زوعا اورغ/ وكالات
تواصل “الإدارية الذاتية” شمال شرقي سوريا فرض سياساتها التعليمية على المدارس التي تقع ضمن مناطق سيطرتها، عبر إغلاق عدة مدارس خاصة في محافظة الحسكة.
وأغلقت ثلاث مدارس، الجمعة 10 من آب، في محافظة الحسكة، بدعوى عدم حصولهم على التراخيص اللازمة ومخالفتهم أحكام القانون، استنادًا على كتابين صادرين من “الرئاسة المشتركة لهيئة التربية والتعليم في إقليم الجزيرة”، العاملة تحت “الإدارة الذاتية”.
وتسلمت مدرسة السريان الخاصة في مدينة “ديريك” (المالكية) الواقعة على المثلث الحدودي مع العراق وتركيا، إشعارًا بالإغلاق خلال مدة أقصاها 24 ساعة، صادرًا عن “هيئة الادعاء والتحقيق” في 7 من آب الحالي.
ونص كتابا “الرئاسة المشتركة للتعليم”، رقم 290، الصادر في 7 من تموز الفائت، ورقم 297 في 9 من الشهر ذاته، على إغلاق جميع المدارس التي لم تتحصل على التراخيص اللازمة، ومخالفتها في تدريس مناهج لا توافق عليها الهيئة، واستقبالها طلابًا من الصف الأول الابتدائي ولغاية الثالث إعدادي.
معلمة في إحدى المدارس السريانية الخاصة في الحسكة، أوضحت لعنب بلدي (تحفظت على اسمها لأسباب أمنية)، سبب إغلاق مدرسة السريان بالمالكية.
ووفقًا للمعلمة، يعود ذلك “لاعتمادنا كتبًا سريانية أعدها أكاديميون وخبراء في مجال التعليم عن الحضارة والثقافة السريانية إلى جانب منهاج وزارة التربية السورية، وعدم تدريس المنهاج الصادر عن الإدارة الكردية، حيث يشتَرط علينا تدريس مناهج الإدارة الكردية لحصولنا على الترخيص”.
وفي وقت لا يعد “التسلط” على المدارس الخاصة جديدًا في الحسكة، وفقًا لوصف المعلمة ذاتها، إلا أن “الإدارة الذاتية الكردية” سمحت للمدارس السريانية باستقبال طلابها على خلفية تفاهمات مشروطة من جانب “الإدارة الذاتية” في عام 2016.
وسمحت “الرئاسة المشتركة للتعليم في إقليم الجزيرة” بتدريس اللغة السريانية في مدارس الحسكة مع بداية العام الدراسي 2016-2017، في خطوة أولى من نوعها في سوريا، لم تكن معهودة قبل الحرب.
وأوضحت المعلمة السريانية أن “الإدارة الذاتية” حاولت مرارًا فرض عدم استقبال الطلبة العرب والكرد إلا بموافقة خاصة من “الآسايش” (الأمن الداخلي لدى الإدارة الذاتية)، والاقتصار على الطلبة المسيحيين السريان، إلا أن المدارس السريانية لم تلتزم ببذلك لكونها تفرقة عرقية وقومية، بحسب توصيف المعلمة.
المدارس السريانية الخاصة، العاملة منذ عام 1953، تدار من قبل أبرشية الكنيسة السريانية الأرثوذكسية (أصغر وحدة في النظام الكنائسي).
وتخدم تلك المدارس المجتمعات الآشورية والعربية والكردية إلى جانب السريانية في المنطقة، وتتبع هذه المدارس المناهج الدراسية للحكومة السورية، ولكنها تقدم أيضًا دروسًا باللغة السريانية كلغة “ليتورجية” (دينية مقدسة).
ونددت عدة جمعيات ومنظمات مسيحية بالقرار، معتبرة أن “الإدارة الذاتية” تضر بالتعليم من خلال تعزيز ايديولوجياتها عبر المناهج المدرسية.
وجاء ذلك في بيانات منفصلة للمطالبة بأن تسمح “الإدارة الذاتية” على الفور بإعادة فتح المدارس.
في حين قال موظف في مديرية التربية بمحافظة الحسكة التابعة للحكومة السورية، أمس الجمعة، لعنب بلدي إن قوات “الأسايش” قامت بإنذار جميع المدارس الخاصة في أحياء مدينة الحسكة الواقعة تحت سيطرتها بالإغلاق إذا لم تتوقف عن تدريس مناهج وزارة التربية السورية.
وتأتي القرارات عن “الإدارة الذاتية” في ظل الحديث عن اجتماعات لعقد مباحثات بين “مجلس سوريا الديمقراطية” (مسد) والحكومة السورية، للوصول إلى تفاهمات حول المنطقة الخاضعة لسيطرة “الإدارة الذاتية”.
وعلى الرغم من تواتر الأنباء التي تفيد بتفاهم أولي بين الطرفين، أعلنت رئيسة الهيئة التنفيذية لـ “مسد”، إلهام أحمد، عدم التوصل إلى أي نتائج في المحادثات مع الحكومة السورية،
وهو ذات اليوم الذي سلمت به مدرسة السريان الخاصة ومدارس عديدة في محافظة الحسكة إشعارًا بالإغلاق.
واتخذت “الإدارة الذاتية” إجراءات مماثلة متعددة خلال العامين الماضين ضد المدارس السريانية والخاصة عمومًا.
واقتحمت “الأسايش” مدرسة الدجلة الخاصة التابعة للطائفة السريانية في مدينة المالكية، في تشرين الأول عام 2016، لاستقبالها طلابًا من العرب والأكراد.
كما أغلقت في أيلول العام الماضي عدة مدارس خاصة في الأحياء ذات الغالبية العربية ضمن أحياء الحسكة.