زوعا اورغ/ عنكاوا كوم
قبل ان تغزو حياتنا اليومية وسائل التواصل الأجتماعي من فيسبوك وإيميل وتطبيقات الموبايل ، ماذا كان للمحبين من سبيل لايصال رسائلهم ويبوحوا بمشاعرهم تجاه حبيب الروح. في قرانا الجميلة حيث لم يكن الحب مسموحاً علناً ولم تكن البنت الصديقة girlfriend او الولد الصديق boyfriend من عادات المجتمع القروي، ولكن مع هذا ظهرت في هذه القرى قصص حب قوية وغالباً ما كانت الخاتمة الوقوف امام كاهن القرية لإتمام الزواج حسب الطقس الكنسي او الهرب سويةً ” جلاوا/ مروقي ” الى ارض الله الواسعة لإتمام الزواج بطريقة او اخرى. اساليب عشاق الزمن العتيق في الكشف عن حبهم للنصف الآخر حالياً هي في الدائرة التي عفا عليها الزمن . كثيرة كانت تلك الأساليب والحجج البريئة منها إيصال الخبر عن طريق صغير او صغيرة من الأطفال، وهناك من كان يحسب الف حساب للأوقات وكان أفضلها حين ذهاب الجميع لصلاة الرمش ليلعب شيطان الحب لعبته . وهناك من كان يهدف شباك الحبيبة بحصوة صغيرة ” بسقا ” وهدفه الأسمى هو جلب انتباه بنت الجيران الجملية.
صديقنا الفنان الملحن وكاتب الكلمات المعروف نبيل گريش الذي دائماً ينبش في التراث الألقوشي كتب قصة عشق بكلمات شاعرية وقوية مضمونها قصة واقعية لا بل مألوفة عن واحدة من الحجج الذكية التي استخدمتها فتاة من الزمن الماضي لجلب انتباه الذي سحرها بفتنته وهي ان تطرق باب الحب لتسأل أهل البيت ان يعيروها الغربال كي تستخدمه وليس لها غرض في الغربال غير ان تكون مع الحبيب في دوام الاتصال.
كلمات القصة هذه ولحنها التراثي لقفها الفنان الألقوشي الشاب ريوان رمزي كچوچا وغناها بصوته العذب وأداءه ألبارع واستحقت الأغنية ان تسجل بطريقة الفديو كليب من إخراج الفنان صفاء كريمة وتصويرمع المونتاج من قبل صبيا كادو الشاب الغيور على تراث امته والذي سافر الى شمال العراق خصيصاً من ديترويت لتصويرالمشاهد بمهارة المحترفين. التصوير جرى في كل من القوش وبيتوتاتها التراثية وفي نهلة، القرية المعروفة بمناظرهاالخلابة في شمال العراق، كردستان الحاضر.
الذي يجلب انتباهي دوماً هو هذا ألكم الكبير من المغنين الألقوشيين أمثال ريوان وهم من الشباب المثقفين الذين يحاولون كل ما بإستطاعتهم للبقاء في ارض الوطن الذي يمر بأسوأ الأزمات ورغم توفر الفرص لهم للهجرة والشهرة في الغرب. تراثنا القديم هو سر وجودنا ومن دونه نحن موجودون في الحاضر فقط ، ومن ليس له ماضي ليس له مستقبل فالشجرة التي ليسل لها جذور في الأرض لا يمكن ان وتورق في المستقبل كي تبقى على قيد الحياة.
الفنان نبيل گريش بنبله وموهبته لا يضيع فرصة لان تكون ألحانه وكلماته لهولاء الشباب الطموحين لايصال اغنية السورث الى المقام الذي هي عليه الأغنية العراقية بعربيتها وكرديتها وهم في ذلك مشكورون . وهكذا نقول ايضاً كلمة شكر وتقديرالى الفنانين الموهوبين من القوش في حقل التصوير والأخراج والتمثيل والتوزيع الموسيقي الذين شاركوا في انتاج هذا الفديو كليب الرائع. كما اني اطأطأ رأسي للمنقح اللغوي الذي كتب الكلمات بتهجئة صحيحة في السكربت السرياني التي منها نتعلم ان “حوشتا ” هي نفسها الحجة وهكذا ” شولا ” هي الشغل، و ” مخلتا ” هي المنخل التي كُتِبَتْ بالنون المُبطلة. والمقتدر لغوياً يدرك من كتابة هذه الكلمات ان لغتنا أصيلة وهي والعربية المزدهرة حالياً هما من اورمة واحدة، كي يبقى السؤال لماذا تطورت العربية وأضمحلت لغتنتا!!! وما هذا العمل الفني هذا الا خطوة الى الطريق الصحيح لأحياء تراثنا الثري ولغتنا القومية الجميلة.
من غير شك لا بد ان بعض الهفوات ظهرت في الفديو كليب ولكن تبقى غير ذات اهمية مقارنة بالجهد المبذول والغاية الأسمى في ان الفديو كليب ليس فيه ربح مادي بل تقديم خدمة لتراثنا الثري والعاملون فيه من الهواة الذين نأمل لهم الأحتراف يوماً ما لتوثيق تراثنا كاملاً والواقع الأجتماعي لنا كي نتعرف عليه نحن اولاً ومن ثمة العالم من حولنا.
الرابط الى الفديو كليب
https://www.facebook.com/SipyaMK/videos/213762195969862/