زوعا اورغ/ وكالات
لأكثر من ثلاث سنوات بعد التخرج، حاول كرار علاء عبد الواحد الحصول على وظيفة مستقرة في الحكومة العراقية وفي القطاع الخاص ولكن دون جدوى.
سبق أن عرضت عليه وظيفة في وزارة النفط في مسقط رأسه البصرة، لكن كان عليه دفع ثمن باهظ لقاء ذلك: رشوة قدرها خمسة آلاف دولار، وهو مبلغ لا يستطيع تحمله.
يقول كرار، وهو خريج المعهد التقني في البصرة “كل مكان لديه نسخة من سيرتي الذاتية مرفقة بطلب وظيفة”.
وأضاف “إن كانت لديك علاقات جيدة مع الأحزاب السياسية ولديك المال فسوف تحصل على أي وظيفة تحلم بها. وإن لم يتوفر لك ذلك فلا تحصل على أي شيء”.
ووفقا للبنك الدولي، يبلغ معدل البطالة الإجمالي في العراق 11.2 في المئة، ويبلغ ضعف ذلك تقريبا، أي 21.6 في المئة في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة تنظيم داعش وتحملت دمارا هائلا إثر العمليات العسكرية التي انتهت رسميا أواخر العام الماضي.
ومنذ 2014، ارتفع معدل الفقر من 19.8 في المئة في عام 2012 إلى ما يقدر بنحو 22.5 في المئة، وفقا للبنك الدولي.
في البصرة، المدينة التي يزيد عدد سكانها عن أربعة ملايين نسمة، ارتفع معدل البطالة بشكل حاد إلى 30 في المئة في الأقل، وفقا لنائب المحافظ ضرغام الأجودي.
وقال إن ما بين 30 و35 ألف طالب يتخرجون في الجامعات والمؤسسات الخاصة والحكومية في المدينة، وينتهي الحال بمعظمهم دون عمل، ملقيا باللائمة على المسؤولين في الحكومة الاتحادية لعدم تركيزهم على ما تحتاجه سوق العمل.
ولاحتواء الاضطرابات، وعدت الحكومة الاتحادية بتخصيص مبلغ ثلاثة مليارات دولار لمشاريع الكهرباء والمياه، بالإضافة إلى توفير 10 آلاف فرصة عمل.
لكن طلبات الوظائف تفوق هذا العدد، مع تقدم أكثر من 85 ألف شخص بطلبات حتى الآن، وفقا لما ذكره الأجودي.
وأضاف قائلا “حتى الآن، لا توجد خطة حول كيف ومتى سيتم تنفيذ ذلك.”
والبطالة واحدة من أكثر القضايا الشائكة بالنسبة للحكومة، إذ يبحث 70 في المئة من العراقيين تحت سن الأربعين عن عمل.
عمل كرار البالغ من العمر 26 عاما، وهو الأكبر من بين ستة أبناء، بسلسلة وظائف غير مستقرة منذ عام 2015 لمساعدة أسرته.
لكنه في الآونة الأخيرة حصل على فكرة أثناء تصفح الإنترنت، تتمثل في بيع المشروبات الساخنة والمثلجة في جميع أنحاء المدينة عبر سيارة.
وقال كرار “أعجبني ذلك لأنه شيء جديد ولم يفعله أحد من قبل في البصرة”.
اقترض المال من الأقارب والأصدقاء لشراء وتعديل سيارة صغيرة، ثم لجأ إلى مورد ماكينات صناعة القهوة، ليساعده في الحصول على ماكينة مجانية وخصومات على الإمدادات.
يتجول كرار الآن في شوارع البصرة، ويقدم أنواعا مختلفة من القهوة والشاي والمشروبات الساخنة والباردة الأخرى.
ويكسب نحو 750 دولارا أميركيا في الشهر.
يعتبر كرار نفسه محظوظا، لأن أقرانه يضطرون إلى القيام بوظائف وضيعة رغم تعليمهم.
وقال “هناك خريجون يعملون كمحاسبين في شركات صغيرة أو عمال بناء أو عمال نظافة في المستشفيات أو حراس أمن في مراكز التسوق لأنهم يريدون إطعام عائلاتهم.”
وأردف قائلا “حال الشباب في البصرة بائسة.”
وأعرب عن أسفه لأن البصرة تعتبر “أم الثروة” حيث يوجد بها حوالي 70 في المئة من احتياطيات العراق المؤكدة من النفط والتي تبلغ 153.1 مليار برميل، إلى جانب موانئها.
وقال “عندما نفكر في كل الثورة التي نملكها، نشعر بالحزن والضيق. نحن نستحق أن نعيش حياة أفضل، ليس مقارنة بالعراقيين الآخرين فقط بل مقارنة بالعالم.”
وعانى العراق من صدمة مزدوجة في عام 2014، عندما اجتاح مسلحون من تنظيم داعش مناطق شمالي البلاد وغربييها وانخفض سعر النفط في الأسواق الدولية.
وتشكل عائدات النفط 95 في المئة من ميزانية الحكومة الاتحادية.
أجبر ذلك الحكومة على التوقف عن التوظيف وتحويل الكثير من مواردها إلى الحملة باهظة الثمن لمحاربة المسلحين، وهو ما أثر بشدة على عمليات خلق الوظائف وعلى القطاع الخاص وثقة المستثمرين.
ونتيجة لذلك، توقف النمو وتزايدت معدلات الفقر والبطالة.
ومن ضمن العاطلين الكثر من العمل في العراق علي فاضل كاظم، البالغ من العمر 25 عاما، وهو شاب حاصل على درجة علمية في العلوم والتربية البدنية، وأحد المشاركين في الاحتجاجات في البصرة.
وعلى غرار الآخرين، تقدم بطلب للحصول على وظيفة لكنه غير متفائل.
وقال كاظم، الذي عمل كحارس أمن وعامل بناء وسائق سيارة أجرة “هذه الوعود مجرد تخدير للمواطنين ولإبقائهم صامتين.”
أضاف “لقد بدأنا ثورة ولن نستسلم.”