زوعا اورغ/ اعلام البطريركية
البيان الختامي
للسينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية
دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان 3-7/10/2017
برئاسة صاحب الغبطة مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان بطريرك السريان الأنطاكي، عُقد السينودس السنوي العادي لأساقفة الكنيسة السريانية الكاثوليكية الأنطاكية، بمشاركة آباء السينودس الأساقفة القادمين من الأبرشيات والنيابات البطريركية والرسولية في لبنان وسوريا والعراق والقدس والأردن ومصر وتركيا وأوروبا والولايات المتّحدة الأميركية وكندا وفنزويلا وأستراليا والوكالة البطريركية في روما، وذلك في الفترة الممتدّة من 3 حتى 7/10/2017، في الكرسي البطريركي في دير سيّدة النجاة – الشرفة، درعون – حريصا، لبنان.
مع بداية أعمال السينودس، قام غبطته والآباء بزيارة رسمية إلى فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون في القصر الجمهوري في بعبدا، إذ يُعقَد السينودس للمرّة الأولى بعد انتخاب فخامته رئيساً. وكانت مناسبة لشكره على رعايته شؤون أبناء الطائفة، ولا سيّما منهم الذين أُرغِموا على الهجرة من العراق والذين يلقون اليوم التسهيلات اللازمة لعودتهم إلى بلدهم، مبدين تأييدهم لمواقفه الداعمة للحضور المسيحي في الشرق، ومؤيّدين مطلب فخامته بجعل لبنان مركزاً عالمياً لحوار الحضارات والأديان والأعراق.
استهلّ الآباء اجتماعاتهم برياضة روحية تأمّلوا فيها الدعوة الأسقفية وتحدّيات الخدمة، وعلاقة الأسقف بالإكليروس والمؤمنين الموكَلين إلى عنايته، بروح “الراعي الصالح الذي يبذل نفسه عن الخراف” (يوحنّا 10: 11)، مهيبين بالكهنة والمؤمنين أن يلتفّوا حول أسقفهم بالوحدة والتضامن والمحبّة المتبادلة والطاعة الكنسية. وهكذا يواجهون معاً التحدّيات بالصبر والفطنة وبرؤية ثاقبة نحو المستقبل، بالرجاء المسيحي الذي لا يخيب، غير ناسين ما تتطلّبه الخدمة الكنسية من تجرّد وتفانٍ.
وتطرّق الآباء إلى الموضوع الهامّ المتعلّق بالتنشئة الإكليريكية والرسامات الكهنوتية وشؤون الكهنة وعلاقاتهم بأسقفهم راعي الأبرشية، ودعوا إلى عيش روح الإنجيل الذي يصوّر الأسقف أباً ورئيساً وراعياً.
واستمع الآباء إلى تقارير عن الأبرشيات والنيابات البطريركية والرسولية في الشرق وفي بلاد الإنتشار، والمؤسّسات البطريركية الرهبانية والإكليريكية، ودرسوا النص المقترح لقوانين الشرع الخاص للكنيسة السريانية الذي قدّمته اللجنة القانونية، وناقشوا ما توصّلت إليه اللجنة الطقسية في تجديد خدمة القداس الإلهي، وقرّروا عقد اللقاء العالمي الأول للشباب السرياني الكاثوليكي في لبنان في الصيف القادم.
أمّا أبرز ما جاء في أعمال السينودس:
أولاً: درس الآباء الأوضاع الراهنة في الشرق، وما يعانيه أبناء الكنيسة السريانية كما آخرون من الكنائس الشقيقة، من جراء الأزمات والنزاعات المخيفة، في سوريا، وفي العراق، فضلاً عن عدم الإستقرار والإضطرابات في الأراضي المقدسة، ومآسي المسيحيين في مصر. هذه الأوضاع تسبّب آلاماً وإضطهاداتٍ تدفع إلى النزوح القسري، وإلى التهجير والإقتلاع من أرض الآباء والأجداد، مع ما يشكّله ذلك من تهديد خطير لمستقبل حضورنا في الشرق، واستمرار أداء الشهادة لإله المحبّة والفرح والسلام في هذه البقعة من العالم حيث وُلدنا وأرادنا الله أن نكون.
ثانياً: بحث الآباء الوضع في لبنانالذي لا يزال يعاني أزمات سياسية واقتصادية واجتماعية وأمنية، ويرزح تحت عبء مليونَي نازح ولاجئ يتزايد عددهم سنوياً بعشرات الألوف. لكنّ الآباء عبّروا عن ارتياحهم لانتصار الجيش والقوى الأمنية على الإرهاب في جرود سلسلة جبال لبنان الشرقية، آملين أن تجري الإنتخابات النيابية في مواعيدها، ومجدّدين الطلب برفع الغبن اللاحق بالسريان لعدم تمثيلهم في البرلمان وسائر المؤسّسات الرسمية في الدولة.
ثالثاً: أعرب الآباء عن ارتياحهم لما يشاهدونه في سوريا من عودة تدريجية للأمن والإستقرار بعد أكثر من ستّ سنوات من الحرب التي فُرِضت على هذا البلد. فقد تمّ تحرير حلب، وها هو الأمن يستتبّ في معظم أنحاء البلاد. ويطالب الآباء الأسرة الدولية وجميع ذوي الإرادات الحسنة ببذل الجهود لإقرار حلّ سياسي عادل وتسريع عودة النازحين والمهجَّرين السوريين إلى ديارهم، فيسهموا بثقة وفعالية في إعادة إعمار بلدهم.
رابعاً: شدّد الآباء حرصهم على سلام العراق وأمانه رغم المرحلة الراهنة التي يعانيها وانعكاساتها السلبية على مستقبل المواطنين، وهم يدعون إلى حلّ النزاعات والخلافات بالحوار البنّاء الذي يضع مصلحة الوطن فوق كلّ اعتبار. وإذ يعربون عن فرحهم بتحرير الموصل وقرى وبلدات سهل نينوى، يؤكّدون أهمية رصّ الصفوف ووحدة الكلمة بين مختلف مكوّنات العراق، للنهوض بالوطن وإعمار ما هدمته يد الإرهاب والتطرّف.
خامساً: ثمّن الآباء الدور الإيجابي الذي يقوم به الرئيس والحكومة في مصر، ممّا يساهم في النهوض الإقتصادي وفي زرع بذور الأمل بالمستقبل لدى المسيحيين بعد ما عانوه من مآسٍ وأعمال عنف وإرهاب.
سادساً: أكّد الآباء دعمهم مساعي المصالحة والوحدة بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، وحقّه في إقامة دولته، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أرضهم بحسب مقرّرات الأمم المتّحدة.
سابعاً: عبّر الآباء عن تضامنهم مع أبنائهم المؤمنين الذين صمدوا وبقوا في أرضهم رغم المعاناة، والذين يقاسون الصعوبات والضيقات نتيجة النزوح والهجرة إلى بلدان أخرى بحثاً عن الأمان والإستقرار، مشجّعينهم على الثبات في إيمانهم وتجديد ثقتهم بالرب يسوع الذي لا يهمل ولا يترك خائفيه والمتّكلين عليه، ومؤكّدين لهم وقوف الكنيسة إلى جانبهم وتقديم كلّ ما يمكن أن يساهم في تحسين أوضاعهم الصعبة.
ثامناً: توجّه الآباء إلى أبنائهم المؤمنين الذين غادروا أرضهم الأمّ في الشرق، وانتشروا في أوروبا وأميركا وأستراليا، مؤكّدين تواصلهم معهم بالصلاة ومتابعة أمورهم من خلال رعاتهم الكنسيين. وهم إذ يعرِبون عن افتخارهم واعتزازهم بإنجازات أبنائهم وإبداعاتهم في مختلف مجالات العمل والعطاء حتى تبوّأوا مناصب رفيعة في الخدمة العامّة في عدد من البلدان، وأضحوا موضع إكرام وتقدير، فإنهم يحثّونهم كي يبقوا راسخين في الإيمان الواحد، وأمناء لتراث كنيستهم السريانية وتقاليدها المشرقية العريقة، مع الحفاظ على تواصلهم وعلاقاتهم التضامنية مع بلاد المنشأ.
وصدرت عن السينودس القرارات التالية:
أولاً: إعادة النظر بما توصّلت إليه اللجنة الطقسية من تجديد في خدمة القداس الإلهي، تمهيداً لطباعة القداس وتعميمه على الإكليروس والمؤمنين بعد موافقة الآباء عليه.
ثانياً: الموافقة على النص المقترَح لقوانين الشرع الخاص بكنيستنا السريانية الكاثوليكية الذي قدّمته اللجنة القانونية.
ثالثاً: عقد اللقاء العالمي الأول للشباب السرياني الكاثوليكي في الصيف القادم في لبنان، وتشجيع الإكليروس والمؤمنين من كلّ الأبرشيات والإرساليات في العالم على المشاركة في هذا اللقاء، تعزيزاً لوحدتهم وتقويةً لتأصّلهم بروحانية كنيستهم وتاريخها وتراثها.
رابعاً: اتّخاذ قرارات إدارية.
وفي ختام السينودس، رفع الآباء شكرهم للرب الإله، الثالوث الأقدس،على روح المحبّة والأخوّة التي جمعتهم في هذا السينودس، متّكلين على النعمة الإلهية التي تقوّيهم وتشجّعهم، وعلى شفاعة مريم العذراء سيّدة النجاة، ليتابعوا مسيرة الشهادة للإيمان، بالوحدة مع أبنائهم من الإكليروس والمؤمنين، رغم كلّ ما يحيط بهم من تحدّيات وصعوبات، واثقين بوعد الرب يسوع القائل “أنا معكم كلّ الأيّام وحتى انقضاء الدهر” (متى 28: 20).