زوعا اورغ/ وكالات
أدت العائلات المسيحية التي عادت بعد تحرير مدينتها الأقدم في العراق، من سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي، صلواتها في قداس أقيم للسلام داخل كنيسة زينتها خطوات الفتيات بعد أن كان مرورهن هنا مستحيلا بالجينز والتنورات القصيرة، والشعر المتطائر.
ودقت أجراس الكنائس في منطقة سهل نينوى، شمال العراق، الواقعة شمال غربي الموصل، مركز المحافظة، أملا وسلاما لحياة جديدة خالية من العنف والإبادة، ورغبة في التعايش مع باقي المكونات مرة أخرى، دون تهجير قسري أو تخيير ما بين ترك دينها واعتناق أخر تحت شروط وجزية وذبح مثلما طبق “داعش” أبان سطوته التي دحرت على يد القوات العراقية أواخر أغسطس/آب العام الماضي.
وحضرت مراسلة “سبوتنيك” في العراق، القداس الذي أقيم بلدة بغديدا السريانية “على بعد نحو 32 كم جنوب شرق مدينة الموصل”، بحضور العشرات من عائلات المكون المسيحي، بتنظيم ودعوة مجموعة من الناشطين من سهل نينوى، بينهم شباب وفتيات من المسلمين. في مبادرة منهم إلى أهمية التواصل الاجتماعي في تعزيز السلام بين المكونات بعد ما شهدته من محولات للتفرقة على يد “داعش” الإرهابي عند اجتياحه لنينوى في منتصف عام 2014.
وأقيم القداس، في كنيسة “مار بهنام وسارة”، في البلدة، والتي بانت عليها أثار الدمار والأعيرة النارية وشظايا المتفجرات والمفخخات التي كان تنظيم “داعش” الإرهابي يستخدمها في تشويه وتدمير الكنائس والمراقد بشكل عام وليس وحدها الخاصة بالمكون المسيحي.
وجمع الناشطون الذين دعوا إلى إقامة القداس، تبرعات من المال لتقديمها للعائلات من المكون المسيحي كي يتسنى للتي لم تعد بعد حتى الآن إثر الدمار الذي طال بيوتها إثر سطوة “داعش” وجرائمه خلال السنوات الماضية، أن ترجع وترمم دورها والعيش مرة أخرى في سهل نينوى.
وتأنق فتيات ونساء المكون المسيحي بأجمل الثياب وتسريحات الشعر البسيطة، في حضورهن للقداس، بملابس كان يحرمها “داعش” ويمنعها ويعدم من ترتديها كونها تعتبر خارجة عن تعليماته التي شدد فيها على تنقب النسوة ومنع خروجهن دون طبقات الخمار كافتها من أقصرها المغطية للوجه إلى الثوب الخافي لأصابع القدمين.
وكشف مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين ومدير زراعة المحافظة، دريد زوما حكمت، في حوار مع “سبوتنيك“، في 24 مايو/أيار الماضي، عن عدد العائلات من المكون المسيحي، التي عادت إلى الموصل “مركز محافظة نينوى، شمالي بغداد”، يتراوح بين (160-170)، ومعظمها في الساحل الأيسر من المدينة، وعدد بسيط من العائلات عادت إلى الساحل الأيمن.
وأضاف زوما، في سهل نينوى “شمال غرب الموصل”، عادت أغلب العائلات، مثلا لدينا في قضاء الحمدانية (يقع جنوب شرق مدينة الموصل وتسكنه غالبية سريانية)، عاد إليها نحو 25 ألف نسمة، وكذلك في مناطق “برطلة، وكرمليس، وبعشيقة” شمال البلاد.
وتابع، لدينا عدد كبير من العائلات عادت إلى تلسقف (بلدة عراقية تقع شمال مدينة الموصل بمسافة 30 كيلو متر)، ومازالت لدينا العائلات من قرية باطنايا، لم تعد بعد كون المنطقة منكوبة بنسبة 99% إثر سيطرة تنظيم “داعش” الإرهابي عليها، في وقت سابق، ولم يعد إلى باطنايا، أحد، وكذلك إلى مناطق تابعة للحمدانية، بسبب حرق دورهم من قبل تنظيم “داعش” الإرهابي.
وأكمل زوما، أما الذين لم يعودوا حتى الآن بسبب دورهم المحترقة، بحدود (2000) عائلة، كما تعرفين أن الدار المحترق لا يرمم بسهولة، أما بقية المنازل المتضررة والمدمرة، تم إعادة ترميمها وبنائها من قبل الكنائس، بمبالغ بسيطة، مشيرا إلى أن بحدود (400-500) عائلة مازالت نازحة، تتواجد في مناطق إقليم كردستان، والعاصمة، بغداد، وعدم رجوعها لأسباب خاصة جدا ومنها التي لم تعد بسبب دورها المحترقة.
وأختتم مستشار محافظ نينوى لشؤون المسيحيين، أن عدد العائلات التي عادت إلى المناطق المحررة من سهل نينوى، والمحافظة، ومركزها الموصل، تناقص بالهجرة، مثلا في قضاء الحمدانية كان لدينا 50 ألف شخص قبل دخول “داعش” منتصف عام 2014، ومن عاد من هذا العدد، بحدود 25 ألف شخص، أما البقية غادروا البلد، عدا الذين كما ذكرت في إقليم كردستان لا يستطيعون العودة بسبب دورهم المحترقة.
وكان تنظيم “داعش” الإرهابي، قد خير العائلات المسيحية في سهل نينوى، وباقي مناطق المحافظة ومركزها الموصل، في الشهر الأول من استيلائه على المدينة التي تعتبر ثاني أكبر مدن العراق سكانا بعد العاصمة بغداد، ما بين اعتناق الدين الإسلامي، أو دفع الجزية، أو المغادرة مع مصادرة أموالهم وممتلكاتهم جميعها.