زوعا اورغ/ وكالات
محافظة نينوى هي موطن أكبر تجمع لمسيحيي العراق وكنائسهم القديمة من سريان أرثودوكس وكاثوليك. ورغم ذلك ما يزال الكثير من المسيحيين ــ مع قدوم عيد الفصح خلال هذا الاسبوع ــ بعيدين عن مناطقهم وكنائسهم في سهل نينوى بسبب الدمار الذي طال بيوتهم وكنائسهم على يد تنظيم داعش واستمرارهم العيش في مخيمات النازحين .
وكان مطران السريان الأرثودكس للموصل الاسقف نيقوديموس داوود شرف، يتولى مراسيم قداس عيد الفصح بعيدا عن مدينة الموصل في كنيسة أُنشئت حديثا في ضواحي مدينة أربيل في عنكاوا تبعد بمسافة 50 ميلاً عن الموصل.السبب في ذلك هو أن كاتدرائية القديس مار توما السريانية التي تعتبر من أقدم الكنائس الأثرية الواقعة في حي الساعة بمدينة الموصل التي اعتاد المطران تأدية القداس فيها قد تضررت كثيرا على يد التنظيم .
ويقول أحد أهالي المنطقة من المسيحيين: “لقد فقدنا كل شيء. لقد فقدنا تاريخنا، وفقدنا كنائسنا وأديرتنا وكذلك فقدنا بيوتنا وهويتنا”.
عندما اجتاح تنظيم داعش الموصل قبل أربع سنوات قال للمسيحيين في بادئ الامر إنه سيحميهم ولكنه خيّرهم بعد ذلك بالقتل أو اعتناق الإسلام أو دفع الجزية.
المطران شرف كان آخر أسقف يغادر الموصل وقد أخذ معه المقتنيات الثمينة في الكنيسية لحمايتها ،من ضمنها عظام إصبع القديس مار توما أحد حواريي المسيح .
تم طرد داعش من الموصل العام الماضي ولكن المسيحيين لم يعودوا جميعاً وبقي الكثير منهم في المخيمات مع مغادرة الآخرين البلد .
وقال مسيحي آخر يسكن في مخيم قرب أربيل: “لا نستطيع العودة الى الموصل من دون ضمانات، يجب أن تكون هناك ضمانات دولية لسلامتنا وتوفير حماية أمنية لنا .”
المطران شرف، وهو رجل كبير ذو لحية حمراء كثة، كثير الانتقاد للغرب حيث يقول عنهم إنهم يعتنون بالحيوانات أكثر مما يعتنون بمسيحيي الشرق الاوسط.
ويشير المطران الى أن، أكثر شيء متعلق به هو كاتدرائية القسيس مار توما في الموصل .
ومضى المطران شرف بقوله “هناك جثة لأحد مسلحي داعش داخل الكاتدرائية ولا يوجد من يخرجها من الكنيسة حتى الآن. وقد طلبنا من الحكومة الاعتناء بالكنيسة ولكن لا أحد يصغي إلينا .”
وبعد ثمانية أشهر من انتهاء المعارك في الموصل ما تزال هناك قذيفة هاون ملقاة قرب مذبح الكنيسة المحطم،وأعمدة الرخام ما تزال واقفة ولكنّ كثيراً منها قد دمرت وتحولت الى ركام كما لو أنّ أحداً قد حطمها بمعول حديدي. وفي مكان ما تحت الاقواس القرميدية هناك كومة من العظام البشرية المحروقة في أرضية الكنيسة .
ويقول كريم فيصل، أحد الحراس الأمنيين في المنطقة، بأنها بقايا مسلحي داعش الذيين كان غالبيتهم من الشيشانيين .
ويضيف فيصل قائلا “لقد حفروا أسماءهم على أعمدة الكنيسة الرخامية، ورسموا على كل عمود تقريباً دائرة زرقاء أو حمراء حيث كانوا يخططون لاستخدام متفجرات لهدم كل أركان الكنيسة ولكنهم بدلاً من ذلك قرروا استخدامها كسجن. حيث قاموا بغلق الباب وجميع الشبابيك. كان هناك الكثير من السجناء داخل الكنيسة وعندما وصلت قوات مكافحة الإرهاب أنقذوا من كان فيها .”كان هناك من بين السجناء نساء إيزيديات اختطفهم داعش للاستعباد الجنسي. بالنسبة للمسيحيين والطوائف العرقية الأخرى كان احتلال داعش لهم من أسوأ فصول تاريخهم في العراق الممتد لأكثر من ألفي عام .
الآن يقول المطران شرف، من أربيل إنه من بين ما يقارب 30000 مسيحي من الذين كانوا يعيشون في الموصل قبل هجوم داعش لم يعد منهم سوى أقل من مئة تقريبا، مشيرا الى أن أغلب المصلين هنا في أربيل هم من أهالي الموصل .
ويقول أنور حديد، مسيحي كان يعتاد الذهاب الى كنيسة مار توما في الموصل، “لقد سلبوا بيتنا وسلبوا محلنا، حتى بعد القضاء على داعش الآن نتخوف من الرجوع ،لأن الكثير ما يزال يتبنى فكر داعش .”
الكنيسة في عينكاوا كانت مليئة بالمصلين، أغلبهم يحاول إعادة بناء حياته من جديد في أربيل، قسم آخر منهم يخطط للهجرة الى الغرب. أما كنائس الموصل القديمة فستبقى ذكرى بالنسبة لهم .