زوعا اورغ/ وكالات
نشرت المبعوثة الخاصة لمفوضية غوث اللاجئين النجمة العالمية، أنجلينا جولي مقالاً في عدد من الصحف العالمية حول زيارتها الأخيرة الى الموصل حيث ناشدت المجتمع الدولي تقديم العون الى هذه المدينة التي تعرضت للدمار بسبب العمليات العسكرية واحتلال تنظيم داعش .
وجاء في المقال الذي نشر اليوم الثلاثاء 3 تموز 2018 أن “معركة تحرير الموصل من تنظيم داعش كانت أضخم وأطول معركة تخاض في مدينة منذ الحرب العالمية الثانية، مشيرة “لقد تحقق التحرير إثر ثمن مروع حيث قتل الآلاف من المدنيين وتحولت مساحات واسعة من أحياء المدينة الى مجرد أنقاض” .
واضافت جولي أن “أغلب الجانب الشرقي من المدينة تفادى الدمار ولكن الجانب الغربي مايزال يقبع تحت الانقاض بعد سنة من تحريره، موضحة “بينما أقف هناك كأن مشهد انتهاء المعركة قد حصل أمس فقط” .
وتابعت بالقول “إن كان شيء قد تعلمناه عبر العقد الماضي في الشرق الأوسط وافغانستان، هو أنه اذا لم تكن هناك مساعدة فعالة للأهالي تتبع النصر العسكري لضمان الاستقرار، فعندها ستتواصل دوامة العنف بالدوران”.
وأضافت “عندها ستفكر بأنه ليس هناك شيء أكثر أهمية في هذا الوضع من أن تحاول ضمان عدم عودة العنف في الموصل من جديد. ويمكن أن تتوقع بان إعادة إعمار مدينة كانت أيقونة التعدد والتعايش السلمي ومهد الإرث الحضاري هو أن يكون في الأولوية الاولى وبامكانك ان تتخيل شوارع غربي الموصل وهي تعج بمعدات إعادة الاعمار وازالة العبوات ومهندسين ومؤسسات حكومية ومنظمات غير حكومية وخبراء دوليين يقدمون مساعدات فنية للعراق في خطة شاملة لإعادة إعمار المدينة .
واستطردت قائلة “لكن بعد مرور سنة وغربي الموصل يعاني الإهمال وسط الإنقاض، الجدران التي ماتزال واقفة مليئة بثقوب الإطلاقات النارية وقذائف الهاون.. الشوارع هادئة وصامتة بشكل مخيف، حيث ان آلاف من سكان المدينة السابقين يعيشون الآن في معسكرات أو تجمعات سكانية قريبة لأنه ليس هناك مايشجعهم للرجوع.. رائحة الجثث ماتزال تملأ الأجواء بانتظار انتشالها .
واكدت المبعوثة الخاصة لمفوضية غوث اللاجئين لأن “الشوارع بدت غير مسكونة بشكل كامل وظهرت هناك عوائل مصدومة بقذائف وهي تزيل الأنقاض من بيوتها بايديهم العارية متحدين العبوات التي لم تنفلق بعد، وفي الأسبوع الماضي حدث هناك انفجار في بيت أدى الى قتل وجرح 27 شخصاً”.
واوضحت أن “الأسوأ من الضرر المادي للمدينة هو الضرر النفسي المكبوت لمشاعر أهالي المدينة وأن السكان العائدين فقدوا بيوتهم وعوائلهم بعد أن كانوا مقيمين هنا عبر أجيال وفقدوا ممتلكاتهم ومدخراتهم وحتى الوثائق التي تثبت هويتهم، مضيفة أن المجاميع السكانية من مختلف الأديان والأطياف الذين كانوا مرة يعيشون جنباً الى جنب وقد تم تهجيرهم وهم الآن منقسمون .
وتابعت جولي “اقترب مني رجل وهو يصف لي باكياً كيف قام مسلحو داعش بضربه بالسياط، وطفل آخر اخبرني وهو يشاهد رجلاً يقتل أمام عينيه في الشارع، وأم وأب وصفا لي كيف وقعت قذيفة هاون قرب ابنتهما المراهقة أدت الى بتر ساقيها وبعد أن هرعا بها الى مستشفى متوسلين لانقاذها وتوفير العلاج لها تم تجاهلهما وتوفيت بين ذراعهم إثر النزيف” .
وأضافت أنه “من المستحيل قياس معدل المعاناة والظلم الحاصل، وإن ترك اشخاص عايشوا هذه المآسي يتحملون هذه المصاعب بأنفسهم مع التجاهل الواسع تجاههم ينم عن خطأ صارخ وقلق عميق والهوة بين مايستحقوه وسرعة تجاهل العالم لهم تكاد تكون مروعة” .
وقالت “لقد وجدت نفسي أتساءل فيما لو كان باستطاعتنا، في زمن آخر من هذا التاريخ، أن نتصرف بشكل مختلف إزاء ما حصل في الموصل، كما كنا قد تفاعلنا مع فترة مابعد تحرير أوروبا في الحرب العالمية الثانية حيث تقاطرت المساعدات لإعادة إعمارها واحيائها من جديد وفي الموصل شعرت وأنا أقف عند معدل الصفر من اخفاقات السياسة الخارجية عبر سنوات العقد الماضي، ولكنني شعرت في الوقت نفسه وأنا اقف في مكان يمثل القدرة الانسانية على التحمل للبقاء والتجدد وقيم التحدي في قلوب الأفراد” .
وتابعت المبعوثة الخاصة لمفوضية غوث اللاجئين “أذكر رجلاً التقيت به والفرحة على وجهه في تمكن ابنتيه الصغيرتين الذهاب مرة أخرى للمدرسة، تحدث لي بفرحة رغم أن بيته ليس فيه سقف يحميهم وكأن دفاترهم المدرسية هو كنز بالنسبة له، ليس هناك نصر رمزي أكبر من أن تتمكن كل فتاة في الموصل من أن تذهب من جديد الى المدرسة والتفوق” .
وخلصت إلى القول “ليس هناك عائلة واحدة في الموصل طلبت مني أي شيء، إنهم لايعولون على مساعداتنا، تاريخ الموصل يرجع الى اكثر من 3000 عام، أنا متاكدة من أن أهل الموصل سيتجاوزون سنين الرعب الثلاث التي مرت بهم، ولكن كم سيكون الوضع أفضل اذا مارأينا تعافيهم حصيلة مسعانا المشترك، في الطريقة نفسها التي ألحقنا الهزيمة بداعش عبر جهدنا الجماعي .