1. Home
  2. /
  3. اراء
  4. /
  5. مقالات
  6. /
  7. ملاحظات حول كتاب ”...

ملاحظات حول كتاب ” الحضور الأكدي والآرامي” والعربي الفصيح في لهجات العراق والشام العامية) للاستاذ علاء اللامي .

أ. د . عامر عبد الله الجميلي

كلية الآثار/ جامعة الموصل/ العراق

بالأمس وأنا أتجول في معرض نينوى الدولي للكتاب الذي اقيم في الموصل في خطوة لإنعاش الحركة الثقافية والفنية وإشاعة المناخ الآمن والأجواء الطبيعية للمدينة بعد سنوات من اضطراب حبل الأمن في المدينة التي كانت مثالا للمدينة المتحضرة والآمنة قبل أحداث ما بعد الإحتلال الأمريكي للعراق ، وفي جناح دار المأمون للترجمة والنشر ، أثار انتباهي كتاب صغير في الحجم ، لكنه في نظري كبير في المحتوى ، فتلقفته بنهم وشغف المتعطش للبحوث والدراسات ذات العلاقة بلغاتنا العراقية القديمة التي ما زلت أنهل من عيونها ولا أرتوي من عذب ينابيعها ، ولم يمر اليوم حتى كنت قد أتيت على قراءته وتدوين ما عنّ لي من ملاحظات وهنات صادفتني في تضاعيف الكتاب ، فأحببت أن اشرك بها أحبتي وأصدقائي ممن يعنون بهذا الجانب من الحضارة والموروث العراقي ، وبدءاً ، لا بد لي أن اسجّل شكري وتقديري للأخ علاء اللامي مؤلف الكتاب ، ويقينا إن ملاحظاتي هذه لا تقلل من شأن هذا الكتاب والدراسة القيمة التي تضاف إلى سلسلة الدراسات والبحوث التي تندرج في الموروث الرافديني .

ومن بين الملاحظات التي سجلتها هو

1- تسرع الباحث في حصر وتأصيل بعض الألفاظ والقطع بـ (أكديتها) أو (آراميتها) ، وكان الأولى به أن ينسبها لـ (المشترك السامي) لأن ورودها في الأكدية أو الآرامية ، لا يعني أنها غير موجودة في العربية أو العبرية أو الحبشية وغيرها من شقيقاتها السامية .

2-إعطائه للفظة (جفنا gafna) معنى (جفن العين) ، في حين أنها تعني في سائر اللغات السامية :  #𒄑𒃮𒉡 گَپنو في اللغة الأكدية ( البابلية – الآشورية / و  #גפּןگفن  في اللغة العبرية /  و #ܓܦܢܐ گپنا في اللغة الآرامية – السريانية / #جفنة في اللغة العربية ، تعني : (كرمة العنب) ، قال الشاعر جبران خليل جبران : هل جلست العصر مثلي بين جفنات العنب والعناقيد تدلّت كثريّات الذهب . ومثله قول الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك وهو منبهر وهو يرى حِرار زبيب الطائف من بعيد على جبل الطائف : ” لله درّ قَسِيّ – إسم الشخص من أشراف وأعلام مدينة الطائف  الذي تنسب له جلب تلك الأقلام – كيف عرف أن يغرس #جفناته تلك ” ! .

3-يقول المؤلف في مادة (تالة/ تالا tala )  لم أتوصّل إلى معناها الأكيد، ويحتمل أن تكون ضربا من النبات-إنتهى الإقتباس- ، ولا أعرف كيف فاته معناها ولها في الأكدية والعربية معنى واحدا ومشابها وهو (التال) : صغار النخل وفسيله .

4 – والطريف في التخريج هو تقريبه لمادة (تخم) بلفظة (طقم) ؟ تيخوما ، وليت شعري ما علاقة المفردة بالطقم ، فـ (التخم )العربية و (تخوما ܬܚܘܡܐ )الآرامية و(تاخومو 𒋫 𒄷 𒈬 ) الأكدية وهي لفظة معروفة وتعني الحدّ الذي يفصل ما بين بلدين، أو هو منتهى كل قرية وبلد، وهو يضاهي لفظة عربية اخرى وهي (الثغور) ، حتى أننا في العامية الموصلية ، عندما نشير إلى صلة قرابة بين شخصين ، نقول أنه من تخمه أي  من جهته وحدّه وأقربائه وله صلة به .

5-والعجيب أنه ربط لفظة (إسكُفّة) بمهنة صناعة وإصلاح الأحذية  عشقوفتا ، ثم يضيف عبارات أغرب ! مثل لم يعلّق الباحث على وجود حرف العين في هذه المفردة ، مع أنه ذكر في بحثه أنه غير موجود في اللغة المندائية ولا تفسير لدينا لذلك  -إنتهى الإقتباس- ولا أدري لمن يشير ! عموما هو يذكرني بقوله تعالى  ضعف الطالب والمطلوب فلا الأول أعطاها معنى ، ولا الثاني يعرف لها دلالة ، وهي ببساطة تعني  (عتبة الباب العليا) ، ففي الأكدية ترد بصيغة(إسكوپّاتو𒄑 𒁺 𒉺 𒌅  iskuppatu)، أما الإسكافي وعامل الجلود فهي ترد  (إشكابّو𒅖 𒆏 𒁍 ishkappu) .

6-ونجده في موضع آخر يعطي للفظة (مَسكو – مسچ – ) معنى : (المسك العطر المعروف) في حين أن (مشكو𒈦 𒆪 mashku) في الأكدية تعني ما تعنيه في العربية مع الأخذ بظاهرتي (القلب والإبدال) في اللغات السامية بعين الإعتبار ، لتعني (المَسْك، بالفتح  جلد الثور ، أو الجلد المدبوغ عموما والمعد للكتابة  .

7- يعطي للفظة (ديس) الآرامية معنى واحدا وهو (الثدي)و(الضرع) ، لكنه يقول أن لا وجود لها في ما بين يديه من مصادر عربية  وفاته أن لها مضاه عربي وهو (طيس) وهو الخير الكثير والبركة والنماء، ومضاهيه أكدي شبيه للعربي وشقيقه الآرامي وهو (ديشو 𒁲 𒋗 ) فصل الربيع والنماء والخصب .

8 – ويقول عن لفظة (مَرّ 𒈥  MAR ) = مسحاة ، وهي بالفعل ضرب من المسحاة ، لكنه يعود للتشكيك بهذا التخريج للفظة السومرية ـالعربية ، ليقول  لم أسمع بلفظها هذا من قبل –  إنتهى الإقتباس – فأقول  معذرة ، إن لم يسمع هو بهذا اللفظ فذلك شأنه ، أما هذه اللفظة فهي شائعة إلى يومنا هذا عند الفلاحين العراقيين وشرقي سوريا ، وتعني المسحاة المثلثة والحادّة الزاوية تحديداً .

9 – وفي مادة هيت كان عليه أن يقول أن اللفظة تعني بالسومرية والأكدية تعني (سمن النفط) وبمعنى آخر (القير) ومنها أخذت المدينة إسمها الشهير لتوافر مادة القير فيها بكثرة .

10- وأخيرا وليس آخرا يعطي للحرف العربي القديم ( گ g گيمل  ) تسميات ، من قبيل (القاف الحميرية ) أو (الجيم القاهرية )أو (الكاف الفارسية) وكأن  هذا الحرف لم يكن له حضور في بقية الشعوب السامية الأخرى بهذا النطق ، مع أنه حرف أصيل في كل تلك اللغات ، وأرى أن أصوب تسمية لها هي ما أطلقه عليها الباحث والعلّامة العراقي القدير أ.د . خالد إسماعيل استاذ اللغات السامية في جامعة بغداد ، حيث أسماها ( الجيم الكافيّة ) وهي بالفعل جيما وليست قافاً .

وإلى غير ذلك من الملاحظات التي أرجو من الاستاذ القدير أن يتّسع صدره لملاحظاتي المتواضعة تلك ، خدمة لتراثنا العراقي والسوري والعربي الفصيح  الخالد . )

zowaa.org

menu_en