1. Home
  2. /
  3. اراء
  4. /
  5. مقالات
  6. /
  7. الخطاط الآشوري ألن بيث...

الخطاط الآشوري ألن بيث شموئيل إلتصاق الذات الفنية مع الأبداع التشكيلي

بقلم/ إبراهيم برخو

تمهيد :

يعد الخط الآشوري السرياني احد الخطوط القديمة التي تنتسب الى عائلة اللغات السامية ، والقريبة جدا الى الأبجدية الأرامية الآشورية والتي كانت تستخدم في القرن الثاني قبل الميلاد، مشتركة نوعا ما مع في بعض حروف الأبجديات السامية منها الفينيقية، الأرامية ،العبرية، العربية.   لقد برز العديد من الخطاطين في اللغة الأشورية السريانية  في منصف قرن العشرين ، حيث سبقهم قبل ذلك العديد من الأباء والرهبان ورجال الكنيسة والكثير من العلمانين  حيث شملت أعمالهم في عمليات الخط ونسخ الأنجيل وكتب الصلوات ، بأنواع الخطوط، أبرزها السطرنجيلي ، حيث يشاهد هناك الكثير من مخطوطات نفيسة ثمينة في مكتبات الفاتيكان وغيرها من كنائسنا المشرقية .

أما أن نتكلم عن التطور الذي اخذ يواكب الخط الآشوري السرياني في العصر الحالي شكلا وأسلوبا ،فذلك موضوع أخر يستوجب الوقوف عنده في دراسة تاريخ العديد من الخطاطين الذي برزوا وفي عصور مختلفة . وما يهمني في هذه المقالة هو الوقوف عند أحد أبرز الخطاطين المعاصرين وهو الفنان ألن بيث شموئيل الذي عاش ردحا من الزمن في مدينة نينوى الأشورية  الذي أفنى حياته في فن الخط ، وسعى بشكل متميز لأن يطور شكل الحرف الآشوري السرياني شكلا وقالبا ، متخذا بذلك الخصوصية الفنية التي يتمتع بها والخبرة الطويلة في مجال الخط العربي الذي كان هو الأخر محطة للأبداع والتميز .

ما يميز الخطاط الن بيث شموئيل هو إستغلاله لشكل الحرف الأشوري الذي يصعد وينزل على الخط وإنبساطه لمساحة ليمتد الحرف لمسافة تقصر أو تطول، مطاوعا للأنسيابية وليونة الحرف، ليكسبها جمالا أخاذا، مشكلا بذلك صورة تكون اشبه ما الى لوحة تجريدية من كونها لوحة بسيطة ، ناهيك عن إستخدامه للرمز واللون واشكال الأوراق والزهور، لتحيط مشكلة إطار أو تتداخل مع الخط، أو بتكوين خلفية رائعة  Background ) )  تجعل اللوحة تبرز من كل الجوانب الفنية .وهناك نقطة أخرى بالغة الأهمية في التشكيل الصوري للوحة الفنان التشكيلي ألن بيث شموئيل وهي إختياره لذات النص المخطوط، حيث يتم إنتقائه للنص لتكون محور مهم فاللوحة، كأن تكون مثلا نص من قراءة للأنجيل أو كلمة مؤثرة أقوال مأثورة ، أو كلام تثور له الأحاسيس القومية والوطنية.

إن موهبة الرسم التي يتمتع بها الفنان قد مكنته هي الأخرى في تخطي الأشكالية الجمالية، ليطور اللوحة من التقليدية المعهودة بحروف جرداء اوكلمات ، الى لوحة متكاملة في محتواها الفني، وكأننا أمام لوحة  طبيعية تحمل كل الجوانب الفنية .

أما من الناحية الفنية البحتة في التوازن والأيقاع الصادر من أشكال الحروف بداية حتى الكلمات وإنتهاءا ” الى العبارات ، سنجد هناك ميزة أخرى ، تجعل اللوحة فيها من الأيقاعات تمنح اللوحة حركة موسيقية تشعر بها في الوهلة الأولى،كما إن توزيع اللوحة الى وحدات هندسية مثل التناظر وجعل الحرف الآشوري السرياني  يتوازن وفق هذه التوزيعات الهندسية ، تعطي اللوحة تناسقا تضاف الى النسب الجمالية الأخرى.

ما يثير إحساسي الفني في أعمال الفنان الآشوري ألن بيث شموئيل، هي المطاطية في رسم الحرف، وخروجه عن المقاييس التقايدية للحرف وبالذات في الخط الأسطرنجيلي لبعض الحروف أو في اغلبها، كما في الألف، اللام، الكاف،التاو وغيرها من الحروف. التي تتقبل الليونة في الرسم كأن تكون في بداية الكلمة، أو وسطها ، أو في آخر الكلمة.

بالنسبة للألوان المستخدمة في كتابة الخط الآشوري السرياني  فهي الأخرى وفق مقايس التوازن اللوني للوحة، كما إن إستخدام الشفافية لبعض الحروف كخلفية للنص الأصلي  كأن تكون بالمسمارية والأكدية ، تمهدنا للتفكير بعمق، في أصل الكتابة الآشورية السريانية ، والتي لا زالت تحتفظ  ببعض الخصائص التي جاءت اصيلة في بعض الحروف. إنه شعور ينقلنا الى مدى أصالة الحرف والكتابة الأشورية التي أعطت الكثير للعالم ، التي عجزت في إعطائها أمم أخرى .

إن ما يقوم به الفنان المبدع ألن بيث شموئيل من تخطيطات وإنجازه للوحات فريدة من نوعها في الخط الآشوري السرياني ، فنا متميزا، نالت الأعجاب لكل من شاهدها ، بحيث أدخل نوع من الحداثة في شكل الحرف  والأسلوب والطرق الفنية في أستخدام التشكيل      الزخرفي بأستخدامه كل التجليات الفنية التي أظهرت للعيان مدى عمق الفن الأشوري وإحساسه المرهف ، والتصاق الفنان الآشوري بتراثه وحضارته ، مستلهما كل رموز النحات والرسام الآشوري ، مبدعا في إنتقائه لزهرة البيبون وزهرة اللوتس، مستعينا بالزخارف التي كانت تتزين بها القصور الآشورية، التي أعادت المشاهدة للأشوري المعاصر لكل ما ورثته حضارتنا وثقافتنا ، وأن تفتح الأبواب لكل فنانيا من الرسامين والتشكيلين لأستلهام روح الماضي عبر تطعيم أعمالهم الفنية بنفحات من الفن الأشوري والتي لازالت شاخصة ليومنا هذا.

في نهاية مقالي المقتضب ، أوجه شكري الخاص للفنان الملتزم الآشوري ألن بيث شموئيل ، ودوره المتميز في تطوير الخط الآشوري ، ولي مطلب من فناننا الموقر، أن يسعى لعمل كراسة للخط الآشوري، وفق قاعدة ورقة المربعات كما هي الحال في كراسة الخط الكوفي في اللغة العربية، على ما أظن إن مشروع الكراسة ، كان قائما في طموحات الفنان بيث شموئيل، حبذا لم تمت الطباعة، كي يكون في متناول اليد للفنانين المخضرمين والمبتدئين منهم ، كما أرجوأن تكون مقالتي هذه خير عون للباحثين في مجال الخط الآشوري، ورفدا مخلصا لمكتبنا الآشورية العريقة.

zowaa.org

menu_en