زوعا اورغ/ وكالات
“الوعد الصادق”، عملية أمنية تهدف إلى “فرض القانون في البصرة (جنوبي العراق) وضبط السلاح المتفلت”، تقودها قيادة عمليات المحافظة بالشراكة مع الوكالات الأمنية والاستخبارية و”الحشد الشعبي”، الذي تتحمل فصائله المسؤولية الأكبر عن انفلات السلاح، وفقاً لمتابعين.
وأعلنت قيادة عمليات محافظة البصرة، أمس السبت، أنها باشرت والقطاعات الملحقة بها تنفيذ المرحلة الثالثة من عملية “الوعد الصادق”، وذلك من أجل “نزع الأسلحة غير المرخصة، إلقاء القبض على المطلوبين، وتحقيق الأمن والاستقرار في البصرة”.
وكشفت خلية الإعلام الأمني العراقي، في بيان لها، نتائج العملية الأخيرة، مشيرة إلى أنّه “تم القبض على 37 مطلوباً، ضبط 12 بندقية كلاشنكوف، مسدس حربي، 3 رمانات يدوية،.. وغيرها”، بحسب ما ذكرته وكالة الأنباء العراقية (واع).
وهذه هي ليس المرة الأولى التي تشهد محافظة البصرة، أحد معاقل الفصائل المسلحة في العراق، مثل هذه الحملة الأمنية، إذ سبق لقيادة العمليات المشتركة أنّ شددت في 6 سبتمبر الماضي، على أنّها جادة في تطبيق وفرض القانون داخل جميع المحافظات، وتحديداً تلك التي تعاني من انفلات السلاح غير المرخص، معتبرةً أنّ العمليات التي نظمّتها في بغداد والبصرة حققت نتائجها.
تشكيك بجديّة العملية الأمنية
من جهته، اعتبر النشاط المدني في محافظة البصرة، كرار دويخل، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “هذه العملية كسابقاتها من العمليات الأمنية الوهمية، التي تقوم بها جهات حكومية لأجل أهداف سياسية”، مشدداً على أنّها “لا تحقق في الواقع أي نتيجة، بل فقط سحب بعض قطع السلاح من أفراد غير منتمين لجهات حزبية أو فصائل وعشائر قوية”.
وأكّد دويخل أنّ “في كل منزل بالبصرة قطعة سلاح، وهو من أساسيات العيش في هذه المحافظة”، مشيراً إلى أنّ “القوات الأمنية لديها خطوط حمراء، إذ يمنع عليها الاقتراب من أتباع الأحزاب والفصائل”.
أساليب تأمين الأسلحة والذخائر
وعن سبب عدم نجاح هذا النوع من العمليات، كشف الناشط أنّه “من الأساليب التي تتبعها بعض الأحزاب، هو وضع أحد أتباعها في القوات الأمنية، لكي يعلم المسؤول الضابط عن تنفيذ المهمة، بوجوب الابتعاد عن منزل معيّن، يقطن فيه أحد المنتسبين للحزب”.
وأضاف أنّه “حتى العشائر المسلحة النافذة، تصلها معلومات عن إمكانية مدهامة، فتقوم بإخفاء السلاح والذخائر في مكان آمن إلى حين انتهاء الحملة”، متهما “بعض الأجهزة الأمنية بمعرفتها بهذه التفاصيل والسكوت عنها”.
وختم بالقول “طالما أنّ القادة في بعض الأجهزة الأمنية مرتبطون بالأحزاب المسلحة، سيبقى الوعد الصادق كغيره مجرد عمليات فارغة وأساليب وهمية أمام الإعلام”.
“مليشيات تحصر السلاح”
وعن مشاركة فصائل الحشد في العمليات الأمنية، قال الناشط والمدون، سيف الدين علي، في حديث لموقع “الحرة”، إنّ “تشكيل الحشد الشعبي، هو أكبر غطاء شرعي قانوني للمليشيات، إذ بفضل هذا التنظيم، جميع أسلحة المليشيات هي أسلحة دولة وجميعها مرخصة برخص الدولة، وبالتالي فإن حصر السلاح بيد الدولة سوف يطبق على بعض العشائر فقط”.
وأضاف علي أنّ “خير دليل على ذلك، هو استخدام الحشد الشعبي كجهاز أمني في هذه المهمة”، معتبراً أنّ “الحاضنة الأكبر للمليشيات هي من تعمل على حصر السلاح بيد الدولة”، وسأل: “هل يعقل أنّ تحصر المليشيات السلاح بيد الدولة؟”.
وشدد على أنّ “حصر السلاح بيد القوات الأمنية من الجيش ووزارة الداخلية يحتاج لجهد حقيقي وعمل جاد، وقد تتضمن العملية مواجهات مسلحة بين القوات الأمنية والمليشيات، أما ما يحدث اليوم فهو مسرحيات إعلامية فقط”.
“فصائل أفشلت جهود الحكومة”
بدوره، أوضح المحلل السياسي، أحمد الياسري، في حديث لموقع “الحرة”، أنّ “حكومة مصطفى الكاظمي كانت متجهة نحو النزع التدريجي للسلاح بدءاً من العشائر المسلحة، إلا أنّ المليشيات الإيرانية تصدت لها، عبر دعم السلاح المنفلت، لكي تفشل الدولة في مساعيها الأولى”.
واعتبر الياسري أنّ “ما تفعله المليشيات الموالية لطهران يضرّ بالعراق داخلياً وخارجياً، إذ أنّ الدولة فقدت سيادتها وهيبتها على حد سواء”.
وربط محاولات الحكومة بضبط السلاح المتفلت بـ”محاولة إرضاء الولايات المتحدة، والمحافظة على صورة العراق دولياً، لاسيما أنّ الحديث عن انسحاب البعثة الدبلوماسية من البلاد مؤخراً، انعكس بشكل كبير على وضع بغداد في المحافل الدولية”.
وتتزامن عملية “الوعد الصادق” الأخيرة، بمقتل ثمانية أشخاص وإصابة عشرات، الأسبوع الماضي، في أعمال عنف يتهم المتظاهرون فيها التيار الصدري بارتكابها.
وكان رئيس الوزراء العراقي، قد أكّد منذ توليه منصبه، أنّ الحكومة ورثت إرثاً ثقيلاً، وهو السلاح المنفلت، الذي بات يشكل خطراً حقيقياً على المجتمع وأفراده، عدا عن أنه يعيق محاولات الإعمار والتنمية، على حد تعبيره.