د. المؤرخ حسن الزيدي
اولا-الحديث عن مهنة الصحافة محبب ومعقد لانها احدى ادوات المعرفة .فهي ليست مهنة تأليف كتب ولادواوين شعرولا بيانات سياسية ولا لوحات رسم ولاقطع موسيقية ولا محاضرات ودراسة جامعية اوبحوثا مختبرية اورسوم خطط للبناء اوللحرب .انما هي وسيلة واداة اعلامية -انبائية -اخبارية-(يهمها ويعنيها ان تعرف بعضا من كل هذه الانشطة الخاصة (اين) حدثت ومتى: ؟ ومن هم المساهين بانشائها؟ لنقل وتعريف بعضها للعامة( القراء) الذين يختلفون في اعمارهم ومستوياتهم الفكرية ورغباتهم وتوجهاتهم. فمنهم من يهتم بالرياضة اوالسينمة اوالطبخ اوالخياطة والتطريزاو الزراعة اوالصناعة اوالتجارة اوالفنون اوالعلوم اوقصص الحب والخيال اوعن الجرائم والطرائف والمنوعات والاسئلة المنوعة والكلمات المتقاطعة الخ .
ثانيا-هناك تداخل فكري بين المعرفة والاعلام. فالمعرفة تعني عادة تخصص في مجال وقطاع ونشاط معين مثل انشطة وفاعليات الزراعة والصناعة والتجارة والبناء والعلوم والادب .في كل منها (تخصص داخل التخصص).اي هناك (جمهورخاص متخصص لكل نشاط) في حين الاعلام نشاط اقل تخصصا يتعلق بمعرفة بعضا وجزئا من المعارف ضمن مقولة (العلم بالشي ولا الجهل فيه) .اي ان الاعلامي ليس مزارعا ولا بنائا ولاصيدلانيا ولامؤلفا بل يفترض فيه ان يملك حسا وقدرة على الاطلاع ومتابعة بعض الانشطة ويعرف عنها اقصى ما يمكنه معرفته لتعريف (الجمهورالعام -جمهورالقراء).
ثالثا-في اللغة العربية تتداخل كلمة صحيفة مع كلمات بيان ونبا وخبر.ففي الاية 138 من س ال عمران( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقتين).في سورة النمل الاية 22 (فمكث غيربعيد فقال احطت بما لم تحط به وجئتك من سبأ بنبأ يقين ).كما ان الصحف تعني كتبا .ففي سورة الاعلى الاية 12 (صحف ابراهيم وموسى).
رابعا -الصحافة ترتبط بالكتابة .اذ لاصحافة بلا كتابة وتدوين وتوثيق باشكال مختلفة على (طين مفخور) عرفه السومريون في الكتابة المسمارية وملحمة كلكامش التي كتبت باللغة الاكدية عام 2100قبل الميلاد ومثلها المكتبة الاشورية وقانون حمورابي في مواده ال 282كتبت على (حجر الصوان) المنتشرفي البحرين ومسقط. كما كتب الفراعنة على (ورق البردي) بعد تحويله الى صفائح.كما ان الصينيين والاغريق والرومان وشعراء المعلقات كتبواعلى (ورق ) صنع باحجام وانواع متباينة .لذلك ظهرت مهنة (الوراقيين والنساخين والرواة والوعاض) الذين يتطلب منهم معرفة القراءة والكتابة وحسن الخط وهم ليسوا بالظرورة مؤلفين وهم ليسوا صحفيين ولا اعلاميين ولا اخباريين.
خامسا-يعود الفضل في نشر الطباعة والصحافة للمبدع الالماني (خوان كوتنبيرغ) عاش بين 1468/1400م في مدينة ماين حيث اخترع مطبعة حجرية لطبع الانجيل الذي طبع منه في حينه 30 نسخة.
سادسا -من المانية انتقل علم المطبعة لبعض الدول الاوربية وخاصة ايطالية وفرنسا وبريطانية والولايات المتحدة والامبراطورية العثمانية ومصر في عهد محمد علي حكم بين 1805/ 1848ولبنان بفضل مسيحيية والصين و اليابان وغيرها.
سابعا.على صعيد العراق.في العهد العثماني في عام 1821م/1237هجري تاسست اول مطبعة حجرية في الكاظمية في شمال بغداد من قبل باقرالتفليسي الذي طبع فيها كتاب دوحة الزوراء في تاريخ وقائع بغداد لمؤلفه رسول الكركوكلي .
في عام 1830م /1246هجري في عهد الوالي داود باشا اخرالولاة المماليك في العراق حكم 1831/1816تأسست اول (مطبعة الية).في 16حزيران 1864م/5 ربيع الاول 1286هجري صدرت جريدة/ الزوراء باللغتين التركية والعربية .وبقيت مستمرة حتى الاحتلال البريطاني في اذار 1917 .
ثامنا -في فترة الاحتلال البريطاني بين 7 اذار 1917و 7 تشرين اول 1933صدرت مأت الصحف والمجلات وادت ادوارا توجيهية هامة في توعية الناس.
تاسعا -في العهد الملكي بين 1958/1933 وفي عام 1933م/1352هجري في عهد حكومة رشيد علي الثانية وتتويج الملك غازي صدر (قانون المطبوعات رقم 57 ) في عهد حكومة نوري السعيد الثانية عشر تقررفي 14 اب 1949 الغاء امتياز 237 صحيفه.في14 اب 1954قررالغاء 15 صحيفة وفي29 اب عطل 18صحيفة وفي 23 ايلول عطل 19صحيفة .اي خلال خمس سنوات تم اغلاق 285 صحيفة ومجلة مما يعني الانتشارالكبيرنسبيا في الصحافة في العراق علما بان الامية كانت لا تقل عن /30
عاشرا-في عهد نظام البعث بين 1968و 2003بقيت الصحف والمجلات الحزبية والنقابية والمهنيةوهي صحيفة الثورة صحيفة التاخي.صحيفة اتحاد الشعب مع مجلات اسبوعية متخصصة للفلاحين والعمال والنساء والطلبة والرياضة ومجلات الف باء الاسبوعية ومجلتي والمزمار للاطفال والاحداث ومجلات السينما والاقلام وافاق عربية ومابين النهرين السريانية وصحيفة في اللغة الانكليزية واخرى في الفرنسية ومجلات فصلية لنقابات المعلمين والمهندسين والمهن الطبية والاقتصاديين والمحاسبين والمحامين والحقوقيين والصناعيين وغيرهم واستقطاب مئات الصحفيات والصحفيين والشعراء والروائيين والرسامين والفلاسفة والمؤرخين وعلماء الاجتماع والاقتصاد والسياسة اللواتي والذين لا يزال معظمهم احياءا يفتخرون بما كتبوه ورسموه وأشعوره.كما تأسست نقابة الصحفيين وتقاعد الصحفيين.
ثامنا-منذ الغزو الامريكي للعراق في 20 اذار 2003 وتنصيب عناصرعنصرية ورجعية وعميلة اقرت مضطرة عام 2005 دستورا ذا طبيعة شبه دمقراطية جاء في مادته ال 38 في الفقرة ثانيا منها بان (حرية الصحافة والطباعة والاعلام والنشر) غيران الصحفيين والصحفيات الذين واللواتي استشهدوا بلغ عددهم حتى الان اكثر من مائتي شهيد وشهيدة مما يعني بانه ليس العبرة بوضع كلمات جميلة في دستور اوقانون عن الصحافة بل العبرة بالايمان والاقتناع بالحريات الشخصية وخاصة حريات المعتقد.
تاسعا-الصحافة مهنة تحتاج كفاءة وجرءة ونزاهة وامانة وموضوعية وصدق وتقصي عن الحقائق والاتكون ثرثرة بل تؤدي ادوارا ايجابية في الدول التي تتمتع باقدارمن الحريات حيث تساهم ليس في اخبار واعلام الناس مايحصل من احداث أنية في العالم بل وتكون احدى ادوات رقابة على السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية وعلى الشخصيات العامة وتمجد من يستحق من المبدعين وتكشف الاساليب والممارسات الخاطئة والمضرة في المجتمع. كما انها تتكيف مع تطورات المجتمع ثقافيا وعلميا.
منذ دخول التقنيات الحديثة من البرق واللاسلكي والكامرة و(الحاسوب) والانترنيت والهاتف المتجول والاقمار الاصطناعية وغيرها فلم تعد الصحافة ورقية فقط بل دخلت فيها اشكال من التقنيات التي هي في تطوردائم وعلى الصحفي ان يتطور ويتكيف معها حيث ظهرت مهنة (الصحافة المتخصصة) في الزراعة والاقتصاد والتجارة والعلوم والفنون والمسرح والسينمة والجنس والحيوانات والحروب الخ.
تحيات اجلال لكل شهداء الكلمة الحرة الصادقة والنبيلة في كل مكان وزمان .
د. المؤرخ حسن الزيدي