حميد الموسوي
وهكذا يتجاوز البرلمان العراقي عقبة كأداء وهو على مشارف فصله الآخيرعقبة ساهم البرلمانيون في صنعها – من حيث يشعرون ومن حيث لايشعرون- ومن حيث يقصدون ولا يقصدون – تلك هي عقبة كركوك وقانون الانتخابات الجديد.
فلقد كانوا في غنى عن كل هذا الهرج والمرج والشد والانفعال والجلسات المكثفة والمتواصلة والاراء المتقاطعة والمتشنجة – والتأجيلات المتلاحقة والاتهامات المتبادلة واحداث فراغات لتدخلات خارجية وخلق فرص واعطاء تسهيلات لاعداء التجربة الديمقراطية لاثارة الشكوك والظنون وزعزعة ثقة المواطن ووضع العصي في عجلة المسيرة ، كانوا في غنى عن كل ذلك لو انهم عملوا بأخلاص وصفاء نية وبهدوء وتأن خلال الفصول التشريعية التي تعاقبت على مدار السنوات الاربعة عشر المنصرمة.
التغيب المستمر لبعض اعضاء البرلمان، والسفر المتواصل ،والخلافات المستعرة، اسباب ادت الى المزيد من التأجيل والتأجيل للدرجة التي خلفت مئات القوانين والمشاريع معلقة وبدون تصديق ومن بينها قانون الانتخابات الجديدة وعقدة كركوك ولا يفصلنا سوى اسابيع عن موعد الانتخابات البرلمانية.
ولعل المواطن البسيط على حق حين ارتاب بنوايا البرلمانيين في تعطيل قانون الانتخابات والمماطلة على التصديق على قانون القائمة المفتوحة خاصة وان هذا المواطن المغلوب على امره تتجاذبه السجالات السياسية وتستهدفه الاشاعات المغرضه كونه الحلقة الاضعف والمتضرر الابرز على مدى العهود وتغيير الحكومات.
والآن وبعد عبورنا هذه العقبة واصبحنا على مشارف العملية الانتخابية كيف يعيد السياسيون الثقة للمواطن الذي عاش على زبد الوعود وخرج بخفي حنين من الدورات الانتخابية الماضية؟ ما الذي يجعله مطمئناً للقادمين الجدد؟!!!!
قد تكون القائمة المفتوحة اهون الشرين، بل هي ادعى للآطمئنان، وهذا يعتمد على حرص المواطن في اختيار الاصلح والآقدر والآكفأ والاخلص،الامر الذي يحتم عليه التجرد من العواطف والمجاملات والارتباطات العشائرية والفئوية ووضع مصلحة العراق ومستقبل شعبه فوق كل اعتبار. لاشك ان العراقيين وبكل شرائحهم وعلى مختلف انتماءاتهم وميولهم وطوائفهم ومللهم ومستوياتهم الاجتماعية والثقافية صاروا على بينة من امرهم واتضح لهم الخيط الابيض من الخيط الاسود، وشخصوا عدوهم، وعرفوا ما يراد بهم ولذا فهم امام خيار واحد للحفاظ على تجربتهم الديمقراطية المحاطة بالمؤامرات الداخلية والخارجية التي تسعى جاهدة لاعادة المسيرة الى الوراء وارجاع العراق الى عهود التسلط الدكتاتوري واساليب الكبت والاضطهاد والعبودية، هذا الخيار يتمثل بالاصرار على منع وصول الفاسدين المفسدين -وتحت اي مسمى- الى السلطة بعدما برزت اصوات تطالب علنا بأشراكهم في العملية السياسية من جديد ، اصوات داخلية مدعومة ومدفوعة من خلال ارادات اقليمية لها اجندتها واهدافها خاصة وان تلك الجهات تخشى نجاح العملية الديمقراطية في العراق كونها انظمة وراثية واستبدادية ونجاح العملية الديمقراطية في العراق سيثير شعوبها ويدفعها للمطالبة بحقوقها المسلوبة وحرياتها المصادرة. وبما انها على علم بسلوك واساليب دعاة الانقلابات العسكرية في الوصول الى السلطة وبأية وسيلة، وطريقة حكمهم واضطهادهم وهذا ما اثبتته عدة تجارب سابقة، وهذا كله يتناغم ويتماهى مع ما تسلكه تلك الانظمة الاقليمية في حكم شعوبها، لذا فهي تسعى جاهدة للاطاحة بالتجربة العراقية وبأي ثمن ومن خلال اية جهة والفاسدون هم المنفذ الاقدر في نظر اولئك المتربصين.
من هنا توجب على العراقيين الحذر والدقة في اختيار المرشحين للمرحلة المقبلة اذا ارادوا حماية تجربتهم الرائدة وتحقيق اهدافهم في حياة حرة كريمة والحفاظ على حريتهم التي استعادوها بانهار من دماء احبتهم واخيارهم وبعد نضال مرير دام عقوداً وسنينا سود.