رشا دبيث ابونا
سماء امتنا مليئة بالنجوم تسطع لتنير درب أبنائها لازاحة النقاب عن المظالم والتعسف والجرائم التي كانت تقترف بحقهم، ان احد هذه النجوم الساطعة الذي انار بكتابته ومحاضراته وأقواله التي ترددت بكل مكان، انه الناشط القومي الاستاذ يوسف مالك الذي افنى عمره في سبيل القضية القومية الاشورية ودافع عنها وطالب بحقوقها حيث عرض حياته للمخاطر والتشرد ورغم ذلك ظل طوال السنين يكافح ويكتب ويناضل. وظل ثابت على موقفه، صامد لم يتزعزع بالرغم مما عاناه طوال حياته.
سنحاول ان نختصر ما قام به النسر الاشوري وابن الرافدين والمدافع الحر عن حقوق الاقليات القومية والفدائي المتطوع الذي كرس حياته كلها خدمة لقضية أمته..
يوسف بن ججو مالك من بلدة تلكيف ينحدر من صلب عائلة العطار المعروفة في تلكيف هاجر والده ججو فرنسيس عطار إلى بغداد فالبصرة و توفى فيها سنه 1905 وهو لم يتجاوز الخامسة والثلاثين من العمر فنشأ لدى اخواله هم ال كوزلي الذين ساعدوه لاتمام تحصيله الدراسي.
دخل كليه القديس يوسف في بغداد ودرس اللغات العربية والفرنسية والإنكليزية والتركية وبسبب اندلاع الحرب العالمية الأولى واغلاق المدارس أبوابها اضطر السفر إلى البصرة حيث التحق بالمدرسة الرشيدية في العشار ثم مدرسة الامريكان حتى اوائل عام 1915 عندما التحق بالجيش الإنكليزي بصفة مترجم غير محارب. وقد شهد زحف القائد الإنكليزي تاوزند على الكوت ووقوعه في فخ حصار الأتراك المعروف بحصار الكوت مدة 143 يوما.
وبعد سقوط الكوت بيد الجيش التركي اعتقلته السلطات التركية فمن الذين اعتقلتهم أعدم منهم فريقا ونفي فريقا اخر، اما هو فقد تسنى له الهروب إلى مدينة العمارة حيث التحق مجددا بالجيش الإنكليزي ومن ثم اخذ يرتقي في المناصب حتى أصبح معاون شخصي للحاكم السياسي في سامراء فبغداد والرمادي واخيرا الموصل وبعد فترة وجيزة تم ترشيحه إلى منصب قائم مقام قضاء الشيخان وعوض ما يوافق على هذا المنصب قدم استقالته وليتفرغ بشكل مطلق للدفاع عن حقوق الاقليات القومية وعندما ضاق عليه الخناق بسبب السلطات الحاكمة في بغداد و ملاحقته من مكان إلى آخر رأى من الأفضل مغادرة العراق في التاسع من نيسان من بغداد إلى حلب حيث حضر المؤتمر الـ (كردي – اشوري) و بعدها غادر إلى بيروت.
وفي عام 1932 طبع اول كتبه العربية (فواجع الانتداب في حكومة العراق) مع نشر مقالات في الصحف البيروتية نبه العالم لما يحدث داخل العراق.
و في كانون الأول كان اللقاء مع البطريرك مار ايشاي شمعون في دمشق ومن حينها اشتدت حركة العمل للقضية الاشورية.
وفي ليلة 4/5/1933 أصدر المفوض السامي الفرنسي أمرا بنفي يوسف مالك إلى قبرص وهناك التقى بمار ايشاي شمعون وقد كان هو الاخر منفيا من قبل الحكومة العراقية بالتواطؤ مع الإنكليز وعند لقائه قال له البطريرك (انا مدين بالشكر للفرنسيين الذين نفوك لاني بأمس الحاجة إليك). وفي قبرص باشر يوسف مالك بتأليف كتابه الثاني (خيانة الإنكليزية للاشورين) الذي انته منه في جنيف سنه 1933.. ذهب مع البطريرك مار ايشاي شمعون إلى جنيف امام عصبة الأمم المتحدة لتنسيق القضية الاشورية وبعد انقضاء الجلسات عاد إلى قبرص ولم يمكث بها إلا بضعه ايام حتى تلقى برقية من مار ايشاي للعودة إلى جنيف لمتابعة مشروع توطين الاشورين في البرازيل ولكن لم يرى هذا المشروع النور بسبب ما بثه الأعداء لدى الصحافة البرازيلية عن الشعب الاشوري.
و في يوم 8 تشرين الأول 1934 وافقت السلطات الفرنسية عودته إلى بيروت.
وفي 15 حزيران 1938 أصدر يوسف مالك العدد الأول من جريدته (اثرا) باللغات العربية والاشورية والإنكليزية والفرنسية وعند احتلال لبنان من قبل الحلفاء اعتقل للمرة الأولى من 3 الى 11 أيلول 1941 بتهمه تهديد سلامه الدولة الفرنسية.
و في 15 ايار 1956 اتفق مع صاحب جريدة الوجدان المحتجة على اعداد خاصة اخذ ينشر ارائه الحرة عن مظالم الاستعمار وبشاعة ما يرتكبه بحق الشعوب.
وفي 18 كانون الثاني 1957 أصدر العدد الاول من جريدته السياسية الاسبوعية (الحرية) و كانت مقالاته اشبه بشعلة من لهب ضد الحكام الظالمين.
أمر باصدارها وهو على فراش المرض لحد ما عشى معظم بصره وهو أيضا كان من مؤيدين ثورة 14 تموز و باركها من كل قلبه.
و في يوم 26 حزيران 1959 طوى نسرنا المحلق جناحيه و اسلم روحه لباريها وقد اغمض عينه دون أن ترى أرض وطنه الحبيب وثوى في ضريح متواضع في أرض الغربة.
من أقوال يوسف مالك
ان نينوى العظيمة تندب أبناءها المظلومين و تذرف الدموع السخية لاصباغ أرضها بدماء أبنائها الأبرياء و تستفز همه كل من يجري في عروقه دمها الطاهر للعمل في هذه الساعة الرهيبة.
مؤلفاته
– فواجع الانتداب البريطاني في العراق
– خيانة الإنكليز للاشورين
– سميل مقبرة الجبابرة المغرر بهم
– خليفة ابليس
– قبرص وبربرية الأتراك في القرن العشرين
– في ذكرى الأمير جلاده بدرخان
– في ذكرى الدكتور فيليب عبده مبارك
– من هو عبد الله الحاج.