إبراهيم برخو تورنتو -كندا
إن التغييب الثقافي الذي يشهده الشارع العراقي منذ عام 2003 ،أي ما بعد سقوط النظام أصح متلازما وواقع حال إلا ما ندر.ونشعر بذلك من خلال غياب الوعي لدى الفرد أو غيابه عن الجماعة من خلال الوعي الجمعي. ولو كانت هناك رؤى وأفكار عند البعض من المثقفين فقد تكون شائخة لا يمكنها أن تتماشى مع التطور الذي لحق بالأنسان خلال العقد الأخير كأن تكون محصورة بحاجة الأنسان لا أكثر.
فمهوم الثقافة والوعي الثقافي يأتي من خلال معرفة الأنسان لكل ماهو جديد عبر الثورة التكنولوجية المعاصرة، وثورة الأتصالات والتي وسعت من مستوى الوعي الفردي لتقودنا نحو حركة معلوماتية شاملة ولتحرك الأنسان وفق مقتضيات الحياة العامة دون الركون الى أفق صغير من الحياة الفردية. ومن هنا يباشر الأنسان ليكون مبدعا وصانعا للثقافة ليصل الى حالة الخلق الأبداعي .والذي بدوره يحرك السكون في المجتمع نحو التغيير والبناء والأصلاح.
بالعودة الى مقتضيات حاجة العراق للتغيير على الصعيد السياسي، فإن أهم المتطلبات هي في إشاعة فكر التغيير أبتداءا بتغيير المناهج والأفكار والرؤى ، وبناء دولة الثقافة المدنية التي تكرس مفهوم الحياة الديمقراطية ، على أن تستثمر المخزون الثقافي والأرث الحضاري لدى كل المكونات العراقية، وعدم الأعتماد وبتحيز واضح لفئة واحدة .كما يجري الآن بالأعتماد على النهج الديني الطائفي لا بل في فرضه لأن تكون ثقافة سائدة، وجعل الخطاب الديني هو الذي يطغي على الثقافة الأنسانية بكل أنواعها. إن غياب الطبقة المثقفة عن المشهد السياسي كان له دور سلبي على تطوير بناء الدولة ،ثم الأداء الحكومي جاء قاصرا لتكتمل الصورة في خلق مجتمع يعاني كل أمراض التخلف. كما يحدث الآن في إيران الدولة الدينية التي تسير وفق التغييب في الوعي الثقافي لدى الفرد والمجتمع، والتي سيطر من خلالها رجالات الدين من خلال فتواهم ليتحول الناس الى أشبه سكارى في حلبة صراع ليأكل القوي الضعيف، وينهي بذلك من يفكر بالتغيير. هذا ما يحاول البعض من الأستفادة من النظرية الأيرانية لتطبقها على أبناء أعرق حضارة شهدها العالم.
إن المعنى اللغوي للثقافة لا تنحصر بالثقافة السياسية لكي تتجاوز المعاني الأخرى في الثقافات كالأقتصاديةالأجتماعية والقانونية والدينية .لذلك ازاء هذا الصراع السياسي الدائر في العراق وللأسراع في إنقاذ الشعب العراقي ، يتحتم على المثقفين منهم الأدباء، الفنانون، التشكيليون، النحاتون …ألخ إبراز دورهم الريادي ، لأننا نعيش في ظل نهضة عالمية نهضة فكرية ، علينا أن نبحث عن صياغة للثقافة المطلوبة ولتواكب ضرورات الشارع العراقي ومواكبة للعصر. ونحو بناء التزام بالمسؤولية الثقافية التي تبعث حب الحياة وحب الوطن،ومحاربة كل أشكال الفساد والفاسدين وغلق الطريق أمام الأحزاب الفاسدة والعميلة،وإبعاد كل الأحزاب الدينية عن المشهد السياسي. ولتعميم ثقافة القبول بالأخر نحو ترسيخ دولة المواطنة والكفاءات العالية.
جدير بالذكر فإن الثقافة بمعناها الأنساني هي شيئا مكتسبا ومرتبطا بالمجتمع وديموته. وحركته كمجتمع خلاق. الشعب الواعي والمدرك لكل الأفكار والقيم والمعتقدات وإحترامه لخصوصية الأنسان وحاجاته هو الذي يفرض القانون والدستور الذي يريده ،لا أن يملئ عليه قوانين غريبة عن مجتمعه ومعتقداته.
19 أيلول 2018