حميد الموسوي
عن عراقيي المهجر اتحدث .. حديث ذو شجون وشؤون .
موجة تهجير اليهود العراقيين في اربعينات القرن الماضي كانت الاقدم والابرز، حين تواطأت الحكومة آنذاك وحرضت – بتوجيه من بريطانيا- على تهجيرهم فقتل افراد منهم ونهبت بيوتهم وممتلكاتهم واضطر الالوف الى الهجرة الى اوربا والى فلسطين المحتلة وكان هذا هدف بريطانيا التي انشأت الكيان الصهيوني .
موجة تهجير الكورد الفيليين في ثمانينات القرن الماضي حين اصدر صدام قرارا باسقاط الجنسية العراقية عنهم واعتقال شبابهم ومصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة .
موجة هجرة ابناء محافظات الوسط والجنوب بعد احباط الانتفاضة في 1991 فرارا من المقابر الجماعية، واحواض الاسيد ،و( الثرامات البشرية ) ، والاعدام على الشبهة والشك والظن والتهمة وبأثر رجعي .
موجة هجرة التركمان والشبك والمسيحيين والآيزيديين بعد سقوط الموصل بيد وحوش العصر الدواعش بعد قتل الرجال وسبي النساء ومصادرة الممتلكات والبيوت .
موجة هجرة ابناء المحافظات الغربية بعد اجتياحها من قبل عصابات القاعدة وداعش .
ربما كانت موجات الهجرة الاضطرارية المفروضة هذه هي الابرز ، ناهيك عن الهجرات الفردية التي تخللت فترة وقوع العراق تحت سطوة الحصار الجائر المتفق عليه من 1991 الى 2003. وهجرات فردية اخرى بعد سقوط سلطة البعث .
كل فصل من هذه الفصول يحتاج مقالة منفردة بل مقالات ، لكني سقت هذه المقدمة البسيطة لانفذ من خلالها الى سلوك عراقيي المهجر ومدى اندماجهم مع المجتمعات في البلدان التي صارت اوطانا ثانية لهم .
لقد برزت من بين هذه الجموع المهاجرة والمهجرة طاقات ونخب علمية وثقافية..في جميع مجالات الحياة الصناعية والزراعية والطبية والادبية والفنية والرياضية … وظفتها البلدان التي تواجدوا فيها خير توظيف واستثمرتها اروع استثمار وهي محل فخر واشادة لكل العراقيين ؛وان كان العراق احوج لتلك الخبرات والطاقات، لكن الاتهام واللوم يوجه للحكومات التي تعاقبت وتسببت في تلك المصائب التي الجأت العراقيين للهجرة ولم تحتضن تلك الطاقات الفاعلة منها .ومع ذلك فان هذه النماذج الرائعة لم تنس العراق ولم تتنكر له ولم تسئ للعراقيين اقوالا او افعالا او سلوكا ،وكثيرون منهم زاروا العراق بعد التغيير وساهموا في بعض المشاريع الخيرية وعرضوا خبراتهم وابتكاراتهم امام حكام العراق ومسؤوليه الجدد لكنهم لم يجدوا الارضية الخصبة لاستثمار تلك الخبرات في خضم الخراب والفساد المستشري .
وعلى العكس تماما من هذه النماذج الفريدة ظهرت حالات فردية شاذة ( نمايم ) – لا يستحقون ذكر اسمائهم – متخذين مواقف حاقدة وكاشفين سلوكيات منحرفة فضحت معادنهم الصدئة وتجردهم من كل مايمت للوطنية والانتماء والاخلاق بصلة .احدهم شاعر يساري كان العراقيون يحترمونه ويقدرون شاعريته اساء لنفسه ومرغ تاريخه الثقافي في المزابل .. فمع انه رجل ملحد ومعاقر للخمر يبيت في مواخير السكر وبعيد عن الدين بعد السماء عن الارض الا ان طائفيته انسته كل ذلك ولمجرد اختلافه مع حكومة العراق الجديدة ،انتفض حقدا فشتم العراقيين جميعا واهان الرموز الدينية والوطنية والثقافية وتبرأ من العراق علنا وعبر احدى فضائيات بلد المهجر ..وصف عراقي المهجر ب( كيس قمامة في قعر برميل نفايات ) !.
آخرون (نخبويون )..ولنفس الاسباب الطائفية المقيتة وكونهم فقدوا امتيازات الحكومات السابقة، ناصبوا العراق العداء من خلال نشاطاتهم الثقافية والاجتماعية والاعلامية في اميركا واوربا الى الدرجة التي استكثروا فيها حصول العراق – وهو في محنته – على تأييد وتعاطف بعض المنظمات العالمية بل وصل الحقد بهم الى مناشدة تلك المنظمات بسحب دعمها للعراق وحجب اي امتياز يصب في مصلحة العراق !.
ونخبوي آخر ( وطني حد التخمة )!. ناشد الدول الدائنة ان لا تطفئ او تخفض ديونها عن العراق بحجة : حتى لا يظهر صدام آخر في العراق !.
والآخر وليس الأخير .. قام بمهمة نشر الغسيل الوسخ والسلوكيات الهمجية المتخلفه والاعراف العشائرية البالية لقومه على شبكات الاعلام في الدولة الاوربية التي هاجر اليها ويحمل جنسيتها واختلق احداثا معيبة وروايات مصطنعة !.جاعلا منهم مسخرة ومحل تندر .ولا ادري هل ظن ان في هذا التصرف علاج لتلك العادات المتخلفة والسلوكيات المشينة ام اراد ان يبدو بمظهر المتحضر المتمدن الراقي ؟!.
اقول لهؤلاء الاخوة المسيئين ومن سلك طريقهم ورضي بمواقفهم واساليبهم وامتدحها :-
اختلفوا مع الحكومات ماشئتم .. حاربوا المفسدين وافضحوهم على كل الاصعدة اصواتنا واقلامنا معكم ، ولكن لا تتنكروا للعراق ولا تسيؤوا لناسه ثأرا لامتيازاتكم المفقودة او استجابة لنفس طائفي مقيت .
ارفضوا حالات التخلف والهمجية حاربوا العادات والتقاليد الكهوفية شاركوا في تنوير ناسكم وبث الوعي والتحضرعلى النطاق المحلي من خلال نشاطات الجمعيات والمنتديات والنقابات وشبكات التواصل وحتى المضايف وعقد الندوات والمؤتمرات الثقافية التوعوية ..وماشاكل..لكن لاتجعلوا من اهلكم مسخرة للاخرين ولا تفرحوا باضحاك الاوربيين على قومكم واستهجانهم لعادات وتقاليد بالية يمارسونها .
ثم ان الاوربيين ليسوا كلهم ملائكيون و نبلاء ..فمجتمعاتهم غارقة بالتحلل الخلقي وتفكك الاسر.. وشيوع الرذائل .. وانتشار الجريمة المنظمة .. وغيرها.. ولولا القوانين الصارمة والسلطة الرادعة لكانوا اشبه بالمجتمعات العربية . واحداث لندن المروعة من نهب وسلب وحرق للممتلكات العامة والخاصة ايام حكومة كاميرون قبل سبعة اعوام شاهد ودليل حين اضطر لاصدار اوامر قاسية ل16 الف من قوات الردع لكبح تلك الفوضى واعلان حالة الطوارئ وزج المئات في السجون وقال قولته الشهيرة : لا مكان للحديث عن حقوق الانسان حين يتعلق الامر بالامن القومي البريطاني .
وبعد :
بلادي وانْ جارت عليَّ عزيزة ٌ
وقومي وانْ شحّوا عليَّ كرام ُ