زوعا اورغ/ وكالات
مر عام ولا يزال عراقيون يستخدمون وسم (#وينهم)، في محاولة للبحث عن ذويهم المختطفين منذ الاحتجاجات الواسعة المناهضة للحكومة التي اندلعت في أكتوبر 2019، فيما عرف بـ”ثورة تشرين”.
وتزامنا مع إحياء ذكرى الاحتجاجات، أصدر المرصد العراقي لحقوق الإنسان بيانا قال فيه إن 55 شخصا لا يزالون مختطفين منذ الأول من أكتوبر الماضي.
وفي أحدث تقرير له، وثق مكتب حقوق الإنسان في بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) اختفاء 123 شخصا في الفترة ما بين الأول من أكتوبر 2019 و21 مارس الماضي.
وذكرت الأمم المتحدة، في التقرير الصادر في مايو الماضي، أنه تم العثور على 98 شخصا، بينما لا يزال 25 آخرين في عداد المفقودين.
#العراق: الأمم المتحدة تُورد تفاصيل محنة المتظاهرين المختطفين، وترحّب بالوعد الذي قطعته الحكومة حول إجراء التحقيقات وإعطاء التعويضات
بيان صحفي: https://t.co/vpb2llgz8Z
لتحميل التقرير عبر الرابط: https://t.co/Wi8EdGhcnj pic.twitter.com/qf4o5JyITa— UNAMI (@UNIraq) May 23, 2020
وحاول موقع “الحرة” الوصول إلى نشطاء، تم الإفراج عنهم، للحديث عن هوية المسؤولين عن اختطافهم، وملابسات اختطافهم وما إذا كانوا تعرضوا لانتهاكات، وكيف تم الإفراج عنهم، إلا أن الخوف من تهديد الميليشيات منعهم من التواصل.
ويتحفظ أهالي الناشطين عن ذكر الجهة الي اختطفت ذويهم في ظل تهديد علني وصريح من قبل ميليشيات موالية لإيران.
خطابات تهديد
لكن الناشط محمد الكندي تحدث لموقع “الحرة” عن تعرضه لـ”أشد أنواع التهديد”، ونجاته من محاولات اغتيالات، كانت إحداها بسلاح كاتم للصوت.
وقال الكندي إنه تلقى تهديدات عبر “عشرات المكالمات وكان من بينها مكالمات تحمل رمز الهاتف الدولي لسوريا، وتستخدمها عادة كتائب حزب الله. كما وصل أحد أفراد هذه الميليشيا إلى منزلي وسلم ظرفا يحمل ورقة تهديد وبها عدة رصاصات”.
وشهدت ساحة الخلاني، وسط بغداد، إحدى محاولات اغتيال الكندي الذي تعرض لإطلاق نار من مسافة بعيدة. كما تحدث عن صعوبة توجه المتظاهرين المصابين بالقنابل الحارقة، التي أطلقتها قوات الأمن طيلة فترة الاحتجاجات، إلى المستشفيات، حيث كانت بعض الميليشيات تلاحق المصابين هناك وتختطفهم.
وكانت منظمة العفو الدولية أشارت، في تقريرها عن العراق في 2019، إلى اختطاف “محتجين جرحى من المستشفيات في بغداد وكربلاء، وهو ما دفع كثيرين غيرهم ممن جُرحوا إلى تفادي طلب المساعدة الطبية”.
“إذا تكلمتم سنقتلكم”
ويقول الكندي إنه بعد إفراج الميليشيات عن النشطاء، يصل تهديدا بالقتل لأهاليهم مفاده “إذا تكلمتم عنا سنقتلكم”.
وأضاف الكندي، الذي شارك في احتجاجات أكتوبر الماضية، أن “غالبية النشطاء الذين تعرضوا للاختطاف هاجروا خارج العراق أو فروا إلى إقليم كردستان شمالا”.
أما الناشطات، فإن الوحشية التي يتعرضن لها والابتزاز لا تسمح لهن بالإفصاح عن الجهات الخاطفة. وقال الكندي: “نحن مجتمع عشائري لا نقبل بالحديث عن ذلك، وإذا تحدثنا يمكن أن نعرض حياتهن للخطر”.
وبحسب التقرير الحديث للأمم المتحدة، فإن النشطاء الذين تم اختطافهم واستجوابهم لا يعرفون هوية المسؤولين عن اختطافهم، على الرغم من أن معظمهم تكهن بتورط “الميليشيات”.
كما أنهم لا يعتقدون بأن قوات الأمن العراقية مسؤولة بشكل مباشر عما حدث لهم.
“ضباط الدمج”
لكن الكندي، الذي يعمل محاميا في العاصمة بغداد، يقول إن الميليشيات اخترقت جميع الأجهزة الأمنية، عدا جهازي المخابرات الوطني ومكافحة الإرهاب، بسبب “ضباط الدمج”.
وضباط الدمج هو مصطلح يطلق على الضباط الذين تم تعيينهم ودمجهم مع القوات الأمنية، إلا أنهم لم يلتحقوا بكليات شرطية أو عسكرية.
وأشار الكندي إلى التحاق أفراد محسوبين على ميليشيات بدر وعصائب أهل الحق وكتائب حزب الله بالأجهزة الأمنية كـ”ضباط دمج”.
ويعد اختفاء الناشط أحمد الحلو من النجف جنوب العاصمة بغداد مثالا على هذا الاختراق. ويعلق الكندي، بقوله: “البعض يقول إنه اُعتقل بمذكرة رسمية، والآخر يقول إن ميليشيا اختطفته. حتى الآن لا نعرف مصيره”.
وحاول “موقع الحرة” الاتصال بالناطق الاعلامي للقائد العام للقوات المسلحة يحيى رسول، لكن رسول لم يرد حتى الآن على أسئلة الموقع.
وكذلك تسلط قضية الناشط المختطف عبد المسيح روميو سركيس الضوء على هذا الاختراق، حيث قال الكندي الذي يعمل على هذه القضية إن سركيس متواجد الآن بداخل أحد السجون بعد أن سلمته ميليشيا لجهة حكومية.
ويساعد غياب المساءلة عن هذه الأفعال في تفشي عمليات الاختطاف والاختفاء وما يصاحبها من انتهاكات واعتداءات استهدفت النشطاء والمتظاهرين، بما في ذلك عمليات القتل المتعمد، وإطلاق النار، والتهديد والترهيب، والاستخدام المفرط وغير القانوني للقوة في مواقع المظاهرات.
وفي 10 أكتوبر 2019، ذكرت المفوضية العراقية العليا لحقوق الإنسان أن 257 شخصا من المحتجين في عداد المفقودين بعد أن أطلقت الحكومة سراح المحتجزين.
وبحسب تحليل لمعهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، يُعتقد أن العديد من المفقودين في جرف الصخر وغيرها من السجون السرية التي تديرها ميليشيات تدعمها إيران تعمل ضمن “قوات الحشد الشعبي” المدعومة من إيران.
وفي الثالث من أكتوبر 2019، انضمت مجموعة من الميليشيات العراقية وقادة الأمن العراقيين إلى ضباط في الحرس الثوري الإسلامي الإيراني لتشكيل خلية أزمة في بغداد، وفقا لوكالة “رويترز”.
وكان تقرير لمنظمة العفو الدولية أفاد، نقلا عن نشطاء في بغداد، بأن رجالا يرتدون ثيابا مدنية قدّموا أنفسهم على أنهم من أفراد الاستخبارات المحلية حضروا إلى منازلهم واستجوبوهم بشأن أنشطتهم خلال الاحتجاجات. ولم تُقدَّم للنشطاء في أي وقت مذكرة قبض أو تفتيش.
وحاول موقع “الحرة” الاتصال بالمسؤولين الأمنيين العراقيين، لكن لم يحصل على رد حتى لحظة نشر التقرير.
كما ذكر التقرير تعرض عشرات من المحتجين والناشطين في عدة محافظات، بما فيها بغداد والعمارة وكربلاء للاختطاف والاختفاء القسري على أيدي قوات الأمن في الفترة الواقعة ما بين أوائل أكتوبر وديسمبر 2019، وأُطلق سراح بعضهم بعد أيام أو أسابيع.
وآخر هؤلاء الناشطين كان سجاد العراقي، الذي لم يستطع جهاز مكافحة الإرهاب تحريره حتى الآن.