زوعا اورغ/ وكالات
بعد طرد تنظيم داعش منها، أصبحت مدينة الموصل تضج بالأنشطة الثقافية، بدءا من المقاهي الأدبية والمعارض وصولا إلى المهرجانات، في مشهد يسعى من خلاله الفنانون وعشاق الثقافة إلى استعادة روح المدينة وتحرير الفكر بعد ثلاث سنوات من حكم المتشددين.
مقهى مختلط
وفي مشهد توقف خلال حكم داعش، جلس صغار وكبار من رجال ونساء على مقاعد صغيرة بمقهى “ملتقى الكتاب” في حي الأندلس بشرق المدينة، لتبادل الأحاديث بشغف عن الأدب والموسيقى والسياسة والتاريخ.
قبل عدة أشهر، كانت فكرة افتتاح مقهى أدبي ومختلط ويسمح بالتدخين في الموصل يمكن أن تودي بصاحبها إلى القتل أو الجلد.
فهد صباح (30 عاما)، أحد مؤسسي مشروع هذا المقهى الثقافي، خطرت بباله الفكرة خلال حكم داعش بهدف “زيادة وعي الناس وتنويرهم”، لكن فكرته لم تطبق على أرض الواقع إلا بعد طرد التنظيم.
بمجرد التخلص من داعش، بدأ صباح رحلة تنفيذ مشروعه ووجد محلا صغيرا قرب جامعة الموصل، واستثمر فيه كل مدخراته ومدخرات شريكه، لكنه يرى أن الأمر يستحق التضحية.
ويأمل من خلال هذا المشروع نشر الثقافة المعرفية بعد داعش وتجاوز تلك الفترة المظلمة وآثار حربها.
“رصيف الكتاب”
في الموصل أيضا أسس ناشطون قبل أسابيع “رصيف الكتاب” أمام جامعة الموصل وأصبح واحدا من أبرز الملامح الثقافية الجديدة في المدينة.
ويعتاد علي ثائر (23 عاما) المجيء كل يوم جمعة للاطلاع على الجديد من الكتب أمام الجدران والأبنية المهدمة للجامعة جراء المعارك والقصف.
يقول ثائر: “الناس بحاجة ماسة للوعي والثقافة بعد الظروف القاسية التي مروا بها”.
ويرى أن فكرة الرصيف “مهمة جدا لإعادة بناء العقول بعد الفترة الماضية أكثر من بناء البيوت والشوارع” التي دمرها التنظيم المتشدد.
ويعتقد الباحث يونس محمد (33 عاما) أن “الموصل ستنهض من جديد” بهمة شبابها ومثقفيها.
ويلفت رئيس اتحاد أدباء نينوى عبد المنعم أمير إلى ضرورة “إبراز الوجه الإنساني والثقافي والعلمي للمدينة، بعد أن شاهد العالم أجمع صور خرابها ودمارها”.
إمكانات محدودة
ولكن حتى الآن، فإن كل ما يجري من تحديث يتم بوسائل محدودة، في مدينة أنهكتها الحرب وتأكلها البطالة ويزيد من عجزها البطء في إعادة الإعمار.
وبسبب انقطاعها عن الحكومة المركزية خلال سنوات سيطرة داعش، حرمت الموصل من تخصيص ميزانيات لمؤسساتها وموظفيها.
ويشير الكاتب حامد الزبيدي إلى أن “على الدوائر الحكومية والمدنية المعنية بأمر الثقافة القيام بواجبها”.
وترى المهندسة هند أحمد (31 عاما)، التي وضعت حجابا أبيض مزينا بفراشات ملونة وسترة عاجية اللون “للمرة الأولى” بعد طرد داعش، أن هذه المهمة تمثل الكثير للعراق.
وتقول إن المشاريع الثقافية الجديدة في المدينة “تعمل على تحرير العقل والفكر بعد تحرير الأرض، وتتيح المجال للحضور والمشاركة أمام الجنسين”.