نبيل رومايا
التظاهرات العراقية التي انطلقت في الأول من تشرين الأول بدأت بمطالب خدمية إنسانية حقوقية، قمعت بوحشية من قبل الحكومة وأجهزتها الأمنية، وتحولت بعد 25 تشرين الأول الى ثورة جماهيرية عارمة مطالبة بالتغيير الشامل واسقاط حكومة عادل عبد المهدي وتغيير نظام المحاصصة والطائفية والفساد وبناء دولة مدنية هدفها المواطنة والعدالة الاجتماعية.
وهذه التظاهرات ليست وليدة اليوم بل هي امتدادات لمعاناة حقيقية يمر بها شعبنا من 2003 بسبب الحكومات الفاشلة واحزابها الطائفية الفاسدة.
وعلى العكس فالحكومة لا تزال متمسكة، بما يسمى، بالاستحقاقات الانتخابية والدستورية والبرلمانية، بالرغم من أن القوانين الانتخابية الجائرة هي من رسخت حكومة المحاصصة الطائفية والحزبية. والدستور لم يجرِ عليه أي تعديل منذ كتابته وبقي ورقة لا تعني شيء. والحكومات المتعاقبة أصرت على هذا النهج لحماية مصالحها ومصالح احزابها وطوائفها، متجاهلةً صوت الناس ومطالبهم وتظاهراتهم في ساحات العراق على مد سنوات.
الفجوة بين الحكومة (السلطة او النظام) والشعب تكبر وتتوسع، فالشعب ومتظاهريه في جانب والحكومة في جانب اخر.
الشعب يطالب بإزاحة حكومة عادل عبد المهدي كأول مطلب لبدء التغيير الشامل والإصلاح الجذري يعقبه حكومة مؤقتة لفترة قصيرة تبدأ بإعادة بناء الدولة ومؤسساتها وتمهد لانتخابات نزيهة برعاية مفوضية كفؤة واشراف اممي، تنتخب حكومة كفاءات تنهي نظام المحاصصة الطائفية والحزبية والاثنية، وتبعد التدخل الإقليمي عن العراق، وتحاسب الفاسدين، وتعاقب المجرمين الذين تسببوا بقتل الناس، وتعوض المتضررين.
الحكومة برئاساتها الثلاثة لا تزال تتحدث عن الطلب من الحكومة الاستقالة دستوريا، ثم الطلب من الكتلة الكبرى اختيار رئيس وزراء جديد يوافق عليه وعلى وزرائه البرلمان وممثلي احزابه الطائفية الفاسدة…الخ.
أصحوا يا حكومة، المتظاهرين على ابوابكم ولن تحميكم دول الجوار التي جاءت بكم، ولن تحميكم دولتكم العميقة* ولا حراساتكم واموالكم التي سرقت من قوت الشعب. اصغوا لصوت الناس واتركوا العراق لأهله الشرفاء قبل فوات الأوان، فدم الشهداء سيلاحقكم للأبد.
1 تشرين الثاني 2019
*الدولة العميقة: مفهوم شائع يستخدم لوصف أجهزة حكم غير منتخبة تتحكم بمصير الدولة (كالجيش أو المؤسسات الأمنية أو الأحزاب الحاكمة)، وتتكون الدولة العميقة بهدف الحفاظ على مصالح الدولة كنظام حكم تستفيد منه. ويكون للدولة العميقة عناصر موجودة في مؤسسات ومفاصل الدولة المدنية والعسكرية والسياسية والإعلامية والأمنية. وتعمل هذه العناصر لتحقيق أهداف مشتركة والتأثير على مؤسسات الدولة الرسمية وقراراتها السياسية. وتكون فعليا دولة داخل دولة وممكن ان يكون لها دعم وامتداد من دول اخرى.
المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن وجهة نظر الموقع