زوعا اورغ/ اعلام البطريركية
كلمة غبطة البطريرك الكردينال لويس روفائيل ساكو في مؤتمر عن عبديشوع الصوباوي بمناسبة مرور 700 عام على وفاته. قرأها نيابة عنه سيادة المطران مار شليمون وردوني، المعاون البطريركي. المؤتمر يعقد في 8-9 تشرين الثاني واشترك فيه قداسة البطريرك مار كوركيس الثالث صليوا وعلماء في مجال الشرقيات من عدة دول. وكلمة البطريرك ساكو قرأت في جلسة الافتتاح.
اني باسمي وباسم الكنيسة الكلدانية، أتقدم بالشكر الجزيل الى المعهد الحبري للدراسات الشرقية، على تنظيمه هذا المؤتمر بمناسبة مرور 700 سنة على وفاة اللاهوتي المشرقي الكبير عبديشوع الصوباوي( النصيبيني) 1318-2018، و 730 سنة على زيارة الراهب برصوما موفد البطريرك مار يهبالاها الثالث الى روما واستقبال البابا نقولاوس الرابع له في سنة 1288 واعطاه القربان المقدس في احد السعانين. وارسل معه تاجا وخاتما للبطريرك مار يهبالاها علامة الوحدة.
كما اشكر المعهد على ما أصدره من دراسات وكتب ومقالات عن تراثنا وبطريقة علمية ورصينة وعليه عرّف العالم بأهمية هذا التراث الأصيل في مجالاته المتنوعة .. كما اشكره على تنشئته كادرا من الاكليروس الكلداني عبر دراستهم في هذا المعهد العزيز، وانا واحد منهم.. نحن الشرقيين والكلدان خصوصا مدينون للمعهد جدا. واعتقد انه من الأهمية بمكان اليوم ارسال طلاب من الاكليروس والعلمانيين للدراسة في هذا المعهد لأننا نحتاج الى اختصاصيين للتواصل مع تراثنا وتاوينه، وللبقاء أمناء على الاصالة من جهة وعلى ثقافة أبناء عصرنا من جهة أخرى.
تراثنا ليس تراثا قديما جامدا، انما تراث حيّ لا نزال نتوارثه، ونعيشه على صعيد الأرض، واللغة والاباء والطقوس.. وهنا أؤكد بشدة على أهمية طقوسنا الجميلة ومواعظ اباء كنيستنا التي حافظت على ايماننا حتى ابان ( وقت) الاضطهادات والى اليوم.. نحن عموما ليس لنا لاهوت مدرسي كما الحال في الكنيسة الغربية.. انما طقوسنا هي ينبوع حياة لنا.. وما فعله داعش مع مسيحيي الموصل وبلدات سهل نينوى خير دليل على التزامهم بايمانهم وتركهم كل شيء حتى وثائقهم الثبوتية من اجل ان يحافظوا على مسيحيتهم ..
من المؤكد ان امامنا اليوم تحديات كثيرة تهدد وجودنا وتراثنا، علينا ان نواجهها بايمان ورجاء وروية واضحة ومواقف ثابتة وبارادة قوية. اني مؤمن بان الروح القدس الذي قادنا في عدة أزمات واضطهادات، هو يقودنا اليوم أيضا.
يعدّ عبد يشوع الصوباوي أحد ابرز شخصيات كنيسة المشرق في القرنين الثالث عشر والرابع عشر لغزارة علمه، وعديد تآليفه التي خلفّها في شتى مجالات الآداب الكنسية. ولم يضاهيه احد الا معاصره المفريان السرياني الأرثوذكسي غريغوريوس ابن العبري (1226-1286). لذا يستحق هذا المؤتمر. وان على الكنيسة الكلدانية وكنيسة المشرق الاشورية ان تتذكره بكل فخر واعتزاز.
عبديشوع الصوباوي الذي نحتفل بمرور 700 سنة على وفاته هو مثال للاسقف الذي يعلن الانجيل، والأب والراعي الذي يربي ويرافق، واللاهوتي الذي يتمسك بدوره النبوي الشجاع. نلمس ذلك من خلال كتاباته وحسه الراعوي المزدوج في تثقيف المسيحيين بمباديء ايمانهم حتى يواجهوا أسئلة المسلمين، وأيضا تعريف المسلمين بايمان المسيحيين. وما يكتبه يعبر عن قناعته وعما يعيشه. كتاباته شهادة حياة.
عبديشوع شخص موسوعي وكاريسماتي منفتح على زمانه، وظروف كنيسته ومتطلبات مؤمنيها، عبديشوع شخصية كنسية بامتياز
كتب عبديشوع في التاريخ واللاهوت والقانون واللغة. كتابه الجميل” مركانيثا” والذي قمت بترجمته الى العربية في السنة الأولى من كهنوتي يعد تعليما رسميا للايمان المسيحي في كنيسة المشرق التي اعتمدته كما جاء في مقدمته. . اناجيله بالعربية المسجعة على طريقة القران، مبادرة فذة أراد بها ان يقول للمسيحيين والمسلمين ان الانجيل ليس اقل اعجازا من القران.. وكتابه الاخر ” أصول الدين” الذي نشره الاب جانماريا جانتزا الساليزياني يقدم فيه عبديشوع الديانة المسيحية بأسلوب منطقي ومفهوم واضعا نور العقل فوق النقل. ويرد على اعتراضات الاخرين في موضوع تحريف الانجيل والاشراك.
فهرس المؤلفين، حافظ فيه على كل ما كتب حتى زمانه.. هذا الاهتمام ساعد على حفظ أسماء المؤلفين وعناوين مؤلفاتهم… فنحن مدينون له.
كتاب فردوس عدن فاق المقامات التي الفها محمد الحريري البصري (1054م – – 1112م ) وهي من أشهر المقامات التي تنتمي إلى الفن القصصي الذي ابتكره بديع الزمان الهمذاني.
إن مؤلفات عبديشوع العديدة وضعته في مصاف الكتاب الأوائل في القرون الوسطى والحديثة ولم يظهر بعده احد بهذا المستوى، لربما بسبب الظروف الجيوبولوتيكية والاضطهادات والتهجير فتقلص نفوذ هذه المدارس اللاهوتية بعد غزو المغول للمنطقة.
عبديشوع وكذلك البطريرك مار يهبالاها الثالث والراهب برصوما والعديدون في كنيستنا قد وضعوا الإنجيل في أولويات حياتهم، من دون خوف او تردد ، واليوم على مسؤولي كنيستَينا الكلدانية والاشورية التمثل بهم. فالاصالة والحداثة رسالة متجددة.
علينا ان نخطط لاستراتيجية ورؤية مسيحية مشرقية موحدة تحافظ على وجودنا ودورنا. علينا ان نكون اقوى من الانقسام ، وان نرفع الحواجز النفسية والتاريخية فنحقق وحدة كنيسة المشرق الضرورية في هذه الظروف القاسية حيت نواجه تحديات ضاغطة، منها على سبيل المثال الهجرة والتطرف الديني . وحدتنا سوف تساعدنا على بلوغ مستقبل أفضل لشعبنا واكثر زدهارا. . شكرا