زوعا اورغ/ وكالات
أقيم في دمشق قداسٌ إلهيٌ كبير على نية مطراني حلب المخطوفين بولس يازجي ويوحنا ابراهيم وسائر المخطوفين. وترأس القداس الذي جرى في كنيسة الصليب المقدس في القصاع بدمشق غبطة البطريرك يوحنا العاشر. وشارك المطارنة سابا اسبر (حوران) واسحق بركات (ألمانيا) ونقولا بعلبكي (حماه) والأساقفة موسى الخوري ولوقا الخوري وأثناسيوس فهد وديمتري شربك وإيليا طعمة وأفرام معلولي ولفيف من الآباء الكهنة والشمامسة. وحضر القداس رهبان وراهبات وجمع غفير من المؤمنين.
وفي نهاية القداس أقيمت صلاة خاصة لعودة المخطوفين اختتمت بقراءة غبطة البطريرك يوحنا البيانَ المشترك الصادر عن بطريركيتي أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس وللسريان الأرثوذكس والذي حمل توقيع البطريركين يوحنا العاشر وأفرام الثاني كريم ومما جاء فيه:
“نحن اليوم أمام الذكرى الخامسة لاختطاف أخوينا مطراني حلب يوحنا إبراهيم وبولس يازجي. واختطافهما صورةٌ تعكس ولا تختزل ما تعرض ويتعرض له إنسان هذا المشرق. منذ حوالي سبع سنوات اندلعت الأزمة في سوريا وفي غير مكان وسماها البعض ربيعاً وهي أبعد ما تكون عن الربيع. وإلى الآن ندفع ويدفع كثيرون ثمناً باهظاً لعبثية حروب ودماً طاهراً دفاعاً عن أرضٍ ودرءاً لإرهابٍ وتكفيرٍ لم نعرفه في ماضينا القريب والبعيد.
ترتسم أمامنا اليوم حادثة الخطف الآثم لهاتين القامتين. إن ما يندى له جبين البشرية أمام هذا الحدث هو عدم الاكتراث الذي نرى تجاه هذه القضية. لم تنجح كل الجهود في الحصول حتى ولو على طرف خيط في هذه القضية. وكل هذا يضعنا أمام أسئلة مصيرية وأجوبة مصيرية.
إذا كان المقصود من خطف مطرانَيْنا الإيحاء بأن المسيحيين هم على درجة أدنى من المواطنة فمن هنا، كلمةُ حقنا قاطعةً بأن المسيحيين في سوريا وفي غيرها هم مواطنون أصلاء وهم مكونٌ أساس من مكونات هذه الأوطان.
إذا كان المقصود من خطف مطرانينا ترهيب ما يسمى بالأقليات، فجوابنا واضح: نحن نرفض منطق الأقلية والأكثرية وآباؤنا وأبناؤنا كانوا مع غيرهم عماد الوطن والجيش وشركاء الدم والشهادة مع كل المكونات الأخرى في وجه من حاول ويحاول التطاول على أوطاننا.
إذا كان المقصود من الخطف ترهيب المسيحيين بشكل خاص ودفعهم إلى الهجرة، فجوابنا: إن وجوداً مسيحياً عريقاً لألفي عام ليس له أن تلويه شدةٌ مهما عظمت. ونحن من صلب هذي الأرض ونحن خميرها ومغروسون فيها منذ ألفي عام.
إذا كان المقصود من الخطف تقوية النعرة الطائفية وبث روح التكفير تجاه الآخر، فنحن نرى أن هذه الايديولوجيات المتطرفة غريبة عن ماضي وحاضر حضارتنا المشرقية، ونحن كمسيحيين نرى في الآخر محك محبتنا وتقوانا لله ونرى فيه، ونأمل ونثق أن يرى فينا، مبَرةَ مسعاه إلى رحمانيته تعالى.
إذا كان المقصود من الخطف والتغييب الإيحاء بأن هنالك صراعاً بين المسلمين والمسيحيين في الشرق، والادعاء أن الشرق مسلم والغرب مسيحي، فنحن هنا لنشهد أن المسيحية وُلدت في الشرق والأحداث الآثمة الأخيرة لم توفر لا كنيسةً ولا مسجداً وأن نار الإرهاب لم تفرق شيخاً أو كاهناً والمستهدف من وراء كل هذا هو الإنسان المشرقي.
وإذا كان التعتيم التام على الملف يهدف لزرع الوجل والرهبة في نفوسنا، فنحن كمسيحيين لنا في صليب ربنا عبرةٌ ومنه نتعلم ألا نهابَ قدراً أو محنةً. ونحن مغروسون في هذه الأرض كما انغرس فيها يوماً ما صليب المسيح فأنبض فجرَ القيامة.
لقد طالتنا الشدة في هذا الظرف الصعب فوحدتنا المحنة الحاصلة. ونحن كمسيحيين مشرقيين أحوج ما نكون إلى التضامن والتكافل في هذه الأيام. لم يسأل خاطفو المطرانين عن طائفتهما ولا عن انتمائهما. لقد رأوا فيهما وجه المسيح وسلام الرسل القديسين الأطهار. ونحن اليوم مدعوون أكثر من كل لحظة إلى أن ننظر إلى ما يجمعنا كمسيحيين وإلى ما يعزز تعاوننا وتلاقينا وسط كل هذه الظروف القاسية علينا وعلى غيرنا.
إن أكبر تجربة قد نتعرض لها في هذا الملف هي أن يتسرب إلى أذهان البعض منطق النسيان بفعل الزمن. ولا ضير أن نذكر أننا وخلال الفترة المنصرمة، لم نترك باباً إلا وطرقناه. لقد تواصلنا وعلى أرفع المستويات مع كل المراجع والحكومات وكل ذوي القرار. طرقنا باب سفارات وحكومات وأجهزة أمن وجهات ومنظمات دولية وإقليمية. وأمام هذه الذكرى الأليمة نجدد عزمنا وجهدنا لنصل إلى خواتم مرجوة لهذا الملف شاكرين كل من شاطرنا ويشاطرنا همنا في هذه القضية الإنسانية”.