المحامي يعكوب ابونا
نعيش هذه الايام تقليدا كنسيا شرقيا متوارثا عبر التاريخ وهو صوم باعوثا ننوايه التي تعني في الارامية الطِلبة أو التضرع أو الاستغاثة. أتخذت كنيسة المشرق بعده الروحي من سفر النبي يونان.. كما اخذته الكنائس الارثوذكسية والقبطية اذ تصوم ثلاثة ايام ويطلقون عليه ( فصح يونان ) وهو مصطلح فريد لايستخدمونه الا لعيد الفحص ( القيامة )، ، والفصح كلمة عبرانية معناها العبور
سفر الخروح 13 : 12 و23 ” ..
في الكتاب المقدس العهد القديم ورد اسم نينوى المدينة العظيمة ، وكان البعض يعتقد ان ما ورد فيه ليس الا أساطير، ولكن التنقيبات الاثرية التي تمت في تشرين من 1845م من قبل القنصل البريطاني لايارد ( 1817 – 1894 م) اثبتت صحة ماورد في التوراة ، عن ( سفر يونان ) .. وبالرجوع الى السفر المذكور ظهر بان يونان هو
النبي يونان أحد أنبياء العهد القديم، (من انبياء الاثنى عشر الصغار ) تكشف سيرته من الجانب الروحي عن بحث الله عن كلّ نفس بشريّة لتحقيق خلاصها برجوعها إليه. اسم يونان من أصل عبري، ويعني حمامة. هو ابن أمتاي من سبط زبولون وتحدّر من مدينة جت حافر في الجليل وهي تبعد مسافة ساعة سيراً على الأقدام عن الناصرة، فهو جليلي كما كان المسيح من الجليل.
الحوت له. وكان حياً، ولكنه في حالة إغماء من تأثير الصدمة، وكان ذلك بعد أن اصطادوا الحوت بقنبلة، وسمى هذا الشخص يونان القرن العشرين. وكان ذلك في القنال الإنجليزي….
لنفكر قليلا هل هناك ما يعيق عمل الرب؟؟؟ لكي ينقذ يونان من الموت سواء في البحر أو في جوف الحوت. طبعا لا..؟؟ يقول الرسول بولس برسالته الى اهل رومية 8 : 28 ” ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله ” هنا نجد يونان يعود لله بالصلاة. فتسبيح يونان يكشف عن انتصار المسيح على الجحيم والموت وعمله الكفاري على الصليب ، الذي يرفعنا به الى السماويات.
كما نلاحظ ان الله يهتم بمدينة نينوى يسميها عظيمة ” ولايسميها عاصمة” يمكن ان لاتكون بتلك الفترة عاصمة؟.، كانت مسيرة ثلاثة أيام، يعطيها الله فرصة 40 يوماً فإن تابوا نجوا أنفسهم وأن رفضوا إنقلبت عليهم المدينة. ، بالاشارات الكتابية المقاربه روحيا ، نجد ان الطوفان نزل لمدة أربعين يوماً ، والمسيح جربه إبليس لمدة 40 يوماً. وأن أورشليم خربت بعد المسيح بـ40سنة. وموسى وإيليا صاما 40 يوماً. يذهب بعض اللاهوتيين الى القول بان رقم 40 هو رقم التجربة والإمتحان وبعده ننال مجداً أو عقاباً. “من يغلب يرث الحياة الأبدية”، الأربعين يوماً تعبر عن زمنية حياتنا التي فيها إن غلبنا نرث المجد…..
أهل نينوى امنوا بالله و نادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم إلى صغيرهم. حتى البهائم. مع أن يونان لم يعط كلمة رجاء واحدة لهم ولم يكلمهم عن محبة الله ولاعن رحمته ولا علمهم شيئاً عن التوبة ولكن بنعمة الرب ادركوا حكمته ومقدرته على رجاء قيامته غفرة لهم خطاياهم وانعم عليهم محبته وعدله وسماحة لطفه.
يقول ندم الله ولكن هل فعلا الله يندم ؟؟ لاهوتيا تعبير بالغة ومنطق البشر: لان الله لا يغير رأيه ويندم بل أن الإنسان هو الذي يغير سلوكه مع لله فيصير الحكم بالنسبة له مختلفاً. فعندما يعاند الإنسان يسقط تحت التأديب، وإذ يرتد عن شره ويرجع إلى الله، نجد الله دائما فاتحاً أحضانه لكل الخاطئين لانة الله يحبهم ولكن يكره الخطية التي يمارسونها 4 : 1 “الله رحم نينوى ولم يهلكها قبل ان يمنحها فرصة التوبه، ونجحت بالرجاء والصوم والصلاة التي مارسته لخلاصها، وهكذا نحن الرب يمنحنا فرصة للتقرب اليه لغفران الخطايا بالتوبه ننالها…لهذا يجب ان نصوم ونصلي.!!؟؟؟؟
يونان يغتاظ و يلوم الله لانه رؤوف ورحيم وبطئ الغضب.لانه سمح وغفره ورحم اهل نينوى، مع أنه لو كان الله غير ذلك لكان قد أهلك يونان اولا وفوراً. لان صلاته الخاطئة يا رب خذ نفسي، لواستجاب الله لطلبه لهلك يونان وخلصت نينوى، ولكن الله لا يتركنا في ضيقات انفسنا بل يدخل معنا في حوار كما فعل مع يونان اعطاه درساً باليقطينة حتى يتصالح معه…
فرح يونان باليقطينة، ولم يفرح بمراحم الله نحو نينوى. لان بالنتيجة كل يقطينة تأكلها الدود، ولكن فرحنا بخلاصنا، لان السماء تفرح بتوبة خاطئ واحد فكيف كان فرحها بدخول ربوات من الخطاة من اهل نينوى؟؟
لندرك مركز القوة للذات (الانا) في أحاسيسنا، عندما يحدث ما يمس كرامتنا الشخصية فحينئذ ينكشف من أي روح نحن، وسنجد أن فينا من روح يونان أكثر مما نظن….
لتكن معانات شعبنا باعثا حقيقيا لهذا الصوم يعزز بصلاة التوبه لننال المغفرة، أجدادنا عرفوا كيف يُرضوا الله بتوبتهم وبابتعادهم عن الشر، فكم نحن اليوم احوج مما كانوا هم عليه بمصالحة رب المجد؟؟ لنطلب مراحمه لانه مملوء رحمة وعدلا فهو ينبوع النعمة، لنا وللعالم المملوء كل الشرور. إننا بحاجة ان نرجع السلام إلى قلوبنا والى بلداننا والى هذا العالم، وتُرجع ربّ السلام إليه لكي يُوحَّده ويُبعد عنه كل الشرور والانقسامات والحروب والدمار عن بلداننا وشعبنا.وفي العالم اجمع . وليمجد اسم الرب دائما وابدا…