زوعا اورغ/ وكالات
على مدى سنوات، سعت تركيا والعراق إلى تجنب حدوث خلافات بشأن العمليات العسكرية التركية عبر الحدود ضد حزب العمال الكردستاني، الذي تعتبره أنقرة منظمة إرهابية وتشن ضده حملة عسكرية من 4 عقود تقريبا، إلا أن كله هذا يتغير الآن، مع ارتفاع صوت العراق وحزمه ضد أي تدخلات خارجية، وخاصة بعد تولي مصطفى الكاظمي رئاسة الحكومة، ومؤخرا حادثة مقتل اثنين من كبار الضباط العراقيين في غارة جوية تركية في مدينة سيديخان شمال العراق.
وبحسب رئيس بلدية سيديخان إحسان الجلبي، فقد استهدفت الطائرة بدون طيار القادة أثناء لقائهم بأعضاء حزب العمال الكردستاني لنزع فتيل التوتر بعد مواجهة حول محاولة حرس الحدود إقامة نقطة تفتيش في المنطقة، وأكد حزب العمال الكردستاني مقتل عضو بارز في الجماعة، أغيت جارزان، في الضربة.
هذه الحادثة دفعت الحكومة العراقية إلى استدعاء السفير التركي في بغداد، لتسليمه “مذكرة احتجاج قوية وإبلاغه برفض العراق المؤكد لهجمات بلاده وانتهاكاتها”، كما ألغت بغداد زيارة وزير الدفاع التركي.
ويرى محللون أن إثارة التوترات مع أحد الجيران هو آخر ما يفكر فيه الكاظمي في وقت يتصاعد فيه الصراع الإيراني الأميركي بشكل خطير وتستمر التحديات الداخلية، بما في ذلك الغضب الشعبي المتزايد على مؤسسات الدولة، وعودة هجمات داعش ووباء فيروس كورونا.
ولكن السؤال يبقى هل أصبحت بغداد جاهزة لوقف التدخل العسكري التركي، وما هي أوراق الضغط التي يمكن أن تلعبها لوقف هذه التدخلات؟
أوراق الضغط
يقول أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين ببغداد حسين علاوي إن بغداد ملتزمة بحسن العلاقات مع الدول المجاورة، وأنها تركز جهودها في هذه الفترة على الشأن الداخلي، ولا تريد الدخول في صراعات خارجية.
وأضاف علاوي في تصريحات لموقع “الحرة” أنه في الوقت نفسه تمتلك بغداد أوراق ضغط كبيرة على أنقرة لوقف هذه التدخلات وستلجأ إليها لحل هذه القضية إ ذا استمرت أنقرة في موقفها الهجومي، مثل اللجوء إلى مجلس الأمن، أو الاستعانة بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي للضغط على أنقرة لوقف هذه العمليات.
وأشار إلى أن الموقف العربي المؤيد والمساند للعراق، سيلعب دورا في زيادة الضغط على أنقرة.
وطالب علاوي أنقرة بنقل مشكلاتها مع حزب العمل الكردستاني إلى الداخل التركي واللجوء إلى الحوار السلمي والمفاوضات، كما أكد على أهمية الالتزام بحسن الجوار في حل مشكلاتها مع العراق.
ساحة حرب جديدة
ويبرز العراق كأرضية جديدة في حرب النفوذ بين تركيا وخصومها العرب بعد سوريا وليبيا، وتسعى الكتلة بقيادة مصر والسعودية والإمارات إلى إخراج العراق من قبضة النفوذ الإيراني من جهة، وإثارة الغضب العراقي ضد تركيا من جهة أخرى، فقد سعت الكتلة نفسها إلى تطوير الاتصالات مع الأكراد أيضًا ، لا سيما في سوريا، بحسب الموقع.
وتعهدت جامعة الدول العربية ومجلسها البرلماني بدعم العراق لدعم أي تحرك دولي لوقف تركيا، حيث أدانت الجامعة الضربة القاتلة بطائرة بدون طيار في 12 أغسطس، وبشكل منفصل، قالت مصر إن تصرفات تركيا تشكل “تهديدًا للأمن والاستقرار الإقليميين”، في حين أن الإمارات اتهمت تركيا بـ “التدخل في الشؤون العربية”.
وبحث وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين في مكالمات هاتفية مع أمين عام جامعة الدول العربية ونظرائه من مصر والأردن والكويت والسعودية “موقفا موحدا” لوقف “الاعتداءات التركية”.
من الواضح أن بغداد تسعى إلى الحصول على تضامن عربي للضغط على تركيا وتحقيق التوازن مع إيران وتركيا، لكن هنا تبرز مشكلة أخرى تتعلق بالأضرار الاقتصادية الناجمة عن أي تصعيد بين أنقرة وبغداد.
وهنا، يستبعد علاوي لجوء أي من الدولتين إلى الاقتصاد للضغط على الآخر، وأشار إلى أن توجه الحكومة العراقية الجديدة وخاصة بعد ازمة كورونا، هو إبعاد الاقتصاد عن أي تحديات سياسية.
وكانت وزارة الخارجية العراقية حذرت من أن بغداد لديها “خيارات قوية” ضد أنقرة، في إشارة إلى العلاقات التجارية، لكن المراقبين يعتقدون أن الرد العراقي من غير المرجح أن يتجاوز المستوى الدبلوماسي.