يونادم كنا
٣ شباط ٢٠٢٠
إذ نقف إجلالا لأرواحكم الطاهرة في الذكرى الخامسة والثلاثين لاستشهادكم، واستشهاد رفاقكم (جميل متي وشيبا هامي) من قبلكم بعام على أيدي جلاوزة النظام الدكتاتوري البائد ونستذكر رفاقكم الشهداء من بعدكم – شهداء حركتنا الذين قارعوا اعتى الدكتاتوريات وضحوا بارواحهم على مذبح حرية وحقوق وكرامة شعبنا، واذ نعيش هذه الذكريات الأليمة، فأننا نؤكد بأن رفاقكم على الدرب ماضون ومن اجل قضيتنا ومطالب شعبنا المشروعة صامدون رغم كل التحديات، ومحاولات قوى الظلام التي سعت لاقتلاع وجودنا القومي من ارض الجدود – بلاد بابل وآشور وفي سهل نينوى وغيرها وفي توازي مع العديد من العوامل والقوى السلبية التي تسبح عكس تيار وحدتنا القومية سواء لإرضاء الحاكم أو لجهلها بالحقائق التاريخية، ومنها بعض زعامات طوائف شعبنا التي لا زالت تبذل ما بوسعها لإعلاء الجدران وتعميق الخنادق لتفريق الصف بين الطوائف وأحيانا بين رعايا طائفة واحدة، وكأنهم خصوم البعض وليس أبناء امة واحدة وإتباع عقيدة تشترك في الأسرار المقدسة وشعب أصيل يشترك في التأريخ والجغرافية واللغة والعادات والتقاليد والثقافة والمصالح والمستقبل والمصير، وكل يسعى لترسيخ قلاعه رغم عمق جراح الهجرة المستمرة التي تنخر في جسد وكيان ووجود الأمة، ليأتي يوماً ( لا سامح الله ) لن يجد الكاهن مؤمن يدخل ويصلي خلفه، كل ذلك في غياب المبادئ الأساسية في إنسانيتنا ومعتقداتنا المبنية على التواضع والتسامح والمحبة والغفران، وعليه فالوحدة التي ادعى بها الكثيرين منهم أمست أمرا من الماضي وترجحت كفة إرضاء الحكام – أيا كان الحاكم – لأنهم كانوا ولا يزالوا أولياء النعمة والمقسوم لتغطية متطلبات الدنيا وليس الدين والآخرة.
اما أحزابنا من دعاة القومية، فأن وضعهم ليس بأفضل من وضع زعامات الطوائف، اذ ابتلت الأمة بالبعض من سذج القوم، وبدفع وتخطيط من خارجها مستثمرين النفوس الضعيفة أو تلك التي تجهل ماضيها العريق وأصولها والحقائق التاريخية، نعم ابتلت الأمة بصراعات دونكيشوتية بذريعة التسميات التي لكل منها خلفياتها التاريخية ومبرراتها ونعتز بجميعها لانها مدلولات وتسميات لأمة عريقة – امة بابل وآشور، وعليه يؤدون دورهم ومساهماتهم في تشتيت الصف وتفريق الأمة في تناغم مع سياسات الحاكم العنصرية الذي لا تسره وحدتنا، فيسعون لقلع جذور الأمة في ظل التمييز والتفرقة وسلب الإرادة فالتهميش والإقصاء والسطو على الأراضي وسلب الممتلكات في غياب سلطة القانون والعدالة، ومع ذلك بعضاً من ( قيادات ) الأحزاب مسرورة بأوضاعها وبصورة خاصة من يعتقد بأنه وصل – حتى لو على عربات الآخرين من خارج البيت – أو ارتقى ولو على رافعات الجوار الذي لا يحترم مبادئ الشراكة، بل جل هدفه هو (تأمين وتوفير شهود الزور لصقل الصورة لدى المجتمع الدولي حتى لو كانوا ممن لفظهم القوم).
وعلى صعيد الوطن، فأن أوضاعه رغم ادعاء الأغلبية بالديمقراطية الا انه يبدو ان الادعاء ذلك لم يكن لبناء مجتمع ديمقراطي تعددي يتساوى فيه أبنائه وتتحقق العدالة رغم الهويات الفرعية وإنما استثمرت الاغلبيات التغيير وشعار الديمقراطية أسلوبا للتسلط وليس لبناء دولة المؤسسات وان الألم الذي يعتصر قلوب العراقيين عموماً لما يجري من تهديدات للعملية السياسية والمستقبل المجهول للعراق والعراقيين في ظل الظروف الأمنية والسياسية الخطيرة التي تعيشها هي من مخرجات سياسات وممارسات من تصدر المشهد ومسك الحكم منذ التغيير في البلاد من الفساد المستشري والاستئثار بالسلطة لمصالح حزبية وشخصية ومحاصصة مقيتة قضت على الخبرات ومشاركة الفئات المهشمة من المجتمع وبصورة خاصة أبناء شعبنا الكلداني السرياني الآشوري وبقية مكونات المجتمع العراقي.
هذه السياسات المقيتة والفساد التي جعلت البلاد سوقاً استهلاكياً للجوار وما وراء الجوار وقضت على الزراعة والصناعة واحتكرت التجارة لبضعة حكام وأتباعهم مما فاقم الأوضاع لتخرج المظاهرات منذ أربعة أشهر رافعة شعاراتها – نازل اخذ حقي – نريد وطن ويريدون خبز وكرامة ويتحسروا ويترحموا على الماضي رغم سيئاته. وسقط المئات من الشهداء وآلاف الجرحى، وتتكالب القوى الخارجية على البلاد لتنال من وحدته وسيادته وكرامة أهله. وبعض من الكتل الحاكمة في عالم اخر لايهمها دماء الشهداء والجرحى قدر ما يهمها تأمين مصالحها وحماية الفاسدين من الملاحقات القانونية… ورغم كل التقدير لجهود مجلس النواب في انجاز مطالب ساحات الاحتجاج من المفوضية للانتخابات وقانون الانتخابات واطلاق يد النزاهة لملاحقة سراق المال العام، الا ان قوانين عديدة لازالت بانتظار الانجاز والتي تعتبر أساس لمأسسة الدولة وانهاء النزاع على السلطة والثروة وتحقيق العدل وتوفير الكرامة لكل مواطن عراقي وقبل ذلك انهاء الانقسام الحاصل في البرلمان على خلفيات مناطقية أو مذهبية وقومية ليتسنى للبرلمان انجاز ما يستوجب انجازه لاستكمال مطالب العراقيين جميعاً والتي يعبر عنها المحتجون في ساحات التحرير والصدرين والحبوبي والبحرية وغيرها…
وكلنا امل بأن يستذكر من يملك السلطة، شهداء الوطن وتكون تضحياتهم السخية حافزاً لصحوة ضمير وصحوة وطنية تعيد العملية السياسية على النهج الصحيح وتمكنه من تحقيق طموحات الشعب التي ضحى الشهداء بأرواحهم في سبيلها.
وكذلك نأمل ان تكون هذه الذكرى الخالدة محطة لمراجعة الذات لكل من حاد عن الطريق نحو حقوق شعبنا العادلة والمشروعة او الذين ابتعدوا عن المسيرة التي قدم الشهداء ورفاقهم ارواحهم الزكية من اجل انتصارها.
ونذكر الجميع ان قضية شعبنا ووجوده وحقوقه على ارضه التاريخية تستحق الدماء والتضحيات التي قدمت وتلك التي ستقدم من اجلها.
وفي الختام أعاهد وجميع الرفاق، ارواح شهداء حركتنا الديمقراطية الآشورية وشهداء شعبنا إننا على العهد باقون وعلى النهج الذي خط بدمائهم ماضون الى النهاية والنصر.
المجد والخلود للشهداء الأبرار
الخزي والعار للقتلة الأشرار