هرمز طيرو
منذ مذابح بدر خان بك أواسط القرن التاسع عشر وبعدها احداث الحرب العالمية الأولى ثم مذابح سميل والخسائر البشرية والمعنوية والمادية الهائلة وضعف الديموغرافيا نتيجة خسارة الأراضي والقرى ومناطق شاسعة من اماكن السكن التاريخية لشعبنا وعمليات النزوح الكبرى ( فأن الانسان الكلداني السرياني الأشوري يحس ويشعر بأن فقدان الأمن هو القاعدة ، والأمن الجزئي بين الحين والأخر هو بمثابة الشذوذ عن القاعدة ) عليه فأن الشعور بأنعدام الأمن يتصاعد وينتقل من جيل الى اخر ، وأن السعي الى حماية الأمن القومي بأعتبارها (أستراتيجية دائمة ) هو الاولوية في المسؤوليات والمهام للحركة الديمقراطية الأشورية بوصفها القوة الفعالة في مواجة التحديات المركزية ، وكذلك الى ترجمة التأييد الجماهيري الواسع الى برمجة مسألة الأمن القومي الى استراتيجية بعيدة المدى ، أضافة الى تعزيز أمن الحركة الديمقراطية الأشورية الذي يعتبر مكون جوهري من مكونات الأمن القومي بالنسبة الى شعبنا وأمتنا.
عليه ، يتعين اعتبار أمن الحركة الديمقراطية الأشورية مرتبطاً بشكل وثيق بالوضع القومي ، لذا تشكل كيفية تعريف ” الخطر الجديد ” للأمن القومي قضية أساسية في فهمها ، بدءاً بالأخطار الأستراتيجية وصولاً الى الأخطار غير المألوفة ، لأن مسألة تعريف الأنسان للخطر تحدد بعد ذلك طريقة الرد على ذلك الخطر وأن يفرق بين الشركاء التاريخيين والحلفاء الانتهازيين والاعداء المكشوفين والمناوئين السريين .
ونظرأ لأن شعبنا الكلداني السرياني الأشوري يعتبر من الشعوب الواعية والمدركة للمجريات العامة ، لذا سيكون من السهل عليه فهم هذا التعريف ، وأن يكون مستعداً من تحمل التضحيات االلازمة لمواجهة التهديدات . لذا فأن معضلات الأمن القومي في العقود الاولى من القرن الحادي والعشرين ستختلف عن معضلات القرن العشرين المنصرم من حيث الاتصال والارتباط التقليديين بين السيادة الذاتية والأمن القومي ، في حين هنالك مشابهة من حيث العنف الاجرامي المتمثل بالأرهاب النفسي والسياسي والأجتماعي . وأن قدرة الحركة الديمقراطية الأشورية على الرد على الخطر قد تكون مقيدة وذلك :
اولاً : لعدم وجود وضوح في مصدر التهديد من قبل الأخرين .
ثانياً : عدم التقاء العامل الذاتي مع العامل الموضوعي في تعريف وفهم الخطر الجديد
للأمن القومي .
ثالثاً : ما مقدار الأمن القومي الذي ينبغي للحركة الديمقراطية الأشورية من تحقيقه بشكل
أحادي ، وما المقدار الذي يتوقف على التعاون بين الحركة والأطراف المتعدة
الأخرى .
ومع ذلك ، نجد أن العاملين الأستراتيجيين اللذين سيواجهان شعبنا الكلداني السرياني الأشوري على المدى البعيد هما :
اولاً : اعتماد شعبنا وبشكل اساسي على قدراته الذاتية .
ثانياً : الانخراط في عملية تحول مبدئي وعملي ودقيق لبناء شراكة استراتيجية مع المحيط الوطني العراقي .
وأن الرد الفطري لمعظم أبناء شعبنا على هذين الخيارين ، فهو تفضيل الجمع بين الذاتية والوطنية ، مع التركيز وبدون شك على الأحتفاظ بتفوق الحركة الديمقراطية الأشورية ، لأن قوة ومكانة وتفوق الحركة هو الخيار المفضل لدى الشرائح الواعية في المجتمع من أجل الحفاظ على الأمن القومي .
غير أن قوة ومكانة الحركة الديمقراطية الأشورية لا تعني القدرة على فعل كل شيء ومهما كانت الوسائل المفضلة ، فأن الحركة بحاجة الى اجراء دراسة متأنية لتلك القوى السياسية داخل المجتمع الكلداني السرياني الأشوري ، أضافة الى القوى السياسية والاجتماعية داخل المجتمع العراقي ، والتي لها دور فعال في بناء نظام راسخ وأمن ، ومعرفة أي من الخيارات المتاحة امام الحركة من أجل تحديد مصالحنا العليا ورعايتها بكفاءة ، وأي من هذه القوى السياسية يمكن التسامح معها ، قبل أن يغرق شعبنا بدون شك في ازمة من الفوضى السياسية ، لأنها تحتل ولا تزال الخطرالأكبرعلى مستقبل شعبنا ومن ثم الحاق الضرر الكبير بأمننا القومي .
ومع ذلك ، فأن النخبة السياسية والطبقة الواعية والمثقفة من أبناء شعبنا تدرك هذا التحدي الأخير تماما ، وبالتالي يمكننا توقع استمرار الحركة الديمقراطية الأشورية في بذل جهود كبيرة في تحسين قدراتها الذاتية والتي سوف تشمل حسب تقديري تغير في الأستراتيجيات مع الثبات في المبادىء وتطوير التكتيك مع التشديد على الترابط بينهم.