يعكوب أبونا
في هذه الحلقة سنتحدث عن سردية المطران إيليا أبونا للحالة التي عاشها وجماعته عند تركهم الكنيسة الكلدانية ورجوعهم لكنيسة المشرق، والتي تطرق اليها في كتابه تاريح بطاركة البيت الأبوي الطبعة الثانية من ص 144 وما بعدها.
ولكن بدءاً لنتعرف على شخصية المطران إيليا أبونا، قبل الدخول في تفاصيل الحدث المنوه عنه اعلاه، نقرأ في سفر القوش الثقافي لمؤلفة بنيامين حداد ، ص 151 – 154 ، يقول: هو كوركيس بن ياقو “يعقوب” بن مروكي بن اسرائيل بن أوراها بن خوشابا ابن القس أوراها بن خوشابا والد البطريرك إيليا مار اوجين العاشر ” 1660 – 1700″، ولد في القوش سنة 1863 وتلقى تعليمه الاول في مدرستها، دخل الاكليريكية سنة 1883 ورسم كاهنا على يد البطريرك إيليا عبو اليونان يوم 8 نيسان 1888 باسم القس كوركيس، وبعد رسامته اصطحبه البطريرك المذكور الى بغداد.
خدم في أماكن عديدة منها بغداد، الموصل، البصرة، ماردين، ادنه، ميافارقين، حلب، بيروت، ديار بكر، ثم دعاه مار إيليا ملوس عنده في ماردين، ثم نصيبين ثم فيشخابور.
استدعاه البطريرك يوسف عمانوئيل فعاد الى مسقط رأسه القوش، فراح يعلم الصبيان، وأحبه الناس لمواعظه البليغة، وصار وكيلا لشؤون الكنيسة، ونشب خلاف بينه وبين رئيس الكهنة القس متى رئيس، بسبب واردات الكنيسة، وفي مطلع 1908 جرى حوار بينه وبين البطريرك، جاء في كتاب الرعاة للراهب الياس شيرا رقم ” 30 ” مخطوط ، بأن البطريرك كان “يوسف عمانوئيل توما الالقوشي 1900 – 1947 “. انتهى الاقتباس.
يذكر المطران إيليا بأن النقاشات كانت حادة بين جماعة من القوش من آل بيت الإيلياويين بطاركة الموصل وبابل ومن تبعهم وبين البطريرك، إلا ان البطريرك وبسبب الشكاوى “الكيدية التي لفقت ضده” أمره البطريرك بترك القوش والعودة الى نصيبين، فصعب عليه ذلك لإيمانه ببراءة ذمته لذلك لم يرضخ للأمر.
وإذ اشتدت الخلافات بين الطرفين، وكما جاء في حوليات الدير1909 ، بأنه ” في 16 كانون الثاني 1908 غادر القس كوركيس قاصدا مار شمعون في قودشانس، ويذكر بنيامين حداد في سفر القوش 151: غادر في موكب من مؤيديه، يذكرمنهم القس كوريال دمان ودنو أبونا ويوسف عبيا وشاكر خوشابا ابونا وبكو متيكا ابونا والقس نعمان والقس إيليا من تلسقف والقس دانيال من أرادن وقس اخر من باطنايا، انتهى الاقتباس .
ويذكر نبيل دمان في كتاب الرئاسة في القوش ص 87- 89 عن الحركة الدينية في القوش عام 1908، يقول في زمن رئيس قرية القوش “ججيكا يلدكو”حدث امر هام ترك بصماته على تاريخ تلك البلدة، وهو خروج مجموعة منها ومن القرى المحيطة بقيادة القس كوركيس ابونا، وقد سبق ذلك خلاف حاد حصل بينه وبين المبشرين الغربيين في الموصل “الباتريه” وصل الخلاف الى حد ان دبروا له مكيدة اغتيال، ويقال أن مار عمانوئيل أخبره بذلك وطلب منه مغادرة الموصل بالسرعة الممكنة، وهكذا تسلل ليلا يساعده الأخوين ساوا وبتي وقد تنكروا جميعا بملابس البدو وخرجوا من الموصل”. انتهى الاقتباس.
إن كان هذا أو ذاك.. إلا أن قرار البطريرك عمانوئيل، كان سببا لترك القس كيوركيس ابونا ” القوش مع بعض من مؤديه قاصدا قوجانس معقل كنيسة المشرق، ليقدموا الطاعة لقداسة مار شمعون ويكونوا من ابناء الكنيسة القديمة.
هنا يذكر المطران إيليا في 144 من كتابه اعلاه ، بأن اهالي القوش كتبوا الى البطريرك في الموصل واعلموه بالأمر. يقصد امر مغادرتهم القوش، وللحال اتصل هذا “يقصد البطريرك عمانوئيل” بحاكم الموصل وأفهمه ان جماعة من المتمردين ومثيري الشغب قصدوا بطريرك النساطرة ليرسمهم اساقفة وكهنة، وليعودوا الى القوش ويسببوا الخصومات والانشقاقات والانقسامات في البلدة، وحثه على الاتصال تلفونيا بالسلطة في العمادية لتلقي القبض عليهم وتعيدهم ليتلقوا العقاب الذي يستحقونه. فلبى الحاكم طلب البطريرك واتصل بالعمادية إلا أننا “والحديث للمطران إيليا” يقول كنا قد تركنا حدود العمادية قبل تلقيهم الأمر تلفونيا من الموصل.
وفي منطقة “جولميرك” وقعنا في الأسر انا وابن عمي بطرس لفترة اسبوع. فكتب مار شمعون الى السلطان في استنبول بشأن أسرنا، وفي الحال صدر امر من استنبول بإطلاق سراحنا واخلاء سبيلنا لنواصل سفرنا الى قودشانوس.
ويضيف لدى وصولنا قودشانس فرح البطريرك مار شمعون بنا كثيرا، ووعدنا ان يعمل قصارى جهده لتحقيق هدفنا.
ولم تمض سوى فترة قصيرة حتى أقصي السلطان العثماني عبد الحميد الثاني 1842 – 1918″ الذي عرف باستبداده في مقاومة الدستور، لذا لقب بالسطان الاحمر لسفكه الدماء في مذابح الارمن، خلعه فتيان الترك، ” المنجد في الادب والعلوم ص 336 – 337 “، عن عرش المملكة، وخلفه اخوه السلطان محمد الخامس رشاد 1909 – 1918 الذي استُخدم استخدم من قبل حزب تركيا الفتاة لتنفيذ اهدافهم، عجز عن مواجهة ايطاليا والبلقان فاشترك في الحرب العالمية الاولى ، وساد المملكة اضطراب، وكثرت النزاعات والخصومات ونشبت الحروب.
وكان قداسة البطريرك مار شمعون يفضل ان يستصدر بحقنا امرا ملكيا “فرمان” ومن ثم يلبي طلبنا، إلا ان الاضطرابات التي عمت البلاد لم تسمح بتحقيق ذلك.
وفي 19 نيسان من السنة المذكورة 1908 وفي الاحد الثالث للقيامة، منح البطريرك الشماسين دانيال بن صادق ابونا، ” باسم القس حنا” ويوسف بن هرمز عبيا، الدرجة الكهنوتية. كما رفع القس كوركيس بن يعقوب من بيت مار إيليا إلى درجة الاركذياقون . وفي الاحد التالي رسمه اسقفا ودعاه إيليا، وبعد الرسامة ألقى الاسقف الجديد كلمة شرح فيها قدم واصالة الكنيسة الشرقية وتعاليمها الحقة الراسخة التي تسلتمها من ايدي الرسل الطوباويين مار توما ومار ادي ومار ماري مباشرة، وكيف توارثت هذه الكنيسة تعاليمهم التي لم تتبدل ولم ينقص منها شيء البتة، ولم يحدث أي تغيير جوهري في قوانين الايمان المستقيم الممجد، والحديث للمطران إيليا.
وفي شهر اب ارسل الكاهنان المذكوران مع بطرس ابن عمنا الى القوش وراحا يقدمان خدمتهما الكنسية يوميا، وفي ايام الاحاد والتذكارات كان يقدسان من أجل ارواح الأحياء والاموات من ابناء الكنيسة. وبعد فترة قصيرة قدم الى قودشانوس شماسان آخران هما زخريا بن منصور كوكي، وكوريال بن ججو طعان”.
يذكر نبيل دمان في كتاب الرئاسة في القوش ص 88 – 89 بأن القس كوريال طعان هو من اسرة دمان الالقوشية المعروفة، كان ضمن من لحق بالمطران إيليا أبونا الى قودشانوس، وهناك رسم كاهنا من قبل الشهيد مارشمعون بنيامين، وعقب عودته الى كنيسته الكلدانية عين كاهنا في قرية ” ملا بروار ” إلا انه اقدم على عقد قران ابن اخ البطريرك عمانوئيل المدعو توما على اجمل فتاة في زمانها ” سرى حنا رئيس ” ترا ” وكانت قد فقدت زوجها الاول توما بوداغ في اتون الحرب العالمية القائمة، فأغاظ ذلك البطريرك عمانوئيل فجمد الاب كوريال حالا ، وابلغ عنه الجندرمة بأنه في حل من التزامه فسيق الى العسكرة، فلقى حتفه في احدى جبهات حرب تركيا “سفر برلك” تاركا طفلا صغيرا عمره ” 10 ” سنوات واسمه بحو وبنتا اسمها “أمينة ” انتهى الاقتباس.
ويضيف المطران إيليا: إلا أن الامر لم يتوقف عن ذلك بل تبعهما اربعة شمامسة اخرون من قريتي تلسقف، وباطنايا، يقول كوركيس عواد في تحقيقات بلدانية تاريخية اثارية ص 22 – 23 ، “تلسقف قرية آشورية كبيرة، شمال اطلال نينوى على بعد 20 ميلا منها، يقطنها المسيحيون الكلدواشوريين، الى جانبها تل أثري يعود الى العهد الاشوريين ، ومنه اخذت اسمها الذي يعنى التل القائم او المنتصب” انتهى اقتباس .
وعن باطنايا يقول كوركيس عواد في ص 14- 15 “باطنايا قرية آشورية شمال نينوى على بعد 18 ميلا منها بين تلكيف، يقطنها ىالمسيحيون الكلدوآشوريين”. انتهى الاقتباس.
وتلقى هؤلاء الشمامشة ايضا الدرجة الكهنوتية، وعادوا ليخدموا في قراهم وراحت كنيستنا الصغيرة تنمو وتزدهر.
ويضيف المطران إيليا في ص 143 و144، بأن البطريرك عمانوئيل وبناء لطلب نمرود وجماعته ارسل اسقفا لمدينة “وان” وجاء المرسل وبنى قصرا كبيرا فيها، وراح يرسل الكهنة والمبشرين والدومنيكان الذين راحوا يوزعون النقود بكميات كبيرة وبلا عد ولا حساب على القرى المحيطة بمدينة “وان”، و”جولميرك”، فقسم الناس كما يقول المطران إيليا بأنه كان يسمع منهم يقولون نحن من اتباع مار شمعون والقسم الآخر يقولون نحن من اتباع “الباتري دا فرانس” المرسل من قبل البطريرك عمانوئيل.
وبعد فترة ارتأت ارسالية كنتر بيري ان تنتقل من اورميا لبعدها عن ابناء الأمة، واختارت مدينة وان عوضا عنها، واشتروا هناك ارضا، ونقلوا المدرسة اليها وصار التلاميذ سنة بعد اخرى يدرسون فيها، وكانت كل نفقاتهم ونفقات معلميهم اضافة الى نفقات المدرسة على حساب الارسالية.
ولكن في ص 146 يذكر، بأن القيمين على مدرسة الارسالية الانكليزية ارتأوا عدم ابقاء مدرستهم في “وان” لبعدها عن ابناء الأمة، وبخاصة ابناء القوش والقرى الأخرى، ولذلك كتبوا الى رئيس الاساقفة بعد أن حصلوا على موافقة البطريرك شمعون بنقلها الى منطقة العمادية لقربها من قرى الموصل ليتمكن اطفال هذه المنطقة من المشاركة مع ابناء الأمة في الحصول على التعليم واقتناء المعرفة والحكمة اسوة بكنائس الأمم الأخرى. ومن اجل تحقيق هذا الهدف السامي تم اختيارقرية ” بيبيدي ” لتكون مركزا للامة كلها ،
ولاقت هذه الفكرة قبولا، وحظيت بموافقة راعي الرعية ورؤساء الإرسالية ، وبوشر بالعمل والبيوت التي في “وان” مع المدرسة بيعت جميعها، وتم شراء الأراضي في قرية بيبيدي المذكورة، وهي قرية آثورية الى الغرب من قلعة العمادية بمسافة 8 كيلومترات، كان تعداد سكانها في العقد السادس من القرن الماضي 480 نسمة”، المصدر جمال بابان، اصول اسماء المدن والقرى والمواقع العراقية جـ1 ص 113- 114 “.
ويضيف المطران إيليا أبونا إلا أن الكثير من الحاقدين وكارهي الخير والصلاح سعوا جهدهم لإقناع الأكراد القاطنين فى قلعة العمادية والقرى المجاورة لها، بأن الانكليز اذا ما قاموا ببناء بيوت لهم واقاموا بينكم، واسسوا مدرسة، ستكون هذه المدرسة وهذه البيوت مركزا لهم وحصنا منيعا ومسكنا للتياريين.
” التياريون من الآثوريين نسبة الى منطقة تياري، والتي هي قسمان تياري العليـا وتـــاري السفلى، ويشكلان القسم الجنوبي من منطقة داسن او بيث طوري، اي منطقة الجبال، وكانت تشكل ابرشية كبيرة في الكنيسة الشرقية، تبدأ من وادي نحلا وطلانا وتمتد نحو الشمال في منطقة حكاري، ويحدها غربا ابرشية بانو هدرا، وشرقاً ابرشية بيت بغاش، ومن الجنوب اشور والمرج “مركا” وتشكل داسن مناطق الآثوريين قبل الحرب الكونية الأولى مثل تياري وتخوما وباز وجيلو .. الخ “؟. المصدر” بنيامين حداد، رحلة سكماني ص 60 “.
فكتب الأكراد الى السلطان في استنبول مظهرين رفضهم القاطع لوجود الانكليز قائلين بصراحة : لا نريد ان يبني الانكليز بيوتا بيننا في “بيث بيدي ” الا ان المملكة بالعكس منحت الانكليز تصريحا بالبناء وراحوا يقيمون البيوت بالشكل الذي ارادوه.
وأما الأكراد هناك قسموا بالايمان الغليظة بألا يسكتوا على هذه الاعمال حتى الموت أو انهم سيغادرون المنطقة ويتركونها للانكليز اذا ما نزلوا فيها، وابرقوا الى رئاسة المملكة مرات عديدة، ولم يتلقوا اي جواب، وبعد فترة طويلة، وبوساطة طاهر باشا حاكم الموصل صدر قرار ملكي من استنبول يجيز للانكليز بناء بيوت لهم في “بيت بيدي” وأن ينزلون بها. وإن الأكراد احرار فيما إذا أرادوا مغادرة أماكنهم والانتقال الى اي مكان يشاؤون. وهكذا تم بناء بيوت كبيرة وجميلة، وفتحت المدرسة، واجتمع الاطفال من كل مكان للتعلم فيها، أما الأكراد فلم يتحرك احد منهم من مكانه.
ويضيف بنيامين حداد في مؤلفه أعلاه ص 152 يقول “في 22 أب 1910 صدر تحريم كنسي بحق القس حنا ابونا والقس يوسف عبيا اللذان كان يخدمان في كنيسة مار كوركيس في القوش، وفي 22 كانون الثاني 1910 وصل المطران إيليا الى القوش، وفي اليوم الثاني توجه الى الموصل مع جماعة من الانكليز الذين كانوا رافقوه، للتوسط لدى والي الموصل لإصدار إذن باتخاذ القوش مقرا له، وبسبب اعتراض البطريركية واهالي القوش أجبر على الاقامة في بيت نمرود رسام لحين تلقى الجواب من استنبول.
أما الكهنة الثلاثة يوسف عبيا وحنا ابونا واسخريا كوكي، فقد قدموا طاعتهم للبطريرك عمانوئيل، الاول في ايلول 1908 والثاني في 10 كانون الاول 1910 والثالث في 29 تشرين الثاني 1910 فقبلوا ولكن تحت الربط القانوني بحيث لا يمارسون مهامهم الكهنوتية.
اما نبيل دمان في ص 88 من كتابه أعلاه يذكر: “بعد رجوع هؤلاء القسان الى القوش وجدوا انفسهم محاصرين ولا حول لهم لتوسيع حركتهم، لأن روما كانت مستحوذة على كل كنائس البلدات المحيطة بالموصل، لذلك اتصلوا بالبطريرك مار عمانوئيل لغرض رجوعهم الى احضان الكنيسة الكاثوليكية، وتم توزيعهم على دور العبادة في محيط المنطقة، القس يوسف عبيا في النصيرية والقس كوريال ككميخا في ملة بروار والبقية في اماكن مختلفة” انتهى الاقتباس. يظهر بأن هذا الإجراء والتوزيع تم بعد انتهاء فترة الربط القانوني الذي قيدهم به البطريرك عمانوئيل ؟ .
ويذهب بنيامين حداد فيقول في ص 152 من كتابه اعلاه: (أما مار إيليا أبونا فذهب الى سعرد مركز ابرشته وبقى فيها، وفي كانون الاول 1915 رافق مارشمعون الى “برفان ” للتفاوض مع قوات روسيا حول مصير الآثوريين وموقفهم من احداث الحرب العالمية، وكان ايضا احد اعضاء الوفد الذي فاوض الروس في مدينة ” تفليس” لطلب المساعدت للآثورين وكان الوفد مكونا من الاساقفة مار توما اودو ومارإيليا أبونا واسحاق يونان).
يذكر نينوس نيراري في ص 109- 111 من كتابه “أغا بطرس” ترجمة فاضل بولا، يقول: (في 25 تشرين الاول 1917 قامت الثورة البولشفية الروسية بقيادة لينين الذي ابرم اتفاقية السلام مع الألمان وحلفائهم لينسحب من الحرب فتم ذلك، إلا أنه تخلف ” 200 ” ضابط روسي في ايران واذربيجان من تنفيذ الامر، وقرروا الانضمام الى القوات الآشورية كفدائيين، فدعا البطريرك مار بنيامين في الخامس والعشرين من تشرين الثاني 1917 لاجتماع طارئ لدراسة تشكيل جيش نظامي للمقاتلين الاشوريين، وبعد نقاشات تم الاتفاق على مقترح أغا بطرس بتشكيل قوات نظاميه بقيادة داويذ أخو البطريرك، وقوات غير نظامية تحت قيادة أغا بطرس، وتم وضع القوات بقسميها النظامي وغيرالنظامي تحت امرة قائد أعلى هو الجنرال الروسي “كوزمين”، وبعد هذا التشكيل طلب أغا بطرس بفتح المشاجب وتسليح المقاتلين.
وكتب البطريرك مار شمعون الى مار إيليا الالقوشي ” ابونا ” في “خوي” لتشكيل قوة قتالية من ابناء تلك المنطقة من الاشوريين) انتهى الاقتباس.
وبقى مار إيليا في مركزه حتى الهجرة الآثورية الى العراق، وعن حادث اغتيال مار شمعون بنيامين من قبل المجرم سمكو سنة 1918، يقول: (بعد أن أوصلوا جثمان الشهيد مار شمعون الى احدى كنائس الأرمن في خسراوا وقام مار إيليا أبونا أسقف آثور للكنيسة القديمة بتقديم الذبيحة الإلهية، جسد ودم المسيح الحي من أجل أحياء واموت الأمة، ومعه أحد القساوسه الأرمن ودفن في تلك الكنيسة. وتم تنصيب اخو البطريرك الشهيد مار شمعون بولص بطريركاً في 29 / ايار / 1918 في كنيسة مارت مريم، الذي كان مار إيليا أبونا قد أسامه قسيساً قبل ذلك).
وبعده حل المطرن إيليا أبونا في بعقوبة ثم مندان ثم بغداد فالموصل، وظل يتردد بين الموصل والقوش، وكانت رغبته متجهة الى تأسيس كنيسة مشرقية في الموصل، لكن عورض ولم يستطيع تحقيق ذلك، وبتوسط القاصد الرسولي “بتري” عاد الى الكنيسة الكاثوليكية الكلدانية وكان ذلك يوم 6 كانون الاول 1922، وإن المطران بابانا في كتابه “القوش عبر التاريخ” يقول: كان ذلك سنة 1921 ، فتصالح المطران مار إيليا أبونا مع البطريرك مار عمانوئيل مشروطا أن يعينه مطرانا وفي سنة 1924 عين وكيلا بطريركيا على ابريشة عقرة، ولم يمكث بها سوى سنتين عاد بعدها الى القوش حتى وفاته 14 ايار 1955 ودفن في كنيسة مار كوركيس في القوش.
يصفه بنيامين حداد بأنه كان طويل القامة مهيبا طليق اللسان ذا قابلية جيدة في فن الخطابة بليغا في وعظه وكان يتمتع بصوت ملائكي رخيم، وكان متضلعا من اللغة السريانية وعارفا بدقائق طقس الكنيسة الشرقية ويجيد العربية ويحسن الانكليزية والكردية، وكانت له مؤلفات عديدة منها كتاب في علم الفلك، وكتاب دليل ومرشد المبتدئين الى معرفة سير الآباء البطاركة الأبويين بالسريانية سنة 1927 ، وكتاب بالسريانية في 1929 ” السورث ثبتا” سوركادا ” بأجيال أسرة أبونا التي قامت في القوش، كما له كتاب نقل من العربية الى السورث رواية يزدانوخت للمطران سليمان الصايغ، وكتاب تاريخ بطاركة البيت الأبوي، الذي هو أحد مصادر بحثنا في هذه الحلقات.
وفي الحلقة القادمة سنتحدث عما أورده المطران إيليا أبونا كشاهد عيان عن استشهاد البطريرك مارشمعون بنيامين.