زوعا اورغ/ وكالات
في 17 يونيو، بعد ما يقرب من عقد من المحاولات، صوت مجلس النواب الأميركي لإلغاء التفويض باستخدام القوة العسكرية، الصادر عام 2002، والذي سمح بإعلان الحرب على العراق.
بالنسبة للبعض، فإن الإلغاء سيفي بالرغبة التي طال انتظارها لتقليص الالتزامات تجاه العراق الذي يرون أنه قضية خاسرة. بالنسبة للآخرين، سيكون هذا هو المسمار الأخير في نعش جهد لتحويل العراق إلى ديمقراطية فعالة ومزدهرة.
ويرى تقرير لمجلة فورين بوليسي أن الولايات المتحدة هي الوحيدة القادرة على تحويل العراق إلى “عراق جديد”، مؤكدا أن واشنطن يمكنها الاعتماد على العراقيين في تحمل أعبائهم بأنفسهم وتحقيق ذلك.
وأشار التقرير إلى أن القانون الذي تم إلغائه لم يعد ذي صلة بالعمل المطلوب لواشنطن في العراق، ومن المرجح أن تندرج أي عمليات عسكرية أميركية ضرورية في إطار قانون القيادة العسكرية الأميركية لعام 2001، لمحاربة القاعدة وداعش من بعدها والجماعات ذات الصلة.
تصر إدارة بايدن على أنها لن تكرر أياً من أخطاء السياسة الخارجية التي ارتكبتها سابقاتها، خاصة في ملف الانسحاب أحادي الجانب من العراق في 2011، والذي ترتب عليه ظهور تنظيم داعش. لكن هذه المرة اتخذ فريق الأمن القومي لبايدن بالفعل بعض الخطوات المهمة للتعاون الوثيق مع بغداد مثل اتصال بايدن برئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، وعقد الحوار الاستراتيجي العراقي في واشنطن.
مجرد بداية
وترى المجلة أن هذه خطوات جيدة، لكنها مجرد بداية. وأكدت أن الفوز باللعبة الطويلة في العراق يتطلب بناء نفوذ أميركي لإضعاف إيران في العراق قدر الإمكان لزيادة تكلفة التدخل الإيراني، مما يجعل من الصعب في النهاية مقاومة الجهود العراقية والأميركية لصد الحكم الإيراني.
ولكن لكي ينجح ذلك لابد أن تكون الولايات المتحدة مستعدة للبقاء في اللعبة.
منذ أن مقتل قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، وزعيم ميليشياته في العراق، أبو مهدي المهندس، جعلت إيران من أولوياتها إجبار القوات الأميركية على الخروج من العراق.
وذكرت المجلة أن محاولة إخراج القوات الأميركية من العراق هي أولوية إيرانية وليست عراقية، مؤكدة أن معظم العراقيين يدعمون بقاء القوات الأميركية، لأنهم يرونها طريقًا إلى جيش عراقي أكثر احترافًا، ولأنها الحماية الحقيقة للعراق من سيطرة إيران.
وأوضحت أنه ما يجب أن يصبح أولوية عليا للقوات العسكرية الأميركية هو توفير الحماية الأساسية للقادة السياسيين العراقيين. ولفتت إلى أنه من أصعب المشاكل التي واجهها القادة العراقيون ذوي النوايا الحسنة مثل الكاظمي والرئيس برهم صالح وغيرهم عند محاولتهم كبح الفساد والميليشيات المدعومة من إيران، هي التهديدات بالانتقام العنيف ضدهم وضد عائلاتهم.
يتعرض قادة قوات الأمن العراقية لتهديد مماثل، بهدف ثنيهم عن الاضطلاع بمسؤولياتهم المنصوص عليها في الدستور لحماية الحكومة، باتباع أوامر مشروعة واعتقال وكلاء إيران أو غيرهم من المجرمين. وأكدت واشنطن لبغداد أنها ستقدم الدعم العسكري – إذا طُلبت – في هذه الحالات على وجه التحديد.
وقالت إن حاجة القادة العراقيين للحماية ليست مشكلة سهلة الحل، نظرًا لأن القوات الأمريكية لم تعد موجودة في المدن العراقية، فإن الميليشيات والمجرمين والوكلاء الأجانب لديهم مسار أوضح لضرب السياسيين المستقلين.
العلاقات الاقتصادية
وأضافت المجلة أن إحدى أكثر الطرق المفيدة التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها توسيع نطاق وصولها إلى العراق والبناء على ميزتها النسبية هي التركيز بشكل أكبر على العلاقات الاقتصادية.
وتقدم واشنطن ما يقرب من نصف مليار دولار سنويًا في أشكال مختلفة من المساعدة الحاسمة للدفاع والتنمية العراقيين. لكن العراقيين يريدون المزيد من التجارة والخبرة الفنية وأشكال أخرى من المساعدات الاقتصادية البحتة.
وتطالب المجلة بإنشاء لجنة مشتركة بين الولايات المتحدة والعراق بشأن التعاون الاقتصادي على غرار اللجنة الأميركية السعودية التي تحمل الاسم نفسه، تأسست الأخيرة في سبعينيات القرن الماضي لتمكين الخبراء الاقتصاديين والماليين الأميركيين من مساعدة الرياض على استخدام ثروتها النفطية بشكل فعال للتحديث.
كما قالت إنه يجب على الولايات المتحدة أن تتغلب على تحفظها المعتاد في ربط التراجع الديمقراطي والمساعدات، وتراقب الانتهاكات العراقية للمعايير الديمقراطية.
لا يزال الدور التاريخي لواشنطن يحمل ثقله لدى الجمهور والسياسيين في العراق. يجب أن تكون الولايات المتحدة أيضًا على استعداد لتعليق مختلف أشكال الدعم الاقتصادي والدبلوماسي عندما يقوض القادة العراقيون ديمقراطيتهم.
على نفس المنوال، عندما يتخذ العراق خطوات إيجابية تعزز الحكم الرشيد، يجب على الولايات المتحدة أن تقف على أهبة الاستعداد لزيادة المساعدات، حتى بمبالغ صغيرة.