1. Home
  2. /
  3. اراء
  4. /
  5. مقالات
  6. /
  7. مار شمعون بنيامين البطريرك...

مار شمعون بنيامين البطريرك الشهيد … ج 4

يعكَوب ابونا

كان النزوح الذي اشرنا اليه في الحلقة (الثالثة)  اكبر نزوح للاشوريين من اوطانهم خلال قرون عديدة ، بعد وصولهم الى باشقالا في اوائل ايلول 1915 فوصل المهاجرين الى ايران بعد ان عبروا مسافة 100 كم في الجبال ، في 15 / ايلول / 1915 زار ( جيرنوزوبوف ) مارشمعون ودعاه الى البقاء في باشقالا بانتظار اوامر بطرسبورغ . كما ان  قيصر روسيا نيكولاي الثاني  ابرق الى مارشمعون  يعبرعن امله بان يعود وشعبه باقصى فترة ممكنه الى بلاده منتصرا .

منع جنرالات الروس دخول الاشوريين الى ايران وارادوهم ان يبقوا لهم سورا حربيا وبشريا يحمي قواتهم ، فكتبت القيادة الروسية الى البطريرك رسالة  يقولون بها : ( ان شعبكم جبلي ويجب عليه ان يعيش في الجبال فقط ولهذا سيعطى لكم الحق بالعيش في جبال ارارات على خط الحدود الايرانية حتى ( شمدينان ) وربما الى ( راوندوز ) . فمن الطبيعي جدا ان يعارض البطريرك ذلك المقترح الذي ينطوي الى تحقيق مصالحهم الذاتية على حساب مصالح الشعب الاشوري الذي يتحمل كل تلك المصائب من اجل بناء وطن له وليس تضحيته من اجل الاخرين ولكن للاسف ( ان الرياح في الكثير من الاحيان تهب بما لاتشتهي السفن ) ،

بعد عدة ايام وصلت الى مناطق تواجدهم وفود من البعثات التبشيرية الاوربية والامريكية ، كل بعثة كانت تسعى لاكتسابهم الى جانبها ، وتضعهم امام الامرالواقع بدعوتهم لقبول الانتماء اليها ، مقابل ان تقدم لهم البعثة مساعدتهم .!!؟؟

رفض مارشمعون هذه العروض وتوجه بنداء الى الحلفاء يدعوهم فيه الى مساعدة شعبه الاشوري الجائع والاعزل والذي يتعرض للابادة الجماعية  لكن نداءه لم يلقي اذنا صاغية . استغلت تركيا والالمان الخلافات بين الاشوريين والروس فعرضوا على مارشمعون الرجوع الى حكاري وتزويده بالمال والسلاح وتنفيذ جميع العروض التي قدموها له سابقا ……

بعد تلك الاحداث غيرت الحكومة الروسية سياستها تجاه الاشوريين ، لانها كانت لها مطامعها في ( سنجاق حكاري )  لان في تلك الاثناء كانت هناك محادثات بين الحلفاء حول تقاسم ارث الامبراطورية العثمانية بينهم بعد سقوطها . فارادة روسيا التقرب منهم ، وليكونوا الاشوريين ورقة بيدها تجاه الانكليز والفرنسيين . الا ان الالمان اردوا هم كذلك اللعب على ورقة الاشوريين ، ففي خريف 1915 تمت مباحثات المانية اشورية في طهران والتي بموجبها تعهدوا الالمان بارجاع الاشوريين الى مناطقهم في الدولة العثمانية  ، كانت لهذه المباحثات صداها لدى الروس ، فما كان من القنصل الروسي في ( تبريز ) الا ان يوجه رسالة الى قائد قوات القفقاس يقول فيها (  اعلمكم بان الاجتماعات الالمانية الاشورية حقيقة واقعة وقد وعد الالمان المارشمعون بارجاعه الى ارضه واعادة امواله ومساعدته وتزويده بالسلاح ) . فاجابه القائد برقياً بانه ينتظر وصول البطريرك الى ( تفليس ) في اقرب وقت .

في كانون الاول 1915 تلقى البطريرك مارشمعون برقية من قائد قوات روسيا في القفقاس

( نيكولاي نيكولايتش ) تتضمن دعوته لزيارة ( تفليس )  لاجراء بعض المباحثات ، توجه البطريرك برفقة فصيل روسي بالسيارة الى( جلفا ) الروسية وكان برفقته القس( زهارايشا ) والقس ( مار ايليا ابونا ) من القوش ، وبعد ان تفقد البطريرك حرس الشرف في(جلفا  ) الروسية توجها بالقطار الى ( يرفان ) وكانت الاعلام ترفرف على طول الطريق ، وفي ( يرفان ) استقبل البطريرك من قبل الجنرال ( نزاروف ) قائد حامية المدينة واقيمت له مؤدبة غذاء فخمة ، وفي( تفليس ) استقبل بحفاوة بالغة من قبل رئيس هيئة اركان جيش القفقاس (ارلوف ) ومن اهالي المدينة. ومنحت له الحكومة القيصرية الروسية احد اوسمتها تقديرا لوقوفه ومساندته للقوات الروسية . وفي اليوم التالي لوصوله الى تفليس تم اللقاء بينه وبين قائد قوات القفقاس ( نيكولاي نيكولايفتش )  نوقشت العلاقة بين الطرفين وتعهد الروس بالتعاون لايجاد دولة للاشوريين وذلك مقابل ما يقدمونهم ، كما تعهد الروس بعدم سحب قواتهم من اذربيجان الايرانية وتشكليل جيش اشوري خاضع للجيش الروسي .

تم تشكيل ثلاث قطع عسكرية اشورية تخضع اثنان منها الى القيادة الروسية وتخضع الثالثة لرئاسة مارشمعون . بعد عودة مارشمعون الى ايران بعث برقية الى قيصر روسيا نيكولاي الثاني والى القائد القفقاسي يقول فيها ( اليوم استعرض الجنرال ” جيرنوزوبوف ” القطعات الاشورية الحديثة التشكيل وباسمي وباسم الشعب الاشوري اقدم شكري لكم لان شعبي استطاع ان يحصل على فرصة الكفاح مع الجيوش الروسية المعظمة ضد العدو المشترك ).

 

كان اول عمل قامت به القوات الاشورية بقيادة اخ البطريرك ( داويذ ) هو الهجوم على الشيخ ( سوطو اغا ) الكردي فحطموهم وابادوا انصاره ، وهم الذين كانوا قد قتلوا الجنود  القوزاقي الذين كانوا متوجهين لمساعدة الاشوريين . فمنحت الحكومة الروسية اوسمة ومداليات للجنود الذين ابلوا بلاء حسنا في هذه الحملة .

كما ارسل قيصر روسية برقية تهنئة الى مارشمعون . في مايس 1916  وجهت القوات الاشورية الى قلب المناطق التي يقطنها الاكراد في الشمال بتوجيه من الجنرال ( جيرنوزوبوف ) لتهدئة الاكراد ونسف خطوطهم الداخلية . ولم يكتفوا بذلك بل حطموا معها القوات التركية التي كانت متواجده في المناطق الاشورية . كانت الفرق العسكرية قد قسمت الى ثلاثة اجنحة بقيادة  داويذ اخو البطريرك والملك اسماعيل والملك اندريوس ، تقابلت مع القوة التركية – الكردية القادمه من الموصل للنجدة فاستطاعت القوات الاشورية من صدها وردها ..

في اكتوبر عام 1917 اندلعت الثورة الروسية الاشتراكية ، فكان اول اعمالها عقد هدنه مع المانيا وحلفائها من اجل وقف الحرب الاستعمارية ، ففي 7 كانون اول 1917 اوقفت روسيا جميع عملياتها العسكرية وعلى جميع الجبهات وبضمنها جبهة القفقاس ، تجاوبت القيادة التركية وتسارعت باعادة رفع معنويات جيشها . في 22 اذار 1918 تم انسحاب الجيش الروسي من ايران . ومنذ ذلك التاريخ استعدت تركيا لخوض حرب جديدة سماها

( ليندندورف ) قائد الجيوش الالمانية ( حرب القتل والنهب ) .

في شباط 1918 بدا الاتراك هجومهم على منطقة ( وان – بياز ) لاختصار الطريق الى الحدود الايرانية الروسية وفتح طريق الى باكو . تلازم ذلك مع طلب الحكومة الايرانية من الاشوريين نزع سلاحهم في الوقت الذي لم  يطلب من غيرهم ذلك .

ارسل البطريرك مارشمعون رسالة الى الحكومة الايرانية بين فيها ان الاشوريين لا يهددون امن ايران ولا يخلون باقتصاده وبان سلاحهم سيوجه للدفاع عن انفسهم وعوائلهم .

وما دامت ايران لاتستطيع الدفاع عن الاشوريين فانهم لن يلقوا السلاح وسيلقونه فوراً اذا ما نزع سلاح كل الاقوام الساكنه بجوارهم وان الاشوريين ضيوف ايران سوف يعودون الى ديارهم حال انتهاء الحرب وقد ارسلت نسخ من هذه الرسالة الى ممثلي فرنسا وانكلترا وامريكا في طهران . حال ضغط الدول الثلاثة من عدم امكانية تنفيذ ايران لقرار نزع سلاح الاشوريين . ومن جانب اخر استمر الاشوريين في محاولاتهم للحصول على مساعدات عسكرية ومادية ،  لهذا وصل الى ( تفليس ) الاساقفة الاشوريين ( مار ايليا ابونا ) و ( مار توما اودو ) و ( اسحاق يونان ) لطلب المساعدة من حكومة ما وراء القفقاس البيضاء . وقد افهموا بان الامدادات ستصلهم ..

كانت بريطانية تراقب بحذر هذه التحركات فارسلت الممثلية البريطانية احد ممثليها وهو الكابتن ( كريسي ) الذي يعمل في الشبكة الجاسوسية الانكليزية وزود بتعليمات خاصة تقضي باقناع الاشوريين  بالبقاء مع الحلفاء حتى نهاية الحرب . في مطلع كانون الثاني عام 1918 وصل ( كريسي ) الى ( ارومية ) وبمبادرته عقد اجتماع في مقر البطريرك مارشمعون وحضره الدكتور ( ب – كوجول ) ممثلا عن فرنسا ، والملازم ( مكدويل ) ممثلا عن امريكا ومثل حكومة القفقاس البيضاء قنصلها ( نيكيتين ) ..

وقد تعهد ( كريسي ) في كلمته التي القاها ” شفاها ولم تسجل ” في الاجتماع بمساعدة والتزام بريطانيا للاشوريين بشرط استمرارهم في الحرب ضد تركيا وصرح معلنا (( ان الاشوريين اليوم يملكون فرصة كبيرة للتحرر من الاضطهاد والعبودية ، ولاجل ان يتمكنوا من استغلال هذه الفرصة الثمينة ينبغي عليهم ان يعرفوا كيف يتصرفون ، واني اقولها كلمة شرف باني مخول من قبل الدول العظمى الثلاث – بريطانيا وامريكا وفرنسا – واعلن ان ساعة تسلحكم وانضمامكم الى الحلفاء في حربهم مع اعدائهم قد حانت ، واذا ما فاتت هذه الفرصة فان ذلك يعني الموت المحتم لكم .) … الا ان كريسي نفى بعد ذلك  بفترة ان يكون قد اعطى وعدا باقامة دولة للاشوريين ، لان الانكليز كما قال لم يفكروا باقامة دولة للاشوريين …

في الوقت الذي نجد في مذكرات تشرشل رئيس وزراء بريطانيا العظمى يقول بها نصاً ..

((  لقد خانت بريطانيا العظمى حليفتها الصغرى الامة الاشورية ،

لعدم تنفيذ وعدها لهم باقامة دولتهم …)) …

( يتبع الجزء الخامس ) ……

يعكوب ابونا…………..       26 /  2 / 2024

zowaa.org

menu_en