زوعا اورغ/ وكالات
أسابيع قليلة فقط مرت على غضب العالم من استفزازات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وتحويله كنيسة آيا صوفيا التاريخيّة إلى مسجد، ليعود من جديد بتحدٍ آخر للثقافة والحضارة والسلام، ليعلن تحويل معلم آخر تتزين جدرانه بالفسيفساء والرسوم المسيحية التاريخية، إلى مسجد.
فقد أصدر أردوغان مرسومًا، نشر صباح اليوم الجمعة في الصحيفة الرسمية للجمهورية التركية، يقضي بإعادة فتح دير تشورا التاريخي بمدينة إسطنبول للصلاة كمسجد، بعد أن ظل يستخدم كمتحف ومستودع طيلة 75 عامًا. ويقضي المرسوم الرئاسي بتسليم المبنى الواقع في منطقة الفاتح بإسطنبول إلى رئاسة الشؤون الدينية وإعادة فتحه للعبادة.
الكنيسة الأرثوذكسية الروسية تعلّق
هذا وأعلن نائب رئيس قسم العلاقات الكنسية الخارجية في بطريركية موسكو، نيكولاي بالاشوف، اليوم الجمعة، أن السلطات التركية لا تفي بوعودها حول إبقاء إمكانية الوصول إلى القيم الثقافية لآيا صوفيا وتظهر عدم الاهتمام بالقيم الثقافية المسيحية.
وقال بالاشوف لوكالة “سبوتنيك” الروسيّة، معلقًا على تحويل دير تشورا في إسطنبول إلى مسجد: “يبدو أن القيادة التركية مستعدة لمواصلة تجاهل القيمة العالمية لتراث بيزنطة المحتلة، الغريبة على فهمها”. وأضاف “وهذا لا يساهم في بناء ثقة وتعاون وصداقة بين شعوبنا، في السلام والاحترام المتبادل بين أتباع الديانات المختلفة”. وتابع “أنه مشهد مؤسف”.
وأشار المتحدث إلى أن “وعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بإبقاء إمكانية الوصول إلى القيم الثقافية في كنيسة آيا صوفيا لا يُنفذ عمليًا”. وأوضح أن “بعض أقسام المبنى بقيت غير متاحة، وهناك قيود على دخول النساء إلى داخل الكنيسة التي تم تحويلها إلى جامع، ومن المستحيل رؤية القيم الثقافية الرئيسية للكنيسة من الأماكن المتاحة لهن”.
يُشار إلى أن تشورا هي كنيسة بيزنطية في إسطنبول، تم تحويلها قبل 74 عامًا إلى متحف، وهي من أجمل الآثار البيزنطية الباقية والتي شهدت عِدة عُصور. وتَقع بالجزء الغربي من بلدية الفاتح. وتحولت الكنيسة إلى مسجد لـفترة 434 عامًا قبل أن يتم تحويله (المسجد) في عام 1945 إلى متحف. وفي عام 2019 قررت المحكمة الإدارية العليا – مجلس الدولة، في تركيا، تحويل المتحف إلى مسجد.
“غارقة في التاريخ”
ويعكس تاريخ هذا الصرح المبني قبل ألف عام تاريخ آيا صوفيا الأكبر والأكثر شهرة والواقعة بجواره على الضفة الغربية من “القرن الذهبي” في الجانب الأوروبي من اسطنبول. وكانت كنيسة “المخلص المقدس في خورا” كنيسة بيزنطية من القرون الوسطى تحتوي على لوحات جدارية تمثل “الدينونة” لا يزال يثمنها العالم المسيحي.
وتم تحويل الكنيسة إلى مسجد كاريه بعد نصف قرن على سقوط القسطنطينية عام 1453 على أيدي العثمانيين. ثم أصبحت متحف كاريه بعد الحرب العالمية الثانية في إطار جهود تركيا لإقامة جمهورية جديدة أكثر علمانية على أطلال الامبراطورية العثمانية.
وبعدها ساهمت مجموعة من مؤرخي الفنون الأميركيين في ترميم الفسيفساء الأصلية للكنيسة، وافتتحت للعامة في 1958. لكن إردوغان بات في السنوات القليلة الماضية يركز أكثر على المعارك التي أدت إلى هزيمة بيزنطيا على أيدي العثمانيين. ووافقت أعلى محكمة إدارية في تشرين الثاني على تحويل المتحف إلى مسجد.