نبيل رومايا
تحتفل معظم شعوب العالم يوم 22 نيسان بيوم الأرض، وتقام نشاطات شعبية في تلك الدول لدعم حماية البيئة والمياه والطبيعة، ولتسليط الأضواء على ظاهرة الاحتباس الحراري وتلوث الجو والانفجار السكاني.
ويعاني العراق من صعوبات بيئية وسكانية كبيرة، فقد بلغ عدد سكان العراق في عام 2020، 40 مليوناً و150 ألف نسمة، وفقاً لنتائج التعداد الرسمي الذي أعلنت نتائجه وزارة التخطيط العراقية في شباط عام 2021.
وجاء توزع السكان بواقع 50.50% للذكور، و49.5% للإناث، وبنسبة 102 ذكراً لكل 100 أنثى.
وسيبلغ عدد السكان نحو 50 مليون نسمة بحلول عام 2030 و70 مليون في عام 2050. مما سيشكل مزيدا من الضغط على الموارد الطبيعية والمياه. ويعيش 71% من سكان العراق حالياً في المناطق الحضرية، ويعيش أكثر من نصفهم في ظروف شبه عشوائية.
وتُعرّف البيئة على أنها العناصر الحية وغير الحية التي تؤثر على حياة الإنسان سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، حيث تشمل هذه العناصر كل من الغابات والحيوانات والنباتات والشمس والصخور وغيرها من المكونات. ووفقًا لهيئة الأمم المتحدة فإنه يمكن تعريف البيئة على أنها كل العوامل الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية التي تؤثر بشكل أو بآخر على حياة الإنسان وسلوكه.
ويمر العراق اليوم بوضع بيئي صعب جدا نتيجة للتخبط الحكومي في انجاز مشاريع التخطيط البيئي والسكاني بسبب المحاصصة والفساد المستشري في كل أجهزة الدولة، وكذلك بسبب شحة المياه نتيجة لسوء التخطيط المائي، ولتجاوزات الدول الإقليمية على المياه العراقية وخاصة تركيا وإيران، يضاف اليها ممارسات النظام السابق بتجفيف الاهوار العراقية والذي أدى الى كارثة بيئية مدمرة للعراق ودول الجوار والعالم.
ربما لا يعلم البعض بوجود قانون لحماية البيئة العراقية مكون من عشرة فصول والعشرات من الأبواب والقوانين، اذا طبقت لأصبح العراق من افضل الدول بيئيا. هذا بعض من تفاصيله:
قانون حماية وتحسين البيئة رقم (27) لسنة 2009
المادة -1- يهدف القانون إلى حماية وتحسين البيئة من خلال إزالة ومعالجة الضرر الموجود فيها أو الذي يطرأ عليها والحفاظ على الصحة العامة والموارد الطبيعية والتنوع الإحيائي والتراث الثقافي والطبيعي بالتعاون مع الجهات المختصة بما يضمن التنمية المستدامة وتحقيق التعاون الدولي والإقليمي في هذا المجال.
الأسباب الموجبة: لغرض الحفاظ على الموارد الطبيعية بما يحقق الصحة والرفاهية والتنمية المستدامة ونشر الوعي البيئي وانسجاما مع أهمية التعاون الدولي في تنفيذ المبادئ البيئية والدولية وللحد من التلوث البيئي الناجم عن الممارسات الخاطئة، وبهدف تعزيز دور الأجهزة التنفيذية في تطبيق القرارات ومتابعة الإجراءات الكفيلة بحماية البيئة وتحسينها، شُرع هذا القانون.
وحسب تقارير الأمم المتحدة، يعتبر نهري دجلة والفرات هما المصدران الرئيسيان للمسطحات المائية في العراق. وقد يتعرض النهران للجفاف بحلول عام 2040 إذا استمر الحال على ما هو عليه الآن.
إن وفرة المياه لأغراض الزراعة والصناعة والاستخدام المنزلي تعد مشكلة كبيرة في العراق. فكمية ونوعية المياه المتوفرة في البلاد قد تأثرت بالسدود التي أنشأتها دول المنبع، فبسبب التلوث، وتغير المناخ والاستخدام غير المخطط للمياه، انخفضت كمية المياه المتاحة للشخص الواحد في السنة من 5,900 متر مكعب في عام 1977 إلى أقل من 2,000 متر مكعب اليوم.
وتعرضت بيئة العراق لضرر كبير بسبب السياسات الخاطئة للحكومة بشأن السكان وإدارة الموارد. ونتيجة لذلك يعيش البلد سلسلة من المشاكل البيئية بما فيها الجفاف والتصحر وزيادة ملوحة التربة. وأصبحت 40% من الأراضي العراقية غير صالحة للزراعة.
وخلفت سنوات الصراع والحروب وأعمال العنف تلوثاً كيميائياُ وذخائر غير متفجرة وتدمير، أثر على معيشة وسلامة ما يقدر مليونين عراقي.
هذا بالإضافة الى تدمير الاهوار التي تقع في جنوب العراق والتي تعتبر من أكبر الأراضي الرطبة الموجودة في جنوب غرب آسيا، وتعرف بأنها واحدة من أكثر الأنظمة البيئية تميزاً في العالم. وبلغت نسبة المساحات التي تم تجفيفها من أهوار بلاد ما بين الرافدين 90%. وقد اضافت الأمم المتحدة اهوار العراق الى قائمة التراث الإنساني العالمي.
واهوار العراق تستحق ان تكون في لائحة التراث الإنساني، فقد أظهرت النصوص والنقوش السومرية التي وجدت منحوتة على الرُقم الطينية، أن المشحوف كان إحدى وسائل تنقل الملك كلكامش في رحلته عند بحثه عن الخلود، وأنه صنع قارباً من قصب البردي وطلاه بالقار.
واضطراب المناخ العالمي يسببه تراكم الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي الناتجة عن النشاطات البشرية، ويشكل أكبر تهديد للتنوع البيولوجي على كوكب الأرض. وقد بدأ الناس في جميع أنحاء العالم في معالجة المشكلة عن طريق الحد من انبعاثاتها الكربونية من خلال استهلاك أقل وتكنولوجيا أفضل، لكن النمو السكاني غير المستدام يمكن أن يطغى على هذه الجهود. وفي العراق تشكل عدم السيطرة على حرق الغاز المصاحب لاستخراج النفط، والفشل في التخطيط للانفجار السكاني مشكلة كبيرة مستقبلية.
وكشفت جائحة كرونا عن ضعف وتخبط البنية التحتية الطبية والوقائية والاجتماعية والبيئية في الكثير من دول العالم الثالث وخاصة العراق في ظل الزيادة السكانية الغير مدروسة.
هناك العشرات من الحلول لمجابهة الزيادة السكانية، منها التخطيط للزيادة السكانية المستدامة، والتوعية، وزيادة الموارد البشرية، وزيادة الأراضي الخصبة، وتحقيق الامن والاستقرار. ويتم ذلك يدا بيد مع الاهتمام بالبيئة.
فلنعود مرة أخرى الى العمل على احياء مشروع الحزام الأخضر الذي بدأ في سبعينيات القرن الماضي، كجزء من حملة قامت بها الدول العربية وبمساعدة منظمة الأغذية والزراعة (فاو)، ليعمل كمصد للرمال الصحراوية التي تجتاح المدن والأراضي الزراعية، فضلاً عن عمله للحد من الرياح الصحراوية نحو المدن، بيد أن الحرب العراقية الإيرانية (1980- 1988) أوقفت المشروع الذي كان في بداياته. وجرت محاولة إعادة المشروع بعد 2003، ولكن صعوبات كثيرة جابهته. وممكن تبني أي مشروع اخر بدعم دولي.
ان العراق بحاجة ماسة الى هذا المشروع، فحسب وزارة الزراعة إن العراق بحاجة الى أكثر من 14 مليار شجرة لإحياء المناطق التي تعاني من التصحر.
فلنبدأ اليوم بالتفكير والتخطيط لمستقبل العراق وسكانه قبل فوات الأوان.
22 نيسان 2021 (يوم الأرض).