوق شعبنا بين رؤية وفكر الحركة والضرورة التاريخية ) وطرحنا في احدى فقراته عن المنطق السليم في فكر الحركة وكيف تعاملت الحركة مع الجزئيات للانتقال الى الكليات من ( حقوقنا ) ، وادناه الاقتباس من مقالنا المذكور مع بعض التغييرات التي تنسجم مع الموضوع .

المثال الاول : نظرية الخيار المنطقي

The Rational Choice Theory

مضمون هذه النظرية هي كما يلي : لو كانت حقوقنا القومية تقاس مثلاً على مقياس من واحد الى عشرة ، ولشعبنا قدرات وامكانيات ( سياسية ، اقتصادية ، ثقافية ، …. الخ ) التي تقع ضمن العوامل الذاتية ، مضافاً اليها العوامل الموضوعية التي تخص موقف المكونات الاخرى التي تعيش معنا في نفس المنطقة وعاملي الزمان والمكان ، كل هذه العوامل تفرض علينا بان تكون مطالبنا تقتصر علي ثلاثة من العشرة من الحقوق ( التعامل مع الجزئيات ) ، في حين هناك جهة اخرى ضمن اجندة مختلفة تعادي شعبنا تدفع بعض من منظمات شعبنا الى المطالبة بستة او سبعة من العشرة من الحقوق ، مدركين هؤلاء جيداً بان هذه النسبة هي فوق امكانات وقدرات شعبنا بدءً من العامل الذاتي مروراً بالعامل الموضوعي وانتهاءاً بعاملي الزمان والمكان ( التعامل مع الكليات ) فماذا يحدث هنا ، باختصار يحدث انهيار كامل لهذه المعادلة ، لان الذين يعادون شعبنا في في حصولهم على الحقوق القومية قد اجبروا الولائيون لهم على التعامل مع حقوقنا بالكليات وليس بالجزئيات ، لذلك سوف لن نحصل على ( ثلاثة من العشرة ولا على ستة او سبعة من العشرة ) ولا حتى صفر من العشرة لان المعادلة اهتزت ( بين التعامل من الجزئيات وبين التعامل بالكليات ) وهذا الانهيار او الاهتزاز هو هدفهم النهائي .

المثال الثاني : نظرية بناء المراحل

The Stage Development Theory

وهي عملية الاستقراء للعوامل الموضوعية والذاتية الى طريقة جديدة للتفكير والبحث والتحليل ، وتعتمد على الطروحات ضمن الحلقات المتحركة التي تهدف للوصول الى الاستراتيجيات التي تتغيير هي الاخرى بفعل العوامل المؤثرة وصولاً الى الاستراتيجيات الابعد . وما طرح شعار ( الديمقراطية للعراق … الاقرار بالوجود القومي الاشوري ) في عام 1979 من قبل الحركة الديمقراطية الاشورية إلا ايذاناً ببدء المرحلة الاولى في عملية باء المراحل . حيث هيأت ( المرحلة الاولى ) الارضية الضرورية للانتقال الى المرحلة الثانية والتي تجسدت في طرح مشروع الادارة الذاتية ( الذي هو مشروع في تحرك دائم ) وبعدها ننتقل الى المرحلة الثالثة من الطروحات وحسب الدستور وضمن قانون الادارة المحلية ( يحق لكل قضاء او اكثر او منطقة ذو خصوصية ثقافية ، لغوية ، او تاريخية ، تكوين ادارة محلية بناء على طلب يستفتى عليه باحدى الطريقتين :

١ – طلب من ثلث الاعضاء في كل مجلس من مجالس الاقضية او النواحي التي تروم الاندماج وتكون الادارة المحلية .

٢ -طلب من عشر الناخبين المسجلين في كل قضاء او ناحية او منطقة تروم تكوين الادارة المحلية .

استمراراً لنظرية بناء المراحل وبعد تقوية اركان كل مرحلة من هذه المراحل ، يحق لنا المطالبة باستحداث محافظة من قضائين ( تلكيف والحمدانية ) بحدودهما الادارية ، وصولاً الى المرحلة التي هي اكثر تقدماً في سقف المطالب القومية ، وهي تطبيق المادة ( ١١٩ ) من الدستور الذي ينص على ( يحق لكل محافظة او اكثر تكوين اقليم بناءاً على طلب بالاستفتاء عليه بإحدى طريقتين ( الطريقتان مذكرتان في ١ و ٢ أعلاه) .

من هنا يتضح لنا كيف تتعامل الحركة الديمقراطية الاشورية مع الجزئيات من حقوقنا لكي تصل الى الكليات من حقوقنا ، وهذا المنهج التي تسير عليه الحركة ما هو إلا الممارسة العملية لمنطق الاستقرائي الحديث ، وقد نشهد مستقبلاً ( اذا استقرت الاوضاع في العراق ) تطوراً في استراتيجيات الحركة من خلال تبني طروحات جديدة بحسب ما تقتضيه ضرورات العمل بنظرية الخيار المنطقي او العمل بنظرية بناء المراحل .

ومن جهة اخرى ، فانه من الضروري ان نشير الى انه لا يهمنا ان نوضح للقارىء الكريم عن تفاصيل مفهوم الحركة الديمقراطية الاشورية للمنطق في جانبيه ( الحركي والسكاني ) فهذا الامر ليس من اهتمامتنا في هذا المقال ، إنما الذي نريد آن نوضحه لماذا الحركة تبنت في فكرها المنهج الاستقرائي وتجنبت التعامل مع المنهج الاستنباط ، الجواب كما في الآتي :

اولاً : ان كافة الدراسات تؤكد على ان اهم المبادئ الاساسية التي يقوم عليها المنطق القديم ( الصوري ـ الاستنباطي ) هو مبدأ الماهية الثابتة الذي يحتوي على ثلاثة قوانين وهي :

١ -قانون الذاتية : وهو القانون الذي يتعامل مع كافة الاشياء التي لا تتغير مطلقاً ، لان للاشياء خصائص ومميزات ووجود حقيقي لا يمكن ان تتغير ، وان حدث ذلك فهذا دليل على فقدان الاشياء لوجودها الحقيقي .

٢ – قانون عدم التناقض : وهو القانون الذي يتعامل على ان النقيضان لا يجتمعان ، فاذا كانت الاشياء جميلة فلا يمكن ان تكون قبيحة في نفس الوقت ، على اعتبار ان الجميل يكون دائماً جميلاً في كافة صفاته والقبيح يكون دائماً قبيحاً في جميع صفاته .

٣ : قانون الوسط المرفوع : وهو القانون الذي ينص على ان ليس هنآك منطقة وسطية ، فأما تكون الاشياء جميلة او قبيحة فلا مجال لغير ذلك .

ويتضح من ذلك ، وخصوصاً عندما نستقراء ونبحث في فكر الحركة ـ زوعا نجد انه قائم على نقض القوانين اعلاه وخاصة القانونين في ( ١ – ٢ ) والسبب في ذلك لان الجانب الحركي في فكر زوعا قائم على نقض قانون الذاتية ، بينما الجانب السكوني في زوعا قائم على نقض قانون عدم التناقض وكما مبين ادناه :

١ – ان الجانب الحركي في فكر الحركة الديمقراطية الاشورية ( قانون الذاتية) قد تبنى كما اسلفنا النظرية الحديثة التي تؤكد : أن المجتمع البشري في تغيير دائم ومستمر ، ولا يوجد حدود ثابتة يقف عندها هذا التغيير ، ومجتمعنا هو جزء من المجتمع البشري العام .

٢ – آما الجانب السكوني في رؤية الحركة ـ زوعا للمجتمع ، فانه يخالف قانون عدم تناقض ، لان الحركة تؤمن بان مجتمعنا له صفات متناقضة تجمع بين الجميل والقبيح بين الصالح والطالح ، لذلك نرى ان الحركة الديمقراطية الاشورية قد تبنت في فكرها المنطق او المنهج الاستقرائي .

ثانياً : أما عن اسباب تجنب الحركة من التعامل مع المنطق الاستنباطي ( القديم ) فيعود على ان المنطق الاستنباطي يهتم بصورة الفكر بعيداً عن مادته ( الواقع ) ، اي ان الفكر قد ينطبق مع نفسه من ناحية الصورة المجردة لكنه لا ينطبق مع الواقع .

اخيراً ، نستطيع ان نقول بإن الحركة الديمقراطية الاشورية قد تبنت المنطق الاستقرائي ايماناً من ان هذا المنطق يتعامل مع الحقائق المطلقة المتحركة ومع الحقائق الحياتية الواقعية ، بالاضافة على ان مجتمعنا هو عبارة عن منظومة متفاعلة وفي صيرورة دائبة وتغيير مستمر ، لذلك نستنتج بان الحركة لا يمكن ان تتبنى اطلاقاً مبادئ وافكار المنطق القديم وذلك لاسباب التي ذكرناها اعلاه .

Posted in غير مصنف

zowaa.org

menu_en