زوعا اورغ/ وكالات
كنيسة ام الاحزان الكلدانية في مدينة العمارة تعد من معالم المدينة البارزة وأكثرها شهرة، يعود تاريخ تأسيسها وبنائها للقرن الثامن عشر الميلادي في احد احياء المدينة الشعبية التي شهدت تنوعا دينيا ومذهبيا تعايش بسلام ولقرون عديدة. يقول جلال دانيال راعي الكنيسة وممثل الطائفة المسيحية في ميسان “يعود تاريخ بناء كنيسة ام الاحزان بشكلها الحالي الى عام 1880م وتعد من اقدم كنائس جنوبي العراق بصورة عامة وفي محافظة ميسان بصورة خاصة، تحتوي الكنيسة على العديد من المحتويات والكتب والمخطوطات الاثرية التي تعود الى اجيال وعهود سابقة، منها ناقوس الكنيسة الذي يعود الى فترات زمنية قديمة جدا”.
تعايش مجتمعي
الزيارات التي ينظمها أبناء مدينة العمارة لكنيسة ام الاحزان لم تكن وليدة اليوم او الامس بل نتجت عن تراث ضخم سطره ابناء المدينة منذ القدم في تخليدهم لصور التعايش المجتمعي السلمي بين كافة الاديان والطوائف التي عاشت في المدينة ومنها المسيحية والمندائية الصابئية بالاضافة الى الديانة الاسلامية، يقول الكاتب والباحث الميساني صلاح السيلاوي “اعتبر ابناء مدينة العمارة من اثقف ابناء المحافظات العراقية، كونهم لم يؤمنوا بالطائفية وتعايشوا بسلام على مدى عهود، وعندما تعرضت كنيسة ام الاحزان خلال احد السنين السابقة الى حريق عرضي نتج عن تماس كهربائي، هرع ابناء المدينة ونظموا على اثرها حملات لإعادة ترميمها، وان حالة التعايش المجتمعي في المدينة لم تكن وليدة الامس او اليوم فحسب، بل تمتد الى قرون عديدة امتزجت فيها العلاقات بين الاديان على حد سواء، فعاش في المدينة اليهود والمسيح والصابئة المندائيون والمسلمون وما زالت آثارهم شاخصة لغاية الآن”.
دور عبادة
التنوع الديني والعقائدي لأبناء مدينة العمارة خلق طيفا تمازجت فيه الوان الاديان السماوية في المدينة، تقف عليها دور العبادة المختلفة شاهدا حقيقيا. فبالاضافة الى كنيسة ام الاحزان الكلدانية في المدينة هناك كنيسة ماريوسف التي تشغلها العوائل حاليا ودار عبادة الصابئة المندائيون والمسمى (المندي) والتي تشهد بمجملها طقوس العبادات المختلفة كل حسب معتقده بكل حرية يزينها جميعا تقديم التهاني من قبل اخوانهم المسلمين من ابناء المدينة في اعيادهم ومناسباتهم المختلفة.
كنيسة أم الأحزان
قدم الكنيسة اكسبها مكانة تاريخية مميزة كونها تعد من المعالم الاثرية البارزة في المدينة، فبناؤها وطرازها المعماري لا يزال شاهدا على عمق تاريخها، تعززها بذلك شواهد بعض القبور التي توجد في احد زواياها ولم تتبق منها سوى أطلال. تتكون الكنيسة من حرم للصلاة وقاعة لاستقبال الضيوف ومسكن لراعي الكنيسة بالاضافة الى باحة تزينت برمز السيدة العذراء ومكان لإشعال الشموع. ولجميع ابناء مدينة العمارة ذكريات جميلة معها، ما جعل منها مادة تاريخية دسمة للمؤرخين والكتاب، يقول دانيال “تشهد الكنيسة زيارات بشكل يومي ومتواصل من قبل ابناء المدينة، وتربطهم بأخوانهم المسيحيون علاقات وطيدة جدا، كما يشاركونا بأعيادنا وافراحنا على حد سواء”.