1. Home
  2. /
  3. يوم الشهيد الأشوري، استذكار...

يوم الشهيد الأشوري، استذكار .. وتذكير

فواد الكنجي

في ذكرى يوم الشهيد الأشوري الذي نستذكره في السابع من شهر اب كل عام، إنما هو استذكار لنضال شهداء أبناء امتنا الأشورية رموز التضحيات الخالدة في ضمير وتاريخ الأمة حاملي شعلة الحضارة والتاريخ والنضال، وراحوا في ساحات الوغى مدافعين عنها وعن قيم الأمة الأشورية، فضحوا بأرواحهم دفاعا عن الأرض والعرض الأمة فأريقت دمائهم الطاهرة من اجل قضايا وأهداف أمتهم القومية والمصيرية في الحرية وحق تقرير المصير.

ففي السابع من اب؛  إن نستذكر هذه المناسبة من مجاز التي ارتكبتها الحكومة الملكية العراقية بحق امتنا عام 1933 في مدينة (سميل)، وعلى ضوئها نتذكر أيضا مذابح الإبادة الجماعية التي ارتكبها الأتراك عام 1915 ومذبحة صوريا عام 1969 وجرائم الاستهداف التي ارتكبت في العراق منذ عام 2003 في قتل وتهجير قسري وخطف وتهديد أبناء الأمة الأشورية في كل مدن العراق لتنتهي باحتلال الإرهابيين مدينة (الموصل) وسهل نينوى بإعادة نفس السيناريو في القتل والذبح الأشوريين عام 1933، ليعلن الإرهابيون كما أعلنت حكومة (رشيد عالي الكيلاني) بإعلان قتل الأشوريين المسيحيين وخيارهم بين الاسلمة أو القتل، في كل إنحاء المدينة عام 2014 ليشهد شعبنا الأشوري اكبر حملة تطهير عرقي وديني في تاريخ العراق المعاصر، ليعقب عبر هذا الحدث اكبر موجة هجرة ونزوح بين أبناء الأمة الأشورية لتتوسع مساحة استهداف الأشوريين لتمتد إلى الأراضي الدولة (السورية) وفي مناطق الأشوريين في (الخابور) و(الجزيرة السورية)، ليواجه الأشوريين موجة بشعة من هجمات بربرية وحشية قادها الإرهابيين حاملي شعارات الإسلام المتطرف وباسمه ليتم قتل كل من يخالفهم العقيدة والدين للقضاء على وجودنا القومي والديني في المنطقة .

ومن هنا إن نستذكر يوم الشهيد الأشوري في السابع من اب في هذا العام فإننا أولا نتذكر كل من التحق بركب المجد والخلود في سفر النضال، وثانيا لنذكر كل شريف من أبناء شعوب هذه المنطقة والعالم اجمع لإنصاف قضية امتنا الأشورية التي ما انفك وجودهم من الاستهداف من قبل قوى الظلم والطغيان والقوى الغازية والأنظمة الاستبدادية الحاكمة والقوى الظلامية الإرهابية الدينية والقومية العنصرية، فدعوتنا للقوى الخيرة ما هي إلا من أجل التضامن وإنصاف قضية امتنا الأشورية لتحقيق طموحاتنا ومطالبنا القومية المشروعة في حق تقرير المصير في العراق التي كفلته كل التشريعات واللوائح الدولية ومنظمات حقوق الإنسان، لكي نحافظ على كياننا من الانصهار والحفاظ على وجودنا القومي والتاريخ على أرض آشور، ارض العراق ارض الإباء والأجداد الأشوريين، الذين بنو فيها أعظم حضارة وإمبراطورية في التاريخ القديم، وهي دعوة لبذل المزيد من الجهود والمشاركة مع كل القوى الشريفة ومن أجل الدفاع عن الحقوق القومية المشروعة، ومن أجل حرية لأمتنا الأشورية، وهو أيضا تأكيدا على همجية وبربرية قوى الشوفينية والدينية المجرمة المتمثلة بدولة ما سميت بالدولة ألخرافة الإسلامية الداعشية والتي كان أول أهدافها هو القضاء على وجودنا القومي والديني من المنطقة لإنهاء والاستيلاء على أراضيه التاريخية وفرض مشاريعهم العنصرية ومحو تاريخ هذا المكون العريق الأصيل من مكونات الشعب العراقي، من على أرض آشور في العراق، فراحوا يدمرون كل مواقع الآثار للحضارة الأشورية وذلك بتجريف مواقعها وتدمير التماثيل الأثرية للحضارة الأشورية ومقامر المسيحيين الأشوريين في الموصل وتدمير الكنائس وحرق المخطوطات التاريخية والألواح الحجرية لحضارة أشور، بعد إن اخلوا المدينة من الوجود الأشوري المسيحي، وهو أمر لم يحدث في تاريخ الوجود الأشوري في مدينة الموصل رغم تتابع الموجات المعادية لامتنا الأشورية ورغم ما تم إعلانه ونشره في الجرائد الرسمية في الدولة العراقية الملكية عام 1933 بذبح وقتل وطرد جميع الأشوريين من العراق، إلا إن الوجود الأشوري ظل قائم في المدينة رغم بشاعة الموقف وظروفهم آنذاك.

وعليه فإننا إن نستذكر.. نذكر كل الشرفاء في المنطقة؛ إنما يأتي – كما قلنا –  من اجل رفع الظلم والاستبداد والاعتراف بهويتنا الأشورية القومية والدينية وحقوقنا الكاملة في ظل ما نصبو إلية؛ مع كل الشرفاء والأحرار في المنطقة والعالم؛ من اجل بناء أنظمة سياسية ديمقراطية في العراق والمنطقة يصونوا حقوق ألمواطنه والمواطنين ويعترفون دستوريا بوجودنا كقومية مع كل القوميات المتعايشة في العراق والوطن العربي ودينيا مع كل الديانات الموجودة فيه، لتحقيق العدالة القومية والدينية لكل المواطنين وتحقيق العدل والمساواة بدون تمييز بين مختلف مكونات المجتمع ودون تميز وفق أسس عرقية أو دينية أو سياسية.

لأننا اليوم حقيقة نواجه مرحلة حاسمة قد تكون الأخطر على مر تاريخ، لان المشهد السياسي على الأرض يبدو جليا بتكالب قوى الغدر على امتنا الأشورية لتجريدها كقيمة حضارية و إنسانية فيحاولون بشتى أساليبهم القذرة إنهاء وجودها. ومن هنا تأتي أهمية إن يدرك أبناء امتنا دور النضال والسير قدما على درب من سبقونا ومن عهد أمته وعمل بكل جد وإخلاص من اجل الحرية ونيل حقوق القومية، لأننا اليوم معرضون كما كان واقع الحال امتنا في التاريخ الماضي القريب نتعرض للعمليات التطهير والهجرة القسرية والتشرد والعنف والقتل والاستيلاء على الممتلكات والأراضي من اجل تغير الديمغرافي للمنطقة، وفرض مشاريع عنصرية على أرض امتنا التاريخية بهدف إنهاء وجودنا القومي والقضاء علينا كليا، فممارسات الأمس القريب تتكرر اليوم وبشكل أبشع مما كان، فالتنظيمات الإرهابية المتثوبة بلباس الدين الإسلامي المتطرف يمارس نفس منهج الإبادة القديم الذي مارسته الحكومات العراقية السابقة والحالية، فامتنا التي تتعرض لمجازر الإبادة العرقية على مدى عصور طويلة ما زال أبنائها سائرين في طريق الفداء يقدمون التضحيات الجسيمة دون ثمن، فهم يجسدون ثقافة الشهادة تأكيدا على استمرارية التمسك بالإرث الحضاري والتاريخي والوطني والقومي لامتنا الأشورية الخالدة على ارض العراق ارض أشور والحضارة الأشورية الخالدة.

فقوافل الشهداء الذين أريقت دمائهم على مذابح الحرية والحقوق القومية وحق تقرير المصير ما هي إلا شهادة مستمرة على أرض الآباء والأجداد، وهي حقيقة ثابتة في حياة كل إنسان أشوري وكل فرد وعائلة من أبناء امتنا الأشورية أينما كانوا وأينما تشتتوا، لان إرادة الأمة ماضية قدما وبإصرار على تحقيق المشروع القومي بإقامة كيانهم القومي الأشوري على أراضيهم التاريخية في العراق، فيقدمون التضحيات بالنفس وبالغالي والنفيس، وهي تضحيات تنبع من إيمان الإنسان الأشوري بحق أبناء الأمة الآشورية بكافة انتماءاتهم الكنسية في الوجود والعيش على أراضيهم التاريخية بحرية وكرامة وهو استمرار في الكفاح من أجل التحرر من الطغيان و من كافة أنواع الممارسات القمعية وجرائم القتل والتهجير التي تتعرض لها امتنا الأشورية على يد القوى الظلامية المتطرفة والعنصرية والشوفينية .

فوعي أبناء امتنا بما حدث ويحدث اليوم هو الذي يوقد في فكرههم شعلة استذكرا شهدائهم واستذكار تاريخ نضالهم الخالد ليكن شعلة نوقدها لينير لنا دربنا ونسير على ضوءه، ولهذا وجد الأشوريين المنضمين إلى (الاتحاد العالمي الآشوري) يوم السابع من اب يوما للشهيد الآشوري وهو يوم أعلن رسميا عام 1970 بكونه يوم العالمي للحداد في المجتمع الآشوري وتذكار لمذبحة (سميل) التي ارتكبها الحكومة العراقية بحق الأشوريين في العراق عام 1933 والذي راح ضحية بحدود (خمسة ألاف إنسان أشوري) وتدمير وإحراق بحدود 63 قرية أشورية، الأمر الذي اصطلح على هذه المجازر التي ارتكبتها الحكومة العراقية برئاسة (رشيد عالي الكيلاني) ونفذها المجرم (بكر صدقي) بـ(الابادة العرقية) .

ومن هنا فقد جاء إحياء يوم الشهيد الأشوري كقضية الأمة التي بدونها لا يمكن أن تحرر الأمة من أغلال المستعمر والعبودية والقمع والاضطهاد والتكبيل ومصادرة الحرية وحقها في تقرير المصير، فالأمة الأشورية لن ولن تستطع أن تتجاوز أغلال عبوديتها وتخلفها، ولن تستطيع أن تستعيد تاريخها ودورها الحضاري والسياسي في العراق والمنطقة والعالم بدون أن تنمو في فكر أبنائها وعقولهم روح الشهادة التي تولد الشهداء الأحياء الذين بشهادتهم يسلمون رايات الأمة وحريتها – وبقوة التحدي والإرادة في النفوس – إلى أبنائهم وإخوانهم وأقربائهم ليواكبوا مسيرة النضال على خطاهم؛ ليستطيعوا أن يقودوا الأمة جيل بعد جيل نحو النصر في طريق الحرية والنضال ونحو ختم حياتهم بالشهادة، هذا هو الطريق الوحيد للخروج بالأمة الأشورية مما هي عليه، وهذا هو شرط التغيير الوحيد الذي يجب أن يتوفر في نفوس وعقول وإرادة معظم أبناء الأمة لتستطيع الأمة تغيير ما يحيط بها وما يحدث لها من قمع واضطهاد وقتل وخطف وتهديد وتهجير وتشريد .

فحيوية امتنا الأشورية وروح انبعاثها لا يأتي دون وعي الأمة بقيمة الشهادة، وتصوراتها بين أبنائها، فكلما نمى في الأمة وعي بروح الشهادة وزاد عدد هؤلاء الشهداء كلما كانت الأمة أقدر على النهوض وأقرب إلى تحقيق أهدافها من خلال تحقيق قضيتها في الحرية وحق تقرير المصير، وكلما ندر في الأمة عدد الشهداء كانت الأمة أعجز عن النهوض، وأقرب إلى أن تكون منالا سهلا لأعدائها والمتربصين بها، ومن جوهر هذه الحقيقة التي لابد إن يعي بها كل أبناء امتنا الأشورية ليتمكنوا استنهاض الفلسفة الحقيقية لقيم الشهادة في نفوسهم وضمائرهم، وذلك بالبحث في جوهر التكامل الروحي والوعي لاستنهاض قيم التضحية وأهميتها لتحقيق أهداف الأمة في الحرية وحق تقرير المصير.

ومن هنا فان يوم الشهيد الأشوري بقدر ما هو مناسبة واحتفالية كبرى التي يحتفي بها شعبنا بكل مؤسساته الدينية والسياسية والاجتماعية في السابع من اب من كل عام بشهدائها الأبرار، الذين سقطوا على أرض (سميل) عام 1933 وامتزجت دماؤهم الزكية بثرى التراب في العراق، دفاعا عن حقهم في تقرير المصير والكرامة، إنما هو يوم لإحياء روح العزيمة والإرادة في نفوس أبناء هذه الأمة لسيروا في طريق النضال والشهادة من اجل حرية أمتهم وحقها في تقرير لمصير.

فبتكريس هذا اليوم في تاريخ امتنا الأشورية، ما هو إلا فخر واعتزاز الأمة بتضحيات رجال ضحوا بأرواحهم من أجل إعلاء راية أمتهم الأشورية على ارض الإباء والأجداد، ومن اجل حفظ أمن أمتهم ومستقبلها ومن اجل الاستقرار والسلام في ربوعها وتأكيد قيم الولاء والتضحية والفداء للأمة الأشورية، كمدرسة ومنهج مستمدين من تاريخ امتنا الأشورية ومن قيم (الكنيسة المشرقية) التي أسست بتقديمها أروع دروس في الشهادة دفاعا عن مقدساتها ومبادئها، وما الحركة القومية الأشورية إلا وقد تأسست هي الأخرى بدماء الشهداء الذين ضحوا في سبيل أهداف أمتهم القومية وفي حق تقرير المصير.

فجماهير شعبنا التي اليوم تحي السابع من اب يوم الشهيد الأشوري كعيد قومي لشهادة ولشهداء الأمة، هم اليوم أشد وعيا وإيمانا بان الوصول إلى الحقوق وتحقيق أهدافها امتنا القومية في حق تقرر المصير والحرية لن يتم بدون تقديم التضحيات، لأن صون الحقوق والحرية لا يكون بغير النضال والشهادة، ولا يرد المعتدين ويهزم الطغاة دون النضال والشهادة، ولن نشعر بالكرامة ونسعد بهذا الشعور إلا بقدر ما نشعر أن النضال والشهادة جزء لا ينفصل من كياننا النفسي والبدني لبناء الأمة الأشورية من اجل تحرير أراض أشور من الطغاة والمحتلين .

ففي هذه المناسبة إن نستذكر شهداءنا، تعود بنا الذاكرة إلى أول قافلة في تاريخ امتنا الحديث والمعاصر وهي قافلة شهداء الذي نسميهم بـ(قافلة شهداء الحكم الذاتي الأشوري) التي طالب بها الزعيم والقائد الروحي (البطريرك مار ايشا شمعون)(*) بطريرك كنيسة المشرق الأشورية في العالم الذي كان يتزعم حركة الاستقلال الأشوريين في العراق، فقد قام البطريرك (مار ايشا شمعون) بإعلان الاستقلال الآشوري في العراق والذي طالب المقاتلين الأشوريين الاستعداد وحمل السلاح لدفاع عن مناطقهم وحمايتها في وقت الذي رفع مطالبه للحكومة العراقية بالاستقلال وكانت هذه المطالبة مدعومة من قبل بريطانيا آنذاك ولكن بريطانيا تخلت عن وعودها فيما بعد، وقد عرض البطريرك هذه القضية إلى عصبة الأمم سنة 1932 ولكن الطغاة الحاكمين في وزارة (رشيد عالي الكيلاني) في (بغداد) رفضوا مطالبه واستغلوا غياب الملك (فيصل)عن العراق بإعلان قتل جميع الأشوريين في العراق، وهكذا أسكتوا صوت الحق بإعلانهم مذبحة قاسية بحق أبناء الأمة الأشورية من الأبرياء راح ضحيتها أكثر من (خمسة ألاف أشوري)، في وقت الذي كان الأشوريون يعانون جراحات الحرب العالمية الأولى ولم تندمل جراحاتهم بعد، لكونهم لتوهم قد خرجوا من مذابح التي شنها الأتراك ضدهم عام 1915 و1918وان الكثير منهم كان ما يزال يعيش في المخيمات هنا وهناك، لتقوم الحكومة الملكية إسكات صوتهم بفعل شنيع عبر جريمة تنفيذ الإبادة الجماعية بحقهم في العراق، وهكذا اسكتوا صوت الذي علا في أرجاء الساحة الأشورية في العراق واللذين أعلنوا حركة النضال دفاعا عن عزة الأمة وكرامتها وهويتها القومية الأشورية وحقها في تقرير المصير، ولم تكن تلك القافلة الأولى والأخيرة بل سبقتها قوافل عديدة من الشهداء – كما قلنا سابقا –  من الذين سقطوا في مجابهة الغزاة والقوى التركية الغاشمة التي شنت حرب الإبادة عرفت باسم مذابح (سيفو) عام 1915 ولغاية عام 1918، وتتالت قوافل الشهداء بعد ذلك في مرحلة مواجهة قمع النظام البائد الذي شن مذبحة (صوريا) عام 1969 وتلي بعد ذلك استهداف الأبرياء من أبناء امتنا الأشورية في العراق منذ عام 2003 ولغاية 2014حين طردوا أبناء الأمة الأشورية ولأسباب قومية ودينية من الموصل وسهل نينوى بشكل وحشي سافر، حيث سقط على مذابح الحرية آلاف الأبطال من الشهداء الأشوريين الذين سطروا ملاحم بارزة ودروسا في الشهادة والدفاع عن كيانهم و حقوقهم وحريتهم، ولا يزال شعبنا الأشوري يقدم التضحيات تلو التضحيات في مواجهة أشرس عدوان تتعرض له أمتنا الأشورية وبلغت ذروة الشهادة والتضحيات في مواجهة الإرهابيين الدواعش، وما زالت امتنا تقدم مزيد من التضحيات وتتواصل اليوم قوافل الشهداء من اجل نيل حقوق الأمة المشروعة في الحرية وحق تقرير المصير.

وأمتنا إن تتعرض اليوم لأخطر هجمة إرهابية عنصرية، تدعونا إلى أكثر ثباتا وتمسكا بأرضنا و بحقوقنا القومية، ونتزود بمعاني الشهادة والتضحية فداءا للوطن والأمة الأشورية, لأننا نستلهم بالإرادة وثقة الأمة بالنفس عبر تاريخ أمتنا الحافل بدروس الشهادة والملاحم البطولية والانتصارات التي سطرها أبناء شعبنا في ساحات المعارك ليس في تاريخ إمبراطوريتا فحسب بل في ساحات معارك في الحرب الكونية الأولى وفي معارك التحرير في العراق عام 1933التي لولا خيانة بريطانيا و وعودها لما كانت حكومة الملكية استطاعت تنفذ جريمتها بإبادة (خمسة ألاف إنسان أشوري) في منطقة (سميل) وهم بدون سلاح وجلهم كانوا من الأطفال والنساء والشيوخ وتم قتلهم بدم بارد لإجبار المقاتلون الأشوريين للرضوخ وللاستسلام، بعد إن كان الجيش الملكي يلاقي هزائمه ويتكبد خسائر فادحة في أكثر من موقع وخاصة في محور (نهر خابور و ديربون ) من قبل المقاتلين الأشوريين، ولما أحس المقاتل الأشوري جسامة التضحيات في صفوف العوائل الأشورية وخوفا من توسع جرائم الإبادة ليشمل كل أبناء الأمة الأشورية في العراق أوقفوا قتالهم وسلموا أسلحتهم إلى الجيش العراقي الذي استخدم السلاح الثقيل والطيران الحربي ضدهم في وقت الذي لم يمتلك المقاتلون الأشوريون سوى السلاح الخفيف الذي لم يسلموه إلى البريطانيين اثر انسحابهم من جيش (ليوي) الذي أسسته بريطانيين من المقاتلون الأشوريين فحسب، وهو واحد من الأسباب الذي أثار ضغينة الانكليز فغضوا النظر عما قامت به حكومة (رشيد عالي الكيلاني) ضدهم، ولم يكترثوا بما كان يحدث من جرائم الإبادة الجماعية بحق الأشوريين الذين كانوا معهم تحت حلف واحد إعقاب الحرب العالمية الأولى ولم يتحركوا لإنقاذ الأشوريين رغم كل محاولات البطريرك ( مار ايشا شمعون الثالث والعشرون ) ورسائله إلى عصبة الأمم المتحدة والمحافل الدولية التي لم يكترث بها احد، ورغم قسوة الحدث ورغم ما أريد للأشوريين من خلال تنفيذ مجاز الإبادة الجماعية عام 1933 من اجل تحطيم إرادتهم وإسكاتهم واقتلاعهم من جذورهم، إلا إن امتنا الأشورية وكنيستنا المشرقية العظيمة رغم ما قامت به الحكومة العراقية باستدعاء البطريرك (مار ايشا شمعون) إلى بغداد ومن اجل التفاوض مع حكومة (حكمت سليمان) ولكن البطريرك رفض التخلي عن مطالبه فقرت الحكومة باعتقاله ووضع تحت الإقامة الجبرية في نهاية حزيران 1933، ومن ثم نفيه إلى(قبرص) في أواخر اب من عام ذاته، و في عام 1944 انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ورغم كل ما حدث لامتنا الأشورية عام 1933 وما تلاه إلا أن امتنا خرجت من محنتها وهي أكثر صلابة وأشد تصميما وأقوى عزيمة على التمسك بحقوقنا القومية والتشبث بأرض الإباء والأجداد في بلاد الرافدين وبمبادئنا لندافع عنها مهما كانت الظروف والضغوط والتحديات .

…………..
(*) مار شمعون الثالث والعشرون (1908 – 1975)، هو ((.. بطريرك كنيسة المشرق الأشورية، ولد قداسة البطريرك (مار إيشا شمعون) في السادس و العشرين من شباط من عام 1908 في قرية (قوجانس) غرب آشور، جرت انتخابات البطريرك في (بعقوبة) وتمت رسامته في (كنيسة مريم) ليتقلد الكرسي ألبطريركي الثالث و العشرين، وبعد أربع سنوات من رسامته، قصد البطريرك (مار ايشا شمعون) بريطانيا لإكمال مسيرته التعليمية حيث أنهى دراسته في جامعة (كامبردج) في (بريطانيا) وعاد إلى( العراق) في عام1927 ليدافع عن مصالح أمته و شعبه الآشوري، فهو أول بطريرك طالب بحكم ذاتي للآشوريين في شمال العراق وسعى لحشد الدعم البريطاني من أجل ذلك، كما عرض البطريرك هذه القضية إلى عصبة الأمم عام 1932، وهو العام الذي حصول العراق على استقلاله إي في (الثالث من تشرين الأول عام 1932) ودخوله عصبة الأمم ، وكان الآشوريين قد صوتوا بضم لواء الموصل إلى العراق بعد إن كان تابعا إلى تركيا في استفتاء 1925.

حيث استلمت (عصبة الأمم المتحدة) في الفترة بين (1931 و1932 ) خمس وثائق قدمها البطريرك من العراق حدد فيها مطالب الأشوريين قبيل إنهاء الانتداب البريطاني على العراق، جاءت الوثيقتين الأولى والثانية في (20 و 23 تشرين الأول عام 1932) حيث طالبوا فيها بنقل اللاجئين إلى دولة تحت سيطرة قوة أوروبية، وفضلوا بذلك سوريا التي كانت لا تزال تحت الانتداب الفرنسي، لم تعترض بريطانيا أو العراق على هذا الطلب غير أنه لم يتطوع أي طرف لتحقيق هذه المطالب.
جاء الطلب الثالث في( 16 حزيران 1932 ) حيث التقى البطريرك مع قادة الآشوريين في (العمادية) ورفع المجتمعون وثيقة إلى الحكومة العراقية وعصبة الأمم تدعو إلى الاعتراف بالآشوريين كملة (شعب) ضمن العراق وتطالب بإعادة ترسيم الحدود مع تركيا بحيث تضم منطقة (حكاري) بالإضافة إلى (العمادية) وبعض أطراف أقضية (زاخو ودهوك والعمادية)، كما حثت الوثيقة على إنشاء منطقة (الحكم الذاتي) لهم أما في مناطق (حكاري) الواقعة تحت السيادة التركية حينئذ أو في المناطق الجنوبية المتاخمة لها في (زاخو والعمادية ودهوك)، كما طالبت هذه العريضة بالاعتراف بـ(مار شمعون) زعيما روحيا ودنيويا عليهم، وإعطاءه صلاحية لتعيين عضو يمثلهم في البرلمان العراقي، غير أن الحكومة العراقية سرعان ما رفضت هذه المطالب خشية تلقي دعوات مماثلة من قبل مجموعات عرقية ودينية أخرى كالأكراد والعرب الشيعة.
جاء الطلب الرابع في( 21 ايلول 1932 ) وقد وقع عليه 58 من الأعيان ممثلين 2395 عائلة، وبحسب المصادر البريطانية فقد صدرت هذه الوثيقة من مطران برواري بالا والعمادية .

وفي اليوم التالي أصدر (مار ايشا شمعون) وثيقة الخامسة يؤكد فيها على حقوق الآشوريين في المطالبة بعودة (حكاري) إلى العراق أو توطين الآشوريين في المناطق المحاذية لها، ولكن المسألة الآشورية في (عصبة الأمم المتحدة) تفاقمت بدلا من حلها، فقد منع البطريرك (مار ايشا شمعون) من أن يشارك في بحث المسألة الآشورية في اجتماعات (عصبة الأمم) في جنيف، فأبدى امتعاضه برسالته المؤرخة في 16 كانون الأول 1932 والموجهة إلى لجنة الطعون الدائمة، واستنكر فيها ما أقرته لجنة الثلاثية مبينا أن القرار المتخذ لا يتطابق مع التوصيات المقدمة من قبل اللجنة سابقا وأن القرار الأخير لا يضمن أمن و مستقبل الشعب الآشوري..)) .

Posted in غير مصنف

zowaa.org

menu_en