زوعا اورغ / وكالات
كشفت مصادر أمنية رفيعة، السبت، تفاصيل ما جرى ليلة الجمعة التي شهدت انتشار ميليشيا عصائب أهل الحق في عدد من مناطق بغداد، والدور الذي لعبه مسؤول عراقي رفيع لمنع “المواجهة المباشرة” مع قوات الأمن.
كما تحدثت المصادر لموقع “الحرة” عن مصير الشخص المعتقل، الذي ينتمي لعصائب أهل الحق، والمتهم بالتورط في الهجوم الأخير الذي استهدف السفارة الأميركية في بغداد.
وتعرضت السفارة الأميركية في بغداد الأحد الماضي إلى هجوم بالصواريخ من دون أن يوقع خسائر بشرية، لكنه يعد الأعنف منذ عام 2010، بعد أن تم استخدام نحو 21 صاروخ كاتيوشا سقط بعضها على مبان تابعة للسفارة.
وقال مصدر في الاستخبارات العسكرية العراقية لموقع “الحرة” إن التوتر الذي شهدته بغداد ليل الجمعة السبت بدأ بعد أن تم رفض إطلاق سراح مجموعة من المعتقلين التابعين لميليشيا عصائب أهل الحق، بينهم شخص يدعى حسام الزيرجاوي.
ووفقا لمصادر من داخل هيئة الحشد الشعبي، يعد الزيرجاوي أحد قياديي عصائب أهل الحق ويرأس كتيبة للصواريخ في الميليشيا الموالية لطهران التي يتزعمها قيس الخزعلي.
وكان وزير الداخلية العراقي عثمان الغانمي أعلن منتصف الأسبوع أن قوات الأمن نجحت في اعتقال شخص متورط في عملية القصف الذي استهدف السفارة الأميركية في بغداد، لكن من دون أن يكشف عن هويته أو الجهة التي ينتمي لها.
ويؤكد المصدر الاستخباري العراقي، الذي طلب عدم كشف هويته، أن قوات الأمن تمتلك أدلة دامغة على تورط الزيرجاوي في الهجوم، بينها مقاطع مصورة وشهادات لأشخاص شاركوا في عملية إطلاق الصواريخ.
بعد اعتقال الزيرجاوي ومجموعته حاولت ميليشيا عصائب أهل الحق الضغط على السلطات لإطلاق سراحه، لكن رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رفض ذلك وأبلغ عددا من الشركاء السياسيين أن هذا الأمر لن يحصل لأن فيه تهديد لمستقبله السياسي وسيقوض سيادة الدولة لصالح هيمنة الميليشيات، كما أكد لموقع “الحرة” مصدر سياسي رفيع مطلع على المحادثات.
ونتيجة لذلك، يبين المصدر الاستخباري، أن المئات من عناصر عصائب أهل الحق انتشروا في عدد من مناطق جانب الرصافة ببغداد، بينها شارع فلسطين وزيونة ومناطق أخرى.
وأكد المصدر الاستخباري أن “عملية الانتشار شملت نحو 300 مركبة وشاحنة صغيرة تابعة لعصائب أهل الحق وعلى متنها مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، مشيرا ألى أنهم كانوا مستعدين لشن هجوم على مقر الاستخبارات في منطقة العرصات ببغداد، حيث يقبع الزيرجاوي”.
في هذه الأثناء، صدرت أوامر لقوات الفرقة الأولى في الشرطة الاتحادية، التي تعد أهم وأقوى التشكيلات داخل وزارة الداخلية من ناحية التدريب والتسليح، لمواجهة أي تحرك تقوم به ميليشيا العصائب تجاه مقر الاستخبارات، وفقا للمصدر.
وانتشرت قبل ذلك مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي لمسلحين ملثمين يهددون باستهداف من وصفوهم بـ”عملاء أميركا”، وقالوا إنهم رهن إشارة زعيم ميليشيا “العصائب” قيس الخزعلي.
وعلق رئيس الوزراء، مصطفى الكاظمي، على تحرك الميليشيات بالقول “طالبنا بالتهدئة لمنع زج بلادنا في مغامرة عبثية أخرى، ولكننا مستعدون للمواجهة الحاسمة إذا اقتضى الأمر”.
وجاء تعليق الكاظمي في تغريدة نشرها عبر حسابه على تويتر، قال فيها إن “أمن العراق أمانة في أعناقنا، لن نخضع لمغامرات أو اجتهادات، عملنا بصمت وهدوء على إعادة ثقة الشعب والأجهزة الأمنية والجيش بالدولة بعد أن اهتزت بفعل مغامرات الخارجين على القانون”.
وبينما كانت احتمالات “المواجهة المباشرة” تتصاعد بين قوات الأمن العراقية وعناصر ميليشيا عصائب أهل الحق، تدخل مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي لمحاولة التهدئة، كما أكد المصدر السياسي المطلع.
وأضاف المصدر أن الأعرجي، وهو قيادي سابق في منظمة بدر بزعامة هادي العامري أحد أهم حلفاء طهران في العراق، “نجح في تهدئة الوضع وضمان عدم الوصول إلى المواجهة المباشرة”.
وبالفعل لم تمض سوى فترة وجيزة حتى انسحب عناصر ميليشيا عصائب أهل الحق من شوارع العاصمة، وصدرت تغريدات من قادة في العصائب بينهم الخزعلي تتحدث عن انتهاء الأزمة.
رسميا لم يتم التطرق لما جرى من أحداث عاشتها العاصمة العراقية الجمعة، وكانت شبيهه إلى حد ما لاقتحام عناصر ميليشيا كتائب حزب الله للمنطقة الخضراء في يونيو الماضي بعد اعتقال عدد من عناصرهم شاركوا في هجوم على السفارة الأميركية أيضا.
واكتفت وزارة الداخلية العراقية بنفي صحة وثيقة تم تداولها على نطاق واسع من قبل ناشطين وصحفيين عراقيين تتحدث عن إطلاق سراح المعتقل (حسام الزيرجاوي) وتسليمه لأمن الحشد الشعبي.
وبحسب المصدر الاستخباري العراقي فإن الزيرجاوي لا يزال معتقلا بالفعل داخل مقر الاستخبارات العراقية، لكن تم الاتفاق على تسليمه لأمن الحشد أو إطلاق سراحه خلال 48 ساعة.
ولم يتمكن موقع “الحرة” من الحصول على تعليق مع مكتب الكاظمي أو وزارة الداخلية العراقية بشأن الأحداث التي شهدتها بغداد الجمعة.
وفجرت تهديدات ميليشيا عصائب أهل الحق للقوات الحكومية، غضب العراقيين. وتصدر وسم “أنهوا إرهاب العصائب” موقع تويتر مع تغريدات مطالبة بسحب سلاح هذه الميليشيا ومحاسبة قادتها.
وكانت قوات مكافحة الإرهاب العراقية داهمت في يونيو الماضي مقرا لفصيل حزب الله الموالي لإيران في منطقة الدورة جنوب بغداد واعتقلت 14 من أعضائه
وقال الجيش العراقي في حينه إن المداهمة استهدفت أفراد فصيل مسلح يشتبه في أنهم وراء إطلاق صواريخ على سفارات في المنطقة الخضراء شديدة التحصين في بغداد وعلى مطار بغداد الدولي.
وبعد العملية قال الجيش إن مسلحين مجهولين قادوا سيارات صوب مبان حكومية ومقر لجهاز مكافحة الإرهاب وطالب مسؤولون في قوات شبه عسكرية بالإفراج عن أفراد الفصيل المعتقلين.
وبالفعل تم بعد ذلك بأيام تسليم المعتقلين لمديرية أمن الحشد الشعبي التي يرأسها القيادي في كتائب حزب الله أبو زينب اللامي، ليجري بعدها إطلاق سراحهم.