كتابة / اديسون هيدو
قلما وجدنا فنانا اشورياَ أمتلك الحس الفني المرهف وأدى الاغنية بمشاعر وأحاسيس صادقة كما الراحل الكبير بيبا , رائد الأغنية الاشورية الحديثة ومن ألمع نجومها وأكثرهم شهرة ممن أغنوا المكتبة الغنائية بروائع الأغاني والألحان الخالدة , وملؤوا الساحة الفنية منذ ستينيات القرن الماضي , بأدائه الرائع وصوته الرخيم وحنجرته الذهبية, اعتلى بها سلم الشهرة والنجومية , وحقق للاغنية الاشورية نجاحات كبيرة وصلت من خلالها الى اوج تألقها , نال على أثرها وبكل جدارة واستحقاق لقب ملك الأغنية الاشورية , متربعاً على عرشها بعد مسيرة فنية حافلة بنى خلالها أسلوبا غنائيا مميزا , ومدرسة متطورة في الغناء الحديث , من خلال تجربة جديدة في الغناء ( وقتها ) نشرها وطورها بأسلوبه الخاص بأدخاله الالات الموسيقية الغربية الحديثة ذات التقنيات العالية كالكَيتار والدرامز والاورغ والتي طوعها لخدمة الأغنية الاشورية , حملت الكثير من الحس الفني والموسيقي والأداء الجميل والصوت القوي الرخيم ، استطاع بها تحريك العواطف والاحاسيس والمشاعر الانسانية الصادقة لدي محبيه وعشاق فنه , ونسجت عالما من الاحلام لهم تغنى بها الصغير والكبير رجالا ونساء ولأجيال عديدة . فمن منا ينسى اغانيه الرومانسية التي مازالت تعيش في وجداننا ومازالت محفورة في ذاكرتنا وفي شغاف قلوبنا الى الابد , من منا سينسى ( سابرجيون ) و ( موغبي سوكَل ) و ( أيني دماني ) و ( برخوباخ خليا ) ( بخدارن بدونيي ) ( بياخ بزمارن ) ( باورخا خشنتا ) ( بدمئي دايناتي ) ( خي وارا بماريروتا ) ( قوربا من ايناتي ) ( لين بخشاوا ) ( ماني مري ) وغيرها الكثير والتي يأخذنا الأحساس عند سماعها بعيدا نحو السماء نحلق ونرقص طربا على ايقاعاتها الهادئة مع الملائكة والنجوم , ومن منا سينسى أغانيه القومية الرائعة التي طالما ألهبت الحماس والمشاعر الجياشة في قلوبنا ومازالت مثل ( اتور كَبرتا ) ( اغا بطرس ) ( دايم مولبتيلا يمي ) ( لا سروت كانوخ ) وغيرها من الروائع والأغاني القومية الخالدة التي كتبها كبار الشعراء الاشوريين امثال ( اخيقر ماما بنيامين ) ( ابرم بت يوسب ) ( كَوريل شمعون ) ( ايشو وردا ) ( نشات يونان ) ( دنخا ايشو ) وغيرهم .
سقت هذه المقدمة البسيطة بعد أن وصلتني ( من المؤلف مشكوراَ ) نسخة من كتاب صدر حديثاَ باللغة العربية عن حياة الفنان الراحل أدور يوسب بيبا من تأليف رابي يوسيفوس سركيس المقيم في مدينة سيدني الأسترالية يحمل عنوان
( The Life Of The Assyrian Singer .. BIBA ) .
وهو نتاج عمل دؤوب وثمرة جهود كبيرة قام بها المؤلف أمتدت لأكثر من ثلاثين عاماَ بذلها في البحث والقراءة والأستقصاء وجمع المعلومات والصور والأغاني التي خلفها الراحل الكبير خلال مسيرته الفنية الحافلة والتي بدات منذ أوائل ستينيات القرن الماضي وحتى رحيله الأبدي عام 1995 . وهو وثيقة فنية متكاملة ومرجع قيم لحياة هذا الفنان الكبير الذي ملك قلوب الناس من الشباب والشابات وزرع الحب في قلوبهم , والبسمة على شفاههم بروائع خالدة لازالت تتصدر المراتب الأولى لدي الذاثقة الاشورية لحد اليوم , بعد أن قدم للأغنية الاشورية الكثير ومن خلاله برزت وأخذت بعدا شاسعاَ من حيث الكلمات والألحان والأداء الرصين .
الكتاب من مائة وسبعة وستون صفحة من الحجم المتوسط يحتوي على عشرون فصلاَ وبأخراج جميل معزز بعشرات الصور أن لم تكن بالمئات تحمل بين طياتها الكثير من المعلومات والقصص والحكايات عن حياة ( الملك ) وبداية مشواره الفني وذكرياته مع أصدقائه , يتطرق فيها المؤلف في البداية الى دور الفن الغنائي والموسيقي في المجتمع الاشوري كرسالة جمالية تحمل المشاعر الانسانية السامية والأحاسيس العاطفية الراقية وما لهما من تأثير في زرع الحب والروح القومية في قلوب الناس , ومن ثم يتحدث في الفصول اللاحقة عن بدايات مشواره الفني وعلاقته الوطيدة مع الفنان الموسيقار جميل بشير ودوره الكبير في حياة بيبا , ومدا تأثره بصوت المطرب الكبير فريد الأطرش , وغنائه مع الفرق الموسيقية الغربية والشرقية الاشورية , واسماء الملحنين والشعراء وكتاب الأغاني الذين ساهموا في كتابة وتلحين أغانيه الخالدة , وعلاقاته الفنية مع الفنانين والموسيقيين والمطربين الذي عاصروه في مسيرته الطويلة , ورحلاته الفنية في داخل العراق وخارجه كأميركا وأستراليا , والحفلات والأمسيات التي أحياها في الأندية الاشورية في بغداد والمدن الأخرى , مثبتة بتواريخ وصور عديدة وجداول عديدة عن أسماء الفرق الموسيقية التي غنى معها الراحل الكبير مع الصور , ومن ثم اسماء الأغاني وعددها باللغة الاشورية والعربية , مع مجموعة كبيرة من المقالات التي كتبت واللقاءات التي أجريت مع الراحل الكبير , ليختتم المؤلف كتابه هذا عن هجرة بيبا الى أميركا واستقراره في مدينة شيكاغو , وقصة زواجه وحياته العائلية وأبرز المحطات الفنية فيها , وصولاً الى يوم رحيله وخاتمة حياته القصيرة في السابع والعشرين من نوفمبر عام 1995 ومراسم التشييع المهيبة التي أقيمت في جنازته ونقل جثمانه الطاهر الى مثواه الأخير بمشاركة واسعة من قبل ابناء الجالية الاشورية في اميركا , مع مئات الرثائات التي كتبت عنه من قبل اصدقائه وزملائه في جميع أنحاء العالم .
تحية أحترام وتقدير لرابي يوسيفوس على تأليفه هذا الكتاب الرائع , ونقيم الجهد الكبير الذي بذله في جمع هذا الكم الهائل من المعلومات والصور عن حياة الفنان الكبير ايقونة الغناء الاشوري بيبا , شكرا لك رابي على الأهداء الذي أفتخر به .. لك مني كل الحب .
وشكر خاص الى الصديقة العزيزة أبنة كركوك الحبيبة نجوى لازار على جهودها هي الأخرى في ارسال الكتاب لي .. لك مني كل المودة والأحترام صديقتي .
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
المقال منشور أيضا في موقع عنكاوا كوم وعلى الرابط التالي ..
https://ankawa.com/forum/index.php/topic,1017270.0.html