زوعا اورغ / وكالات
منذ عدة أيام تواصل منصات وحسابات على مواقع التواصل الاجتماعي التحريض على المتظاهرين وتهديد صحافيين ووسائل إعلام عاملة في العراق، بالتزامن مع حملة مماثلة أطلقها قادة ميليشيات وشخصيات موالية لطهران.
كثير من هذه المنصات والحسابات، تستغل الفضاء الواسع في مواقع التواصل الاجتماعي تحت مسميات عديدة، بعضها لشخصيات معلومة وأخرى تتخفى بتسميات غير واضحة المعالم.
خلال الساعات الماضية أجرى “موقع الحرة” بحثا موسعا بشأن أبرز هذه المنصات ومنها، “صابرين نيوز” و”ربع الله” و”فريق فاطميون” وحسابات لشخصيات وهمية ومحللين سياسيين معروفين بقربهم من المحور الإيراني في العراق.
تواصل “موقع الحرة” مع صحفيين وناشطين وأشخاص مطلعين على هذه الحسابات والجهات التي تقف خلفها، لكنهم طلبوا عد الكشف عن هوياتهم لأسباب أمنية.
يؤكد أحد الناشطين العراقيين أن قصة هذه الحسابات بدأت في زمن حكومة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وكانت في البداية عبارة عن مجموعات على تطبيق واتساب تتراسل فيما بينها للتحريض على الناشطين والأشخاص الذين يقفون بالضد من المحور الإيراني.
بعدها تطور عمل هذه المجموعات، وفقا للناشط، لتقتحم مجال مواقع التواصل الاجتماعي كتويتر وفيسبوك وتليغرام، وكان من أبرزها حساب “المستشار” و”السيدة الأولى” و”صبيان السفارة”.
ويضيف أن الأمر انتهى بعد ذلك بتأسيس منصة “صابرين نيوز” التي تعد حاليا الأبرز في نقل أخبار الجماعات والميليشيات المسلحة وعملياتها ضد المصالح الأميركية وبث رسائل تهديد مباشرة للمحتجين والصحافيين.
لفتت “صابرين نيوز” الانتباه خلال الأشهر الماضية عندما كانت تنشر أخبار استهداف السفارة الأميركية أو المعسكرات العراقية التي تضم قوات من التحالف الدولي، قبل وقوعها بفترة وجيزة.
تدير هذه الحسابات والمنصات شبكة واسعة، تضم شخصيات معروفة ومحليين سياسيين يتحركون بين بغداد وبيروت ويواظبون على الظهور في القنوات التابعة للمحور الإيراني بالإضافة لناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، وفقا للمصدر نفسه.
يقول مصدر آخر مطلع على هذه الشبكة، إن شخصا يعرف نفسه على أنه باحث في تاريخ الأديان يدعى ع. ش. أ، ومحلل سياسي يدعى ع.أ. ع هما من يديران هذه الشبكة”.
المصادر كشفت الأسماء الكاملة للأشخاص المتهمين بإدارة هذه المنصات، إلا أن موقع الحرة يكتفي بذكر الأحرف الأولى بسبب عدم تمكنه من التحقق من صحة هذه المعلومات من مصادر مستقلة.
ويضيف أن عدة أشخاص يعملون تحت إمرة هذين الشخصين، بينهم صحافيون وناشطون ومحللون مهمتهم الدفاع عن السياسات الإيرانية في العراق والترويج لـ “محور المقاومة” على وسائل التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية”.
ويتابع أن من أبرز هؤلاء هـ.كـ و أ. ع. س، وم. ز، وحـ.بـ”، مشيرا إلى أن “مقر هذه الشبكة يقع في مكتب بمنطقة عرصات الهندية مجاور مبنى قناة الاتجاه التابعة لميليشيا كتائب حزب الله في العراق”.
يشار إلى أن الكاتب حمدي مالك كان قد نشر مقالا هذا الأسبوع في “وور أون ذي روك” أشار فيه إلى أن “صابرين نيوز” وهي قناة إخبارية على منصة تليغرام تتبع بما لايقبل الشك كتائب حزب الله التي تصنفها الولايات المتحدة إرهابية.
ويؤكد شخص عمل سابقا في “صابرين نيوز” أن المنصة تضم أشخاصا ينتمون لكتائب حزب الله وعصائب أهل الحق وآخرين مقربين من شخصيات تابعة لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ومنهم شخص يدعى ع.م، وآخر يدعى بـ. م الذي عمل سابقا مديرا لقناة الاتجاه ويعمل حاليا مدير الدائرة المالية في ميليشيا عصائب أهل الحق.
مجموعة أخرى بدأت تبرز مؤخرا، سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو على الأرض وهي “ربع الله”.
تم تداول اسم هذه المجموعة بكثرة بعد حرق مقر قناة دجلة الفضائية في بغداد الشهر الماضي، لتقوم بعدها بإرسال رسائل تهديد للقنوات الفضائية والصحافيين الذي ينتقدون أعمال الميليشيات الموالية لطهران، أو حتى مجرد استضافة اشخاص يخالفون توجهاتهم.
تؤكد عدة مصادر لموقع الحرة” أن هذه المجموعة شكلت من قبل ميليشيا عصائب أهل الحق بقيادة قيس الخزعلي، وتنشط بشكل لافت على تطبيق تليغرام.
المجموعة الأخرى المرتبطة بهذه الشبكة، هي “فريق فاطميون” وهي متخصصة بقرصنة أو اختراق الحسابات ونشر هاشتاغات داعمة للمحور الإيراني وتعقب ناشطين.
تشير المصادر إلى أن بعض قادة هذه المجموعات الإلكترونية عملوا سابقا بشكل مباشر مع أبو مهدي المهندس، وحصلوا على أموال طائلة وقطع أراضي سكنية في مناطق راقية ببغداد، ومنهم م. ع.، مدير إعلام الحشد الشعبي، ويعمل في فريق الدعم الإلكتروني للجماعات المسلحة.
يشرح صحافي تعرض للتهديد المباشر بالتصفية مؤخرا، لموقع “الحرة” كيفية عمل هذه المجاميع والجيوش الإلكترونية وتنسيقها الواضح مع مواقع قنوات إيرانية تقف بالضد من الحراك الشعبي ومعارضي النفوذ الإيراني في العراق.
يضرب الصحافي مثلا على ما جرى من مواجهات بين محتجين عراقيين وقوات الأمن الثلاثاء الماضي بعد منعهم من دخول مرقد الامام الحسين في كربلاء.
يقول الصحافي إن حملة الكترونية متزامنة وواسعة انطلقت لتشويه سمعة المحتجين واتهامهم بشتى الاتهامات، من قبل “صابرين نيوز” وقناة إيرانية تبث باللغة العربية ومنصات وحسابات أخرى أطلقت هاشتغات على تويتر سرعان ما تم تداولها بكثرة من قبل “الذباب الإلكتروني” التابع لهم.
ويرى مراقبون أن هذه الجماعات تستغل غياب الرقابة الحكومية وضعف القانون الذي يجد صعوبة في تعقب هذه الحسابات ومحاسبتها.
ويقول الناشط العراقي ياسر الجبوري إن “الهدف من هذه الحسابات هو إضعاف الدولة وإظهارها بمظهر بائس غير قادر على مواجهة أشخاص يحتمون خلف حسابات وهمية يحرضون بها على القتل والخطف والتهديد”.
ويضيف لموقع “الحرة” أن “الحكومة العراقية السابقة والحالية ضعيفة وبالأخص بالجانب الأمني الإلكتروني”، مشيرا إلى أنه “إلى الآن لم نسمع بوجود أي نشاط فعلي من قبل وزارة الداخلية أو جهاز الأمن الوطني على تتبع ومحاسبة المحرضين الذين يقفون خلفها”.
ويشدد “بالإضافة لذاك فإن بعض هذه الجماعات ومنها ربع الله نزلوا إلى الشارع في كربلاء تحت عنوان الفصائل الولائية مما منحهم حماية أمنية ضد من يحاول ان يتعرض لهم”.
يؤكد الجبوري، المقيم في أيرلندا ويمتلك حسابا نشطا على تويتر أن معظم الناشطين يتعاملون “مع هجمات تلك المجموعات الإلكترونية بالسخرية أحيانا أو إطلاق هاشتاغات للتوعية من خطر هذه الجماعات، في بعض الأوقات”.
ويتابع “هدفنا الوحيد هو عراق للجميع بدون خوف واجبار وقمع واغتيال، نعم هم يؤثرون على حياتنا وعملنا بالتأكيد أو حياة المقربين لنا، ولكن السكوت لم يكن حل للتغيير”.
وحاول موقع “الحرة” الحصول على تعليق من المسؤولين العراقيين بشأن موقفهم من التهديدات التي تطال الإعلاميين والقنوات العاملة في العراق، إلا أن المتحدث باسم الحكومة العراقية لم يرد على الاتصالات المتكررة.