بهرا – حوار: رمزي كمليل
مع حلول الذكرى السابعة على مجزرة كنيسة سيدة النجاة ، الذكرى الاليمة التي هزت مشاعر العراقيين والعالم اجمع، زارت جريدة (بهرا) نيافة المطران مار افرام يوسف عبا رئيس اساقفة بغداد للسريان الكاثوليك في مقر اقامته للحديث عن ما تركته المجزرة من اثار في نفوس المسيحيين في بغداد وفي انحاء العراق عموما. استقبلنا نيافته في مكتبه بمحبة كبيرة رغم انشغاله بالتهيئة والتحضير لاحياء الذكرى السابعة الاليمة التي وصفها قائلا : ” ان احياء الذكرى الاليمة عزيز علينا لاننا نستذكر فيها شهداءنا الذين راحوا ضحيتها”، لافتا :”استشهد 47 شخصا بضمنهم (كاهنين واطفال وشباب وشابات وكذلك عروسين) واصيب حوالي 100 شخص بجروح”،منوها : “استهدفهم (الارهاب الدموي لتنظيم القاعدة) اثناء اداء صلاة القداس داخل الكنيسة وارتكب الارهاب مجزرته بحق المصلين”. مشيرا الى ان: “المجزرة لا تعنينا وحدنا ولم تكن موجهة لطائفة (السريان الكاثوليك) وحدها ، بل كانت تعني كل الطوائف المسيحية في العراق”.
وتابع نيافته : ان “المجزرة تركت اثر الاحساس بالخوف والرهبة عند بقية المسيحين في بغداد والعراق عموما، اذا بدأ المسيحيون يشعرون انهم معرضون للتصفية حتى داخل كنائسهم”، مبينا انه “خلال سنة واحدة من بعد ارتكاب المجزرة، غادر العراق اكثر من 200 الف مسيحي”.
واضاف: “بعد هذا الحدث الاليم في سنة 2010 تاملنا ان يتحسن وضع المسيحيين لكننا تفاجئنا في سنة 2014 بهجوم داعش الاجرامي على الموصل وسهل نينوى، وتسبب الارهاب الداعشي بتهجير اهالي منطقة سهل نينوى كما عمل على نهب وسلب القرى والبلدات واحراق منازل المسيحيين واسر عدد منهم”،كاشفا : “لا يزال الى يومنا هذا وحتى بعد تحرير المنطقة، اكثر من 50 شخص في عداد المفقودين”.
وتابع: “اليوم وبعد ثلاث سنوات من المعاناة المريرة للنزوح القسري بدأ اهالي سهل نينوى بالعودة الى بيوتهم ومناطقهم ليجدوا بيوتهم منهوبة ومسلوبة ومحروقة ايضا”. مشيرا الى ان: “مسالة حرق البيوت كان فعل متعمد من التنظيم الاسلامي المتطرف (داعش) في اشارة منه الى ان هذه المناطق لم تعد مكانا للمسيحيين”، مبينا انه: “خلال هذه السنوات الثلاث بدأ الكثير من المسيحيين يشعرون ان هذا البلد ليس لهم مكان فيه، فلا حقوق لديهم ولا قانون يحميهم من هجمات المتطرفين اضافة الى تاريخ العراق المليء بالحروب والصراعات الداخلية”.
واوضح نيافته : “رغم كل شي نحن نود وندعوا المسيحيين للبقاء في البلد، لان العراق بلدنا ونحن اصله وتراثنا فيه وكذلك حضارتنا وثقافتنا، وهو الارض التي عاش فيها اباؤنا واجدادنا وبذلنا له دماءنا فلماذا نتركه، فنحن قبل جميع المكونات موجودون في العراق”.
وحول مرحلة ما بعد داعش وتحرير المناطق وعودة النازحين قال المطران عبا : “في هذه المرحلة وبعد الانتصار على داعش والقضاء عليها وتحرير سهل نينوى، ندعو الله ان يعيد السلام والاستقرار لبلدنا العراق وان تتحسن الاوضاع ويشعر المسيحيون وبقية المكونات بالامان ويتطلعوا لمستقبل زاهر لاطفالهم وان شاء الله يعود المغتربون الى البلد”، منوها: “سابقا كان عدد المسيحيين في العراق قبل 2003 تقريبا مليون نسمة واليوم عددهم لا يتجاوز بين 350 الى 400 الف نسمة”.
وعما يستوجب لتحقيق استقرار البلد وتحسن الاوضاع فيه، دعا نيافة المطران يوسف عبا في حديثه جميع العراقيين بالتزام الدستور: ” ان الاستقرار تحققه مرهون بالتزام الدستور كي تكون هناك حكومة قوية وهو ما يؤدي الى استتباب الامن والامان، وان تنال جميع المكونات حقوقهم بضمنهم المسيحيين لا سيما من القوانين المجحفة بحقهم التي نطالب بتغييرها مثل قضية الاحوال المدنية (قانون الجنسية) حيث يتم اسلمة الاولاد القاصرين لمعتنق الديانة الاسلامية”.
وحول رؤية البعض بزوال وجود المسيحية من بغداد نتيجة الاستهدافات والاوضاع الصعبة التي شكلت خطرا على المسيحيين، اجاب نيافته: ” المسيحية باقية في بغداد وفي جميع انحاء العراق ولاسيما بغداد، لانها العاصمة وتحوي فرصا كثيرة للعمل وتضم مختلف المكونات العراقية، صحيح ان المسيحيين تاثروا مثل جميع العراقيين نظرا للظروف الصعبة التي مر بها البلد من الاستهداف الطائفي والديني ومن التفجيرات والتهديدات وهو ما زرع الخوف فيهم، لكن بالمقابل نزح اليها الكثيرون عند تعرضهم للاضطهاد في مختلف المحافظات العراقية وكثير منهم اليوم لا يرغبون العودة ويفضلون البقاء في العاصمة”.
ووجه المطران يوسف عبا في ختام حديثه كلمة لجميع المسيحيين: “في هذه الفرصة نود القول ان في لقاءاتنا خلال الاجتماعات مع المطارنة ورجال الدين، يوجد لدينا امل كبير باستقرار البلد خاصة بعد تحريره من داعش، ومسالة الصراع الموجود الان بين المركز والاقليم سوف يحل باذن الله، ليعود الاستقرار والامان، ويعود ابناء شعبنا الكلداني السرياني الاشوري الى مناطقهم وبيوتهم”.
نشر اللقاء في العدد 657 من جريدة بهرا …