زوعا اورغ/ متابعات
ليث سهر – روائي ومترجم من العراق
تعد الامبراطورية الاشورية الحديثة “Neo-Assyrian Empire”، 934 – 605 قبل الميلاد، واحدة من أقوى الإمبراطوريات في العالم القديم، خاصةً بعد الإصلاحات التي قام بها الإمبراطور الآشوري تغلث فلاسر الثالث، والتي أدت إلى اتساع رقعتها بشكل كبير جدًا.
يعد الدرع من الأدلة النادرة على نقل وتبادل التكنولوجيا القديمة بين الشرق والغرب خلال الألفية الأولى قبل الميلاد
ومع التطور الكبير في علم الآثار أخذت المنجزات والاكتشافات الخاصة بالفترة الآشورية الحديثة تتوالى يومًا بعد يوم في العراق وخارجه، حيث عثر علماء الآثار عام 2013، في مدينة يانغهاي “Yanghai” الواقعة بالقرب من مدينة تورفان الحديثة في شمال غرب الصين، على درع جلدي قديم يزن 4 – 5 كغم مع ملحقاته من الأربطة والبطانية، في قبر رجل في ثلاثينيات من عمره.
وتشير مقالة نشرتها مجلة “Science news” استنادًا إلى دراسات فريق آثاري من جامعة زيوريخ السويسرية، إلى أنّ تاريخ صنع هذا الدرع الجلدي يعود للفترة من 786 – 543 قبل الميلاد.
ويقول الدكتور باتريك ويرتمان من معهد الدراسات الآسيوية والشرقية في جامعة زيورخ، إنّ “درع يانغهاي يشبه (الصدرية)، إذ يغطي الجبهة والفخذ والجانبين وأسفل الظهر، ويمكن ارتداؤه بسرعة ودون مساعدة شخص آخر عن طريق لف الجزء الأيسر حول الظهر وربطه في الفخذ الأيمن وربط القطعة النازلة من الكتف مع أشرطة تمتد من الظهر إلى الأجزاء المقابلة من الورك”.
اقرأ/ي أيضًا: أكاديمية عالمية تقدم كورسًا طريفًا: تعلّم اللغة السومرية خلال ثلاثة أسابيع
ويبيّن ويرتمان، أنّ “هذا النوع من الدروع يناسب القامات المختلفة، وهو لباس دفاعي خفيف الوزن وأكثر اقتصادًا يناسب الجميع”.
ويضيف ويرتمان، “تم إنتاج هذا النوع من الدرع بشكل احترافي وبأعداد كبيرة”، مشيرًا إلى أنّ “تطوير هذا الدرع الخاص للفرسان جرى في القرن التاسع قبل الميلاد مع تزايد استخدام العربات في حروب الشرق الأوسط، لتصبح هذه الدروع فيما بعد جزءًا من المعدات الإجبارية الموحدة التي ترتديها القوات الجيش الخاص بالإمبراطورية الآشورية الجديدة التي اتسعت رقعتها من العراق لتشمل إيران وسوريا وتركيا ومصر”.
ويوضح الباحثون في فريق جامعة زيوريخ، أنّ هذه الدروع الخفيفة، والتي سميت بدروع “Yanghai”، كانت مخصصة لسلاح الفرسان. أما الدروع الثقيلة التي عثر عليها في نفس المقبرة والمسماة بدروع “MET” فهي مخصصة لصنف المحاربين المشاة.
ويعتقد الباحثون، أنّ كلا النوعين من الدروع الجلدية كان قد تم تصنيعها في الإمبراطورية الآشورية الجديدة.
وحول الفارس الذي ارتدى الدرع حيث وجد في قبره، فإن المسألة تخضع للتكهنات بين احتمال أن يكون أحد الجنود الأجانب الملتحقين بالخدمة الإمبراطورية الآشورية ثم عاد إلى المنزل بعد نهاية خدمته، أو أنّه استولى على الدرع من شخص آخر كان هناك.
ويقول الفريق الآثاري السويسري، إنّ “الدرع من الأدلة النادرة على نقل وتبادل التكنولوجيا القديمة بين الغرب والشرق خلال الألفية الأولى قبل الميلاد، في وقت تسارعت فيها التحولات الاجتماعية والاقتصادية”.