1. Home
  2. /
  3. اراء
  4. /
  5. مقالات
  6. /
  7. شهدائنا أحياء يتسامون في...

شهدائنا أحياء يتسامون في القلوب والضمائر  ياليتنا كنتم معنا في الذكرى السابعة والثلاثون لرحيل رفاقنا الشهداء

دانيال سليفو

موضوع الشهداء الخوالد يوبرت يوسف يوخنا، أصبح تاريخاً وكفاحاً مدوّناً بسطور ملهمة بطعم التضحية والكفاح ونكران الذات وترتبط بالحضارة العريقة التي ضحّوا من أجلها ومن أجل حقوقنا القومية والإنسانية، الاعتقالات والمطاردات وعمليات التعذيب التي مورست ضد ابناء شعبنا عام 1984 من قبل النظام البائد، دفعت ضريبتها بحصيلة أكبر مجموعة شبابية واعية مؤمنة بانتمائها الوطني والقومي وأفراد أُسرها وأقربائها، وتوجت تلك الممارسات الهمجية باعتقال مجموعة خيرة من الرفاق الأوائل وباستشهاد الرفاق يوبرت ويوسف ويوخنا في زنزانات التعذيب والأعدام. وارادت السلطة من خلال تلك الانتهاكات صد ووقف الانبعاث والوعي القومي المنظم من خلال الحركة الديمقراطية الآشورية.

في سياق متصل وموروث من الحضارة البابلية – الآشورية نستلهم معاني عظيمة وعميقة من مفاهيم الحياة والموت منذ أسطورة كلكامش وانبعاث تموز ومكابدات عشتار وعذاباتها، ومنها ايضاً نكتشف المقاربة والعلاقة الأزلية بين الفصول ودورة الحياة وتأثراتها على الطبيعة والانسان، وحق الانسان بالكفاح والتسامي (الى حد الاستشهاد) من أجل الخلود والسعادة ونيل الحقوق المؤدية الى ذلك. كان تموز (دموزي) جسد معنى الاستشهاد وقيامته وانبعاثه مع بداية فصل الربيع حيث تتناثر قطرات دماءه الممثلة بشقائق النعمان على المساحات الخضراء من الأرض، لتتبارك الأرض الام والانسان الابن بالولادة وتجدد الحياة ووفرة الخير والمحاصيل والثروات الحيوانية ليبدأ مفهوم الأمان والخير والطمأنينة.

من عملية استشهاد الثالوث القومي يوبرت ويوسف ويوخنا نتعلم وندرك بأن مفهوم الاستشهاد يحمل نفس المعاني السامية منذ ذلك الزمن الموغل في القدم والى الآن، وبأن شهداءنا من ضحايا الانتماء القومي من ضحايا هكاري و سيفو وسميل وصوريا والشهداء الأحياء النازحين من مدنهم وقراهم , ضحايا الإرهاب والتطرف والعصبية والمغالاة , وضحايا الانتماء القومي المسيحي مروراً بشهداء المقاومة المسلحة منذ بدايات القرن الماضي وصولاً الى الرفاق جميل وشيبا وشهداء الزوعا الآخرين فترة الكفاح والمسلح وما بعد سقوط النظام السابق تؤشر بأن تاريخ شعبنا الكلدوآشوري هو بحقيقته تاريخ الاستشهاد . فالشهادة الحقيقية ليست ساكنة في ظرف طارئ يطرق ابواب الكارهين له والمنسّلين منه، أو كعارض يزول ويتماهى مع زوال حادث الموت، بل هو ممارسة وأيمان ومسيرة تنير طريق الشعوب كمبدأ واستعداد وإسلوب حياتي متكامل في كل التفاصيل وإن اختلف في شكل الممارسة.

كان الشهيد يوبرت وبوجه الباسم، يحمل تحت ابطه نسخاً من بهرا الوليدة الجديدة وفي راحة يديه حمل روحه ودماءه كمشروع سخي من أجل القضية الآشورية، مدفوعاً بإيمانه ويقينه بالانتصار، وكان يكرر بأن الخوف من الموت يؤدي الى الرضوخ والسكون والضعف أمام الانتهاكات وإبقاء الحال على نفس المنوال، ويقول مراراً بأن القضية لكي تعيش تستوجب بان يضحي أبناءها (الثورة تأكل أبناءها).

اما الشهيد يوسف فكان هدوءه يحمل الكثير من الحكمة والوعي وكان مهتماً بأنشاء مشروعاً فكرياً قومياً كبناء مؤسس للوعي والتنظيم، واهتم بقصص الشهداء وحركة الشعوب نحو الانعتاق، وكان ينصح بان يتم تأجيل الحديث عن الشهادة الى أن تتوفر مستلزمات الشهادة وتتكامل من وعي وايمان واستعداد وتضحية ولان الشهادة تأتي في المراتب العليا من الوعي القومي والسياسي، وإنها ستأتي بعد نضوج المفردات التنظيمية والثقافية.

وكان الشهيد يوخنا يعيش معاني الشهادة في حياته ويدرك تماما همجية النظام وأسلوبه القمعي، ولكنه كان يتمنى أن تتاح له فترة أطول ليقدم المزيد من العمل لصالح القضية،

شهداءنا ساروا بخطى واثقة في طريق التضحية، وكانوا يعلمون بأن ذكراهم ستظل حية في القلوب وبأنها ستظل ذخراً هادياً وخميراً حيّاً لرفاقهم وشعبهم، وكانوا على حق، إذ ظلت المسيرة قائمة وساروا آخرون على خطاهم، ونالوا اكليل الشهادة على خطى الحركة القومية الآشورية، فأصبحوا نجوماً متلألئة في سماء الأمـة.

هنيئاً لكم ما نلتموه من وسام المحبة والتعظيم، فمسيرتكم ما زالت بأيدي أمينة من الآلاف الذين رخّصوا حياتهم للدفاع عن الوجود وعن المستقبل ضد العنجهية والظلامية. ولتسكن أرواحكم ولتهدا النفوس فأن طواغيت الماضي قد اخزاهم الله بفناء أبدي، وهو المصير ذاته الذي ينتظر جهلة اليوم.

zowaa.org

menu_en