زوعا اورغ/ عنكاوا كوم
استعادت مجلة الشبكة العراقية في اخر اعدادها الذكريات الاولى للفنانة المعروفة ليندا جورج في مبنى تلفزيون العراق ابان فترة الثمانينات .. واستذكرت جورج مع محاورتها الاعلامية رجاء الشجيري خلال لقاء نشر في عدد المجلة حضورها لمبنى التلفزيون واهتمام الاعلامية العراقية القديرة شميم رسام بها كما ابرزت في سياق اللقاء موقف الفنانة ازاء الغربة وتاثيرها على ادائه الفني فضلا عن بعض المحطات الحياتية التي مرت بها وفيما يلي نص اللقاء :
ليندا جورج: مزجت البوب بالغناء الشعبي
حوار: رجاء الشجيري
ملكة غناء آشورية، سحرت القلوب بصوت شموخ الجبال وعذوبة المياه المترنمة بين القرى، غنت أكثر من 180 أغنية تنشد للحب والحياة والجمال والوطن، مزجت ما بين موسيقى الفلكلور الآشوري السرياني والبوب مزجاً انطلق مذ ألبومها السابع ”خمرا تيقا – نبيذ معتق” عام 1993 لتصدح بغناء جميل فيه تراث وحداثة معاً،
وقد صدر لها العديد من الألبومات منها “إلى متى، عرش المملكة، ألحان من شمال بلادي، وردة بين ذراعي الحب، كنارة الروح، إلهة الحب، أسود وأبيض، نبيذ معتق، سلام على الأرض، على أجنحة الملائكة، عسلي..” وغيرها الكثير.
ليندا جورج.. بعد ابتعاد ٤٠عاماً عن بغداد حلت ضيفة على مجلة “الشبكة العراقية”:
ذكريات وطفولة
البريق الذي كان يلمع في عيني ليندا جورج كان فيه من الدهشة والحنين الكثير وهو مصحوب بالذكريات لكل طريق وزقاق ومحلة ومكان في بغداد، فكان سؤالنا لها: *كيف شعورك الآن بعد كل سنوات الغربة عن بغداد وما أول الأماكن التي زرتها؟ لتجيب: الشعور مهيب جداً فرح وألم معاً.. النعيرية منطقة ولادتي التي سكنتها.. كانت أول مكان أذهب إليه تتراءى أمامي تفاصيل الأزقة والجيران والأحباب هناك، وذكريات طفولتي في كنيسة مريم العذراء التي هرعت مسرعة لرؤيتها وأنا أستجمع كيف كانت ليندا ذات الخمس سنوات ترتل فيها ويحملها المرحوم الشماس (أويقم أوشانا عزيز) على الكرسي لكي يراها الجميع ويسمعونها.. كذلك زرت كنيسة النجاة.
تضيف جورج : وأنا أتجول في شبكة الإعلام العراقي، التي استضافتني، وقبل المجيء إلى مجلتكم، شاهدت ستوديو إذاعة العراق وتذكرت مبنى الإذاعة والتلفزيون هنا عندما غنيت فيه وأنا طفلة صغيرة في برنامج عيد الميلاد في رأس السنة مع السيدة شميم رسام التي كانت مهتمة بي كثيراً وتخاف عليّ وترعاني، وأنا متفاجئة أن البناية موجودة كما كانت دون تغيير.
جذور وغربة
*كيف كانت غربة ليندا وماذا صنعت منها؟
ــ الغربة داء لا علاج له، دائماً أقول إن الغربة والوطن مثل الزيت والماء لايختلطان أبداً، جذوري وانتمائي قويان جداً لبلادي، لكنني كنت في تحدٍ دائم وتواصل مع الوطن وأخبار البلاد والأهل والأصدقاء والناس هناك برغم صعوبة دخولي إلى بغداد وحرماني من رؤيتها بسبب الجواز الذي أحمله، لذلك فإن الغربة خلقت الكثير داخلنا فنياً وإنسانياً.
تراث وحداثة
“يداً بيد نذهب معاً إلى أم المدن
صوتك حين تغني يشبه صوت البلابل في البساتين..
ألحانك كالحان القيثارة في زمن الملوك”..
هي كلمات أغنية “أتيوت خيي- أنت حياتي” التي تشدو بها جورج.. هذا الدفء والقوة في صوتها وموسيقاها جعلانا نتساءل كيف مزجت وأدخلت موسيقى البوب إلى موسيقى الأغاني الآشورية الفلكلورية؟
-الغناء الشعبي الفلكلوري الذي غنيته وعرفت به هو غناء يأتي من القرى والطبيعة، وقد عملت لي الوالدة -رحمها الله- ألبوماً خاصاً من نغمات شمال العراق.. طورت الغناء الشعبي بمزج موسيقى البوب وعرفت -فيما بعد- أيضاً به، فالجيل الجديد كان يطلب دوماً أن أغني البوب بطريقة حديثة..
سميراميس
*ماذا يمثل لك التاريخ.. وروح أية ملكة تشعرين أنها ترافقك وأنت في بغداد الآن؟
ــ الملكة (شميرام – سميراميس) لأنها بطلة عبر التاريخ البشري، وهي محاربة أيضاً، أنا أحب التاريخ كثيراً، غنيت في عمر الـ١٤ عاماً قصيدة
“يا نسر آشور”، كما أنني كنت أكتب وألحن أغاني تاريخية توثق الحضارة النهرينية، كتبت وغنيت أغنية “العرش الملكي”، لذلك علاقتي بالتاريخ وثيقة وشغفي به بلا حدود.
* كيف كانت رحلة الطب معكِ؟
ــ هي رحلة لم تستمر طويلاً، كانت لسنة ونصف السنة فقط، فقد أدت وفاة والدي إلى إجباري على تركها لأنني تحملت المسؤولية وبدأت أساعد والدتي.
كلف الإنتاج
*حدثينا عن الفن في الغربة وصناعة الألبومات .
ــ تكلفة الإنتاج الفني هناك مكلفة كثيراً وقد عانينا منها، فكل ما نقدمه من أغانٍ باللغة الآشورية نحن ندعمها بأنفسنا دون دعم من شركات أو مؤسسات، كان لي في ١٩٩٦ تعاون مع الفنان اسماعيل الفروجي الذي قدم لي أغاني عدة، لم يتم تسجيلها بسبب التكلفة العالية، كذلك سجلت في ستوديو الياس الرحباني، لكن التكلفة منعتني أيضاً من الاستمرار في تسجيل الأغاني.. وكما هو معروف فإن المؤسسات الفنية في العراق إبان النظام السابق لم تهتم بالفنان المسيحي الآشوري، حينها كنا نشعر أننا غرباء في وطننا، لا بل أن الممثلين السريان ظلموا كثيرا.. لكن بعد ٢٠٠٣ أصبحت هناك دعوات لنا، ولاسيما من وزارة الثقافة لدعم الفنانين السريان والآشوريين حيث عملوا أوبريتاً وطنياً باللغات العربية والسريانية والكردية.
الجارة أم جبار
* الفنانة ليندا جورج كانت من أوائل الفنانات الآشوريات اللاتي ذهبن مباشرة إلى مدن الشمال بعد تحريرها من داعش، لذلك استفسرنا كيف كان دعمها ووجودها هناك برغم الخطر؟
-نشكر الرب الذي ساعدنا في الوصول إلى هناك لمساعدة الناس والنازحين برغم الوضع غير المستقر، المرأة الإيزيدية عانت المرارة، شعرنا بألمهنّ وبشاعة ما تعرضن له من داعش، كذلك دعمنا النازحين الذين كانوا أناساً بسطاء وأكاديميين ومن كل الفئات التي كانت تعاني هناك في المخيمات.. الحمد لله الذي أمدنا بالقوة والعزم لمساعدة الناس.. تذكرت، وأنا أمر بين المنازل ومخيمات اللاجئين، “أم جبار”، جارتنا وصديقة والدتي، وتذكرت كل الناس الطيبة، وكان يعصرني الألم عند مشاهدتي العوائل وأقول: ترى هل سألتقي بها أو بمن عرفت عندما كنت أسكن بينهم؟
•*ما جديد الفنانة ليندا جورج؟
-جديدي الذي أتمنى تقديمه هو أوبريت باللغة السومرية يمثل العراق كله لينطلق عالمياً، وقد جهزت له، لكن جائحة كورونا والأحداث أجلته حينها، لكني أحث الخطى لتقديمه قريباً.
أنا فخورة ببلدي وحضارتي وإرثي، وأطلب السلام لوطني وشعبي دوماً..