زوعا اورغ/ وكالات
لقاء رؤساء وممثلي الكنائس
في اليوم الثاني من زيارته الحالية إلى الأردن، قام البطريرك الماروني الكاردينال مار بشاره بطرس الراعي، بزيارة مطرانية اللاتين الصويفية في عمان، حيث التقى مجلس رؤساء الكنائس في الاردن، بحضور مطران اللاتين في الاردن وليم الشوملي، السفير البابوي المونسنيور البيرتو اورتيغا مارتين، والبطريرك فؤاد الطوال، ورؤساء وممثلين الكنائس الارثوذكسية والكاثوليكية والانجيلية البروتستانتية.
استهل اللقاء بكلمة ألقاها المطران الشوملي، رحب فيها بالبطريرك راعي والوفد المرافق، وقال: “نستقبلكم يا صاحب الغبطة، رؤساء كنائس مختلفة، لكننا جسم واحد، فنحن نعيش معًا شركة المحبة والوحدة في ما بيننا هنا في الأردن. غبطتكم تقومون بهذا الدور على مستوى لبنان والشرق بشكل مثالي، فأنتم تجمعون ولا تفرقون، وكلنا يعلم هذا”.
وأضاف: “نحن نصلي ونعمل معًا في الوقت نفسه، لأن همومنا مع المسلمين مشتركة. نعيش في منطقة ملتهبة ونعاني تداعيات الوضع، فالأردن كما لبنان استقبل عددًا كبيرًا من النازحين، وهو يعاني أيضًا البطالة وهجرة الشباب ووضعًا اقتصاديًا صعبًا”. وتابع: “أنتم تمثلون يا صاحب الغبطة كنيسة كبرى كما تمثلون لبنان الشقيق، ونحن نتمنى للبنان السلام والطمأنينة وعودة اللاجئين سالمين الى بلادهم”.
بدوره أثنى البطريرك الراعي على تعاون الكنائس ووقوفها موحدة لنشر كلمة الانجيل، مثنيًا على كلمة المطران الشوملي، وقال: “لقد ركزتم في كلمتكم على وطننا لبنان وكنيستنا، وما هو لقاؤنا اليوم الا للتشديد على وحدتنا وتعاوننا وصمودنا، في هذا الوقت العصيب. أتحدث هنا عن الأردن، فلسطين، لبنان، العراق، سوريا وكل الأراضي المقدسة. فإضافة الى القضية الفلسطينية التي يعانيها الشعب الفلسطيني، جاءت هزة إعلان القدس عاصمة لإسرائيل وقرار الكنيست الأخير اعتماد اللغة العبرية اللغة الرسمية وإقصاء اللغة العربية. إنه ألم كبير أصابنا لأن هذه الأرض هي مكان انطلاق الكنيسة حيث أعلن سر الإنجيل”.
وأضاف: “لقاؤنا اليوم يذكرنا بأننا حماة جذور المسيحية العالمية، لذلك علينا تشديد شعبنا بقوة السيد المسيح. ان الكلمة الإخيرة هي للإنجيل، ومهما شهدنا من غطرسة فما من شيء أقوى من صليب يسوع المسيح. نحن نتشدد بوحدتنا، ونحن ايضا من خلال مؤسساتنا الكنسية الإجتماعية والتربوية والإستشفائية نتابع شهادتنا اينما وجدنا. أنتم شهود حق من اورشليم الى العالم كله، الرسل واجهوا صعوبات لكنهم صلوا دائمًا وقالوا: ’يا رب زدنا ايمانًا‘، ونحن على خطى الرسل نقول دائمًا يا رب زدنًا ايمانًا. بالإيمان ننتصر ونتكاتف، ولقاؤنا أكبر علامة على الوحدة التي نعيشها، نحن نعرف قيمة التنوع، وهذا جمال الكنيسة، جمال كنيستنا بوحدة الصلاة والتعاون والعمل معا والصمود في وجه كل ما يعوق شهادة الكنيسة”.
وقال: “على مستوى الشرق، كبطاركة وكرؤساء طوائف، نعيش فرح الاخوة الكبير، هناك عاطفة تجمعنا كلنا. وفي لبنان مع اخوتنا المسلمين ايضا نحن متكاتفون ونعيش الوحدة، وكلما واجهتنا الصعاب نعقد قممًا روحية لكي نسمع شعبنا وغيره لغة السلام والمحبة. وبهذه الطريقة يمكننا مواجهة العالم لأننا أقوياء يإيماننا وبصليبنا وبكنيستنا، لا نخاف، ونساعد شعبنا رغم كل الصعوبات، ولكن للأسف هناك حركة هجرة قوية مع الهزات التي تشهدها دول المنطقة، إلا أننا نخاطب شبابنا للعودة الى أرضهم، ولا اقول هذا الكلام من منطلق مسيحي فقط، انما اسلامي، فهذه البلدان غنية بثقافتها وحضارتها وتاريخها ومن حقنا الحفاظ عليها”.
وختم البطريرك الراعي كلمته قائلاً: “لقد عشنا مع المسلمين 1400 سنة ونحن في حاجة لعودة الجميع الى أرضهم، لا يمكننا اخلاء هذه الأرض لأنها مركز ثقافتنا المسيحية والإسلامية، وعلى هذه الأرض خلقنا الاعتدال، دورنا كرجال دين أكبر من اي وقت، هم يصنعون الحروب من اجل تجارة الإسلحة انما نحن نقوم بدورنا لبناء الإنسان. نحن نرفض رفضا قاطعا قرار الكنيست الإسرائيلي والقرار الذي سبقه بجعل القدس عاصمة لإسرائيل، المسيحيون والمسلمون والأسرة الدولية والشعب الفلسطيني كله يرفض ذلك. وأعتقد أن علينا عقد قمة روحية خدمة للبشرية وللإنسان، فكلنا يرفض سياسة الإقصاء، ونحن أقوياء بإيماننا وبالمسيح ربنا”.
غداء رسمي على شرف الزيارة
وأقامت وزارة السياحة والآثار حفل غداء رسمي على شرف البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي يقوم حاليًا بزيارة المملكة الأردنية الهاشمية. وقد حضر الحفل لفيف من الشخصيات الدينية والعامة.
واستهلت وزيرة السياحة والآثار لينا عنّاب كلمتها الترحبيبة باقتباس من الكتاب المقدس: ’إن لم يبنِ الرب البيت، فباطلاً يتعب البناؤون‘. وقالت: “بروح المحبة المليئة بالروحانية الصادقة، والإيمان الشفاف والمخلص لمبادىء الإنسانية، تلمسنا بوجود غبطتكم المعنى الحقيقي بأن الله محبة، وأن الله معنا، أردنيين ولبنانيين، ليس فقط في بناء بيوت المحبة والأخوة فيما بيننا، بل أيضًا في بناء جسور صداقة تستمد عمادها وقوتها من علاقة وطيدة يشهد لها التاريخ، ويؤكدها الحاضر ويتطلع إلى تعميقها المستقبل”.
وأضافت: “إن زيارتكم الكريمة للأردن اليوم تعمّق وتأصّل ما أرساه أسلافنا من روابط بين كنيستكم المارونية، وبل لبنان بأسره، والمملكة الأردنية الهاشمية بدءًا من اللقاء عام 1927 الذي جمع ملكنا المؤسس الملك عبدالله الأول طيب الله ثراه بالمرحوم البطريرك الياس بطرس الحويك، وامتدت المحبة وازدادت بين جلالة المغفور له الملك الحسين بن طلال والمرحوم البطريرك بولس بطرس المعوشي، امتدادًا إلى غبطة البطريرك مار نصرالله بطرس صفير، إلى اليوم مع غبطتكم، والذي نشهد فيه إزدياد المودّة والإكبار يومًا بعد يوم”.
وتابعت: “وقد تجّلت هذه المحبة بالأمس واليوم، في اللقاءات العديدة مع أبناء الرعية، ومع أصحاب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال والأمير غازي بن محمد، ودولة رئيس الوزراء الدكتور عمر الرزاز، اللذين أكدوا جميعًا عمق العلاقة والأواصر التي تريط بلدينا الحبيبين. ولا ننسى أبدًا الزيارة الرائعة لبلدكم الحبيب لبنان العام الماضي بدعوة كريمة من غبطتكم، والتي كانت زيارة مفعمة بالمحبة والأخوة والاحترام. وكان لي الشرف الكبير بأن أتكرم من غبطتكم بوشاح ملاك قنوبين الذي هو تذكير رائع بأن نبقى دائمًا متمسكين بالشهادة الحق وبخدمة البشرية والإنسانية”.
وقالت: “إنكم تذكرونا دائمًا بأن الأرض هي بيتنا المشترك، وفعلاً أينما كنا فنحن إخوة وأخوات، رسالتنا الأساسية هي نشر وبناء جسور الأخوة والسلام، وإن زيارتكم إلى بلدكم الأردن تتزامن مع مرحلة عصيبة تمر بها المنطقة، تستدعي أن نكون متّحدين في نشر هذه الرسالة. وهنا لا بدّ من أن أستذكر كلمات رائعة قالها قداسة البابا فرنسيس العام الماضي في خطابه إلى الكوريا الرومانية، وأكد فيها على ضرورة الحوار، حيث قال: ’إن البديل الآخر والوحيد لثقافة اللقاء هو ثقافة الصدام الفاشلة‘، وفيها أكد قداسته على ’ضرورة أن يكون هذا الحوار مبنيّ على ثلاثة توجهات أساسية: ضرورة الهوية، وشجاعة الاختلاف، وصدق النوايا. ضرورة الهوية فلأنه لا يمكن تأسيس حوار حقيقي على الغموض أو التضحية بما هو صالح من أجل إرضاء الآخر. وشجاعة الاختلاف لأنه لا ينبغي أن نعامل من هو مختلف عنا، ثقافيًا أو دينيًا، كعدو، بل أن نقبله كرفيق درب، باقتناع حقيقي بأن خير كل فرد يكمن في خير الجميع. أما صدق النوايا، فلأن الحوار كونه تعبيرًا أصيلاً للإنسان، فهو ليس استراتيجية تصبو لتحقيق غايات ثانوية، إنما مسيرة حق تستحق أن نتبناها بصبر كي تحوّل المنافسة إلى تعاون‘”.
وخلصت الوزيرة عنّاب كلمتها إلى القول: “لا بدّ من التذكير برسالة عمّان التي أطلقها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين حفظه الله، قبل سنوات، والتي جاءت لتؤكد على دعوة الإسلام إلى الوئام العالمي، والرحمة والعدالة، والرفض المطّلق للإدعاءات الباطلة للذين ينشرون الكراهية ويزرعون بذور الفرقة”، مؤكدة في الختام بأن “الأردن ولبنان هما جناحين ترتقي بهما مجتمعاتنا العربية نحو شراكة في العيش وإحترام الآخر في حريته ومعتقداته”.
من جهته، استهلّ البطريرك الماروني في بداية كلمته باقتباس من الكتاب المقدس: ’ما أجمل أن سكن الإخوة معًا‘، وقال: “هذا ما نعيشه في الأردن، وهذا ما نختبره في الأردن كما نختبره في لبنان، لوجود تقارب عميق بين المملكة الأردنية الهاشمية ولبنان. وعدا عن الصداقة والتعاون، فهنالك تقارب عاطفي وحضاري وثقافي، فعندما نآتي إلى هنا نشعر أننا بين أهلنا وكأننا في وطننا”.
وتابه البطريرك الماروني: “نصلي اليوم، كما صلينا يوم أمس في كنيسة مار شربل، من أجل الأردن، من أجل ازدهاره ونموه الدائمين، ومن أجل إشعاع هذه التعددية الثقافية في وحدة الوطن. كما نصلي اليوم من أجل هذه المنطقة العربية، ومن أجل المنطقة الشرق أوسطية، من أجل نيل الحقوق وإحلال السلام، وبخاصة في الأراضي المقدسة، لكي تستعيد شعوبها وتكمل تاريخها وتواصل حضارتها وثقافتها”.
وأضاف مخاطبًا الوزيرة عنّاب: “من نِعم الله علينا، ونِعمه تنزل علينا من السماء مع كل شمس تشرق في الصباح. من نِعمه أننا تعرّفنا إليكِ، وهذا ما زاد الصداقة بين الأردن ولبنان. أجل أقول هذا من نِعم الله، لأنكِ وثّقتي هذه الصداقة أكثر وأكثر، ولأننا شعرنا بأنكِ كما تحبين الأردن، تحبين لبنان أيضًا، ونرى فيكِ وسيلة محبة، تعطي من القلب دون حساب”. وفي الختام، قدّم البطريرك الراعي ميدالية البطريركية المارونية إلى الوزيرة عنّاب.
لقاء في وزارة السياحة
من بعدها توجه البطريرك الراعي، والوفد المرافق الذي ضم المطارنة موسى الحاج، جورج شيحان، بولس الصياح، وراعي الكنيسة المارونية في عمّان المونسنيور غازي الخوري والمحامي وليد غياض، إلى وزارة السياحة والآثار، والتقى وزيرة السياحة لينا عنّاب، بحضور الأمين العام عيسى قموه والمستشار هشام العبادي. ولفتت عناب إلى “العمل الدائم لتعزيز المواقع الدينية المسيحية في الأردن وإظهار قيمتها التاريخية”، مؤكدة أن “الوزارة تتطلع إلى إعادة إحياء الحياة الروحية في بعض هذه المواقع على غرار ما شهده جبل نيبو”.