كلمة بهرا
شهد العراق مؤخرا تحركا عسكريا سريعا بعنوان عمليات فرض السلطة الاتحادية وخصوصا في مناطق لطالما سميت بالمتنازع عليها تارة ومناطق المشمولة بالمادة 140 تارة اخرى، لاكثر من عقد وخصوصا في كركوك وسنجار ومناطق اخرى.. وجائت تلك العمليات نتيجة لما افرزته عملية الاستفتاء في الاقليم واقحام تلك المناطق في هذه العملية، واشادت اطراف محلية ودولية بحكمة العبادي في ادارة الازمة في تلك الفترة وعدم جر البلاد الى حرب داخلية جديدة تأتي على ما تبقى من الوطن رغم وجود ضحايا سقطوا خلال عملية اعادة الانتشار. وبعد ان علق العديد من ابناء المكونات في تلك المناطق امالهم على رئيس الوزراء في هذا التحرك السريع و الانسيابي وخصوصا في مناطق ذات غالبية كردية او وحتى في مناطق اليزيديين في سنجار وغيرها، الا انه سرعان ما تعثر عند تقسيم سهل نينوى مرة اخرى لمنطقتين، فاخمدت حماسة العمليات تلك وخفت وتيرتها في الاعلام، ولا نعلم هل تم الاتفاق على تحقيق تلك الغايات الاساسية غير الرسمية في سهل نينوى في استرجاع المناطق التي فيها ابار للنفط او خطوط نقل استراتيجية بين كركوك مرورا بسهل نينوى الى ربيعة على خط الحدود مع سوريا وتناست واغفلت عمليات فرض سلطتها الاتحادية والمواطنين في هذه المناطق التي تسمى بالمتنازع عليها بدون ارادة ابنائها وليكمل حالة القلق وعدم استقرار المكونات الاصيلة في سهل نينوى من التوترات المسلحة المستقبلية من جهة ومن تهميش الحكومة الاتحادية مرة ثانية وضعف وجودها في هذه المناطق والطمع والطموح التوسعي من قبل الطرف الكردي بالمقابل. وياتي كل ذلك وبعد توقف العمليات عند مدينة تللسقف وفصلها عن بطنايا كليا واخفاق عملية التسليم والاستلام بين الطرفين بشكل سلمي والتوترات العسكرية التي ادت الى نزوح ثاني للمئات من عوائل مدينه تللسقف، اتت ردة الفعل من قبل الأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الاقليم بصورة قاسية ومبالغ فيها تجاه اهالي المنطقة وبممارسات غير ديمقراطية بعد اعتقال عدد من ابناء المنطقة ومنع اخرين منهم سياسيين واداريين و وجهاء من دخول مدينتهم وبحجج اقل ما يقال عنها انها واهية. وبذلك تتعالى اليوم كما الامس الدعوات الى القائمين على القرار لحل الخلافات والاختلافات عبر السياقات والمبادئ الدستورية والحوار السلمي والتاكيد على مطلب استبعاد بلدات ومناطق سهل نينوى من الصراعات والحرص على حياديتها ووحدتها كونها ديموغرافية واحدة لا علاقة لها بالتنازع على عائدية المناطق لطرفي النزاع واتخاذ الخطوات التي من شانها اعادة الطمأنينة للمواطنين ضحايا الصراعات والارتقاء باداء اجهزتها المختصة في تقديم الخدمات وإعادة الاعمار وتوفير اجواء وفرص العيش الكريم للعائدين. و اعطاء بلدات سهل نينوى فرصه ادارتها امنيا وخدماتيا بيد ابناءه بعيدا عن الوصايا من اي طرف كان.
المقال منشور في العدد 656 من جريدة بهرا..