زوعا اورغ/ وكالات
يحتفل آلاف الإيزيديين في العالم، الاربعاء، بعيد رأس السنة الإيزيدية الذي يصادف الاول من شهر نيسان الشرقي من كل سنة، فالإيزيدية تتبع التقويم الشمسي، ومع تغيير التقاويم بمرور الزمن اعتمد أتباع هذه الديانة في الفترة الأخيرة على التقويم الشرقي، الذي يتأخر عن التاريخ الميلادي الغربي ثلاثة عشر يوما، ويطلق الإيزيديون على رأس سنتهم اسم “الأربعاء الأحمر”.
ويعدّ الأربعاء الأحمر، أو “جارشمبا سور” عيد رأس السنة الإيزيدية، أحد أقدم الأعياد؛ فهو عيد التكوين والخليقة، بداية الحياة، وتكوين الأرض واكتمال الربيع، وتقول معتقداتهم إن “طاووس ملك” (رئيس الملائكة) بُعث من قبل الرب إلى الأرض التي كانت سرابا ليحولها إلى أرض حيّة من ماء وتراب كما هي، وينبت فيها الربيع بألوانه الزاهية، وكان ذلك في يوم الأربعاء الأحمر بحسب الديانة الإيزيدية.
وبحسب باحثين في التراث الإيزيدي فأن عيد “الأربعاء الأحمر” بالكردية “جارشمبا سور” هو عيد مقدس في الديانة الإيزيدية حيث يتم فيه الدعاء لله وشكر “ملك طاووس” الذي يعتبر بحسب معتقدهم “رئيس الملائكة”، ويعد يوم “بعث الخليقة وبداية الحياة وتكوين الأرض وما يحيى فيها من كائنات”.
ولعيد الأربعاء الأحمر صدى مغرق في القدم، نجده في النصوص السومرية قبل آلاف السنين، التي تحدثت عن عيد “زك موك أو زك ماك” الشهير بين الباحثين في تاريخ الأديان والحضارات القديمة كونه أحد أقدم الأعياد المعروفة في التاريخ البشري، وهو يعني البطن الأول أو أم البطون، في إشارة إلى أول خصوبة، لأن العيد مرتبط بخصوبة الكائنات الحية، كما هي حال “عيد الأربعاء الأحمر” الإيزيدي المستمر إلى يومنا هذا.
الإيزيدية في جميع أعيادها تحتفل مع الدورة الطقسية للطبيعة، فعيد الأربعاء الأحمر، حسب ما يفسر الصحفي المختص في الشؤون الإيزيدية جابر جندو مرتبط بالطبيعة، وفيه تمارس طقوس عديدة؛ حيث يحرم على الإيزيدي مثلاً الزواج وعقد القران في شهر نيسان بالكامل؛ لأن شهر نيسان يكون هو “العروس” التي لا تضاهيها عروس أخرى، لذلك يسمونه “بوكا سالي” باللغة الكردية، أي “عروس السنة”، إشارة إلى تفتح الربيع بكل ألوانه.
وقبل يوم من العيد، أي يوم الثلاثاء، يقوم الإيزيديون بنحر القرابين، وإشعال النيران مساءً.
وفيما يتعلق بتسمية “الأربعاء الأحمر”، يرجح باحثون بأنها تعود إلى زمن امبراطورية ميديا، حيث يقال إن معركة كبيرة نشبت في مثل هذا اليوم وأريقت دماء كثيرة، وبعد أن انتصر الكرد وانهزم العدو سادت البهجة على الشعب الميدي آنذاك وأضيفت كلمة “أحمر” بالكردية “سور” نسبة للدماء الكثيرة المهدورة في المعركة.
ويقوم الكرد من الديانة الإيزيدية بالاحتفال كل عام بعيد “الأربعاء الأحمر” في كل من إقليم كردستان وأرمينيا والمهجر وبعض الدول الأوروبية، ومن تقاليدهم وطقوسهم الدينية في هذا العيد تلوينهم للبيض بعد سلقه بالألوان الموجودة بالطبيعة وخاصة الألوان الثلاث الأخضر والأصفر والأحمر، كما يقوم الإيزيديون بشراء الفواكه والخضروات إشارة إلى يوم الخير والفرح والبهجة، ويزورون مقابر موتاهم قبل العيد ليكونوا أول من يباركون بالعيد، كما يضعون في ذلك اليوم ما حضروه من البيض الملون والحلويات والفواكه والخضروات على آنية كبيرة وواسعة لكل عائلة وكل على حدا لتوزع على الزائرين فيما بينهم وجميع الموجودين في المقبرة.
الجدير بالذكر ان عدد الكرد الإيزيديين يصل بحسب إحصاءات غير رسمية، إلى أكثر من مليون شخص موزعين على إقليم كردستان ومحافظة نينوى والمدن ذات الغالبية الكردية في تركيا وسوريا، وهناك مجموعات في دول مثل روسيا وأذربيجان وأرمينيا وجورجيا وبعض الدول الأوروبية.