المؤرخ والدبلوماسي السابق د.حسن الزيدي
– تأسست الحركة الاشورية الديمقراطية في 12 نيسان 1979 كحركة سياسية، قومية وثقافية لتضم قطاعات واسعة من بنات وابناء شعبنا السامي العراقي الكلداني السرياني الاشوري الذين كان تعدادهم بحدود المليون ونصف المليون قبل عام 2003 في داخل وطنهم الام ووطن اجدادهم بلاد الرافدين (العراق) لتساهم في تمثيل هذا الشعب ذي التاريخ القديم والغني والذي تعرض منذ القرن الثامن الميلادي وحتى الان الى عذابات متنوعة شملت سلب اراضيه وتجاهل حقوقه التاريخية والثقافية. حتى تناقصت اعداده لدرجة مخيفة خصوصاً مابعد عام 2003.
– كما انها ولدت ضمن الحمى السياسية التي شملت قوى كردية وعربية للتصدي للنظام القمعي الذي مارسه نظام صدام ضد عموم الشعب العراقي وليس فقط ضد الاقليات والمكونات العراقية ومنها الكرد وابناء الشعب الكلداني السرياني الاشوري. ولاحقا التركمان وكذلك ضد الاقليات العددية الدينية، الصابئية والايزيدية والشبك وغيرهم .على الرغم من ان الدستور العراقي لعام 1976 في مواده الاولى والتاسعة عشر والخامسة والعشرين والسادسة والعشرين تتحدث عن مساواة المواطنين كافة أمام القانون، وضمان الحقوق القومية وحق ممارسة معتقداتهم الدينية وحق تشكيل الاحزاب والنقابات والجمعيات والمنتديات، غير ان العبرة ليس بالكلمات الدستورية والقانونية المنمقة، بل بصدق وجدية واستمرارية تطبيقها حيث ان نظام صدام تعامل مع الدستور بعقلية مزاجية وتجاهل وقلة احترام، مما جعل غالبية الناس تنفر منه وسهلت بشكل مباشر أوغير مباشر لإسقاطه بسهولة.
– بين 19 آذار و 9 نيسان 2003 وتحت شعار اسقاط صدام وتوفير الحريات القومية والدينية للشعب العراقي بكل مكوناته تمكنت قوات اجنبية من القارات الخمس ومكونة من 450 الف جندي من الولايات المتحدة وبريطانيا وغيرها من الدول الغربية، اسقاط نظام صدام واعتقال الغالبية العظمى من رجال سلطته التنفيذية والحزبية وتهديم البنى التحتية من معامل ومصانع وورش ومؤسسات الكهرباء والطرق والجسور، ومقتل اكثر من ربع مليون عراقي من القوات المسلحة ومن المقاومين الذين لا يزال بعضهم حتى الان في السجون العراقية.
– في عام 2004 شكل بريمر الحاكم الامريكي في العراق مجلس الحكم كسلطة تشريعية وتنفيذية كمرحلة انتقالية متكون من 25 شخصية عربية شيعية وسنية وكردية وتركمانية واشورية من الذين كانوا يعارضون النظام السابق. فاستبشر العراق خيراً بالتغيير الذي شهده وتأمل نظاماً سياسياً ديمقراطياً يعمل على بناء العراق من جديد وفق الاسس والقوانين التي تحترم حقوق جميع مكوناته، الا ان الاوضاع ذهبت الى غير ذلك تماماً ، فانتشرت الفوضى السياسية وكثرت البطالة والأمية وسرقة المال العام وقل الامن وتراجع التعليم والصحة والخدمات وكثرت المعتقلات والسجون وتم مقتل المئات ممن اسماءهم (عبد الزهرة وعبد السادة) وإضعافهم ممن اسماءهم (عمر وعثمان) وهاجر من العراق طبقاً لاحصاءات وزارة الخارجية العراقية 6 مليون عراقي فاقوا اعداد الفلسطينيين ومنتشرين في اكثر من 60 دولة واغلبهم كفاءات واختصاصات وطاقات طبية وهندسية وأدبية وفنية وهو رقم زاد بنسبة 95% مما كان في عهد الطاغية صدام. فيما دخل العراق عدة ملايين من اكراد تركيا ومن صفوي ايران وتهمشت أكثر وأكثر حقوق الاقليات القومية، على الرغم من صدور دستور عام 2005 الذي يشير في مواده الاولى والتاسعة والرابعة عشر والسادسة عشر والتاسعة عشر لهذه الحقوق التي تجاهلتها السلطات التنفيذية المذهبية الجديدة. فمثلا الفقرة باء من المادة 9 من دستور عام 2005 تقول ( يحظر تكوين ميلشيات عسكرية خارج اطارات القوات المسلحة) بينما الواقع يقول بان الميلشيات المسلحة في تشكيلاتها المتعددة قومياً ومذهبياً تفوق اعداد الجيش العراقي الذي تحول الى شرطة محلية وكمركية ووحدات حدودية رمزية ولا يملك معدات جوية وبحرية ولا اسلحة ثقيلة. كما ان القضاء الذي تمثله المحكمة الاتحادية الغت الكوتا المخصصة في برلمان الاقليم للكلدان والاشوريين والسريان والتركمان والارمن.
– حتى الحكم الذاتي في كردستان العراق الذي يتمتع بقدر معقول من الامن والاستقرار لم تحصل الاقليات غير الكردية فيه على حقوقها السياسية بما يتناسب وتضحياتها وقدراتها، فلا زالت بعض اراضيهم في سهل نينوى وفي محافظات الاقليم مسلوبة منهم مثلما تعرض منذ عام 2014 اخوتنا الأيزيديين للقتل والتشريد واغتصاب المئات من نسائهم من قبل عصابات اجرامية داعشية تحت مسمع ومرأى النظام الذي لا يزال بعض اركانه يدعون بوجود منظمات داعشية ليبرروا استمرارية تسلطهم على مقدرات الوطن.
– ان اخوتنا في الحركة الديمقراطية الاشورية اشاروا في البيان الصادر عنها بمناسبة الذكرى 25 لتاسيسها الى ضرورة الحصول على حقوقهم ولو بحدها الادنى والتي كفلها الدستور العراقي باعتبارهم اقليات تاريخية وضرورة تطبيق نظاماً عراقياً مدنياً وليس قومياً عنصرياً ولا دينياً متعصباً، وان لا يكون العراق ساحة صراع لقوى اجنبية وإقليمية مما يبرر لسلطات المركز والإقليم المزيد من التجاهل للحقوق الاساسية للمواطنين العراقيين.
– ما كنت أتامله في بيان الحركة تناول قضية فلسطين وادانة الجرائم البشعة التي يرتكبها نتانياهو ضد الشعب الفلسطيني الاعزل تحت شعار مقاتلة قيادات حماس والتأكيد على حق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة بجانب دولة اسرائيل وفقا لقرارات الجمعية العامة ومجلس الامن منذ عام 1947 وحتى الان. باعتبار فلسطين دولة المكونات اليهودية والمسيحية والاسلامية .
ـ الشباب عماد الامم والنساء عنوان تقدمها وتحضرها، وعلى الحركات الوطنية ومنها الحركة الاشورية ضمان أكبر نسبة مشاركة ممكنة لهم في تنظيماتها وقياداتها لتكفل بذلك تواصلها وتطورها.
اخيرا .. تحية تقدير للمناضلين والمناضلات في الحركة الديمقراطية الاشورية الذين يمارسون نضالاً سلمياً دون ميليشيات مسلحة رغم تعرضهم لمحن عديدة. وتحية لكل حركة وطنية تعتمد الديمقراطية فلسفة واسلوباً في العمل الوطني.