زوعا اورغ/ وكالات
اعتبر محللون أن عودة القائد المُبعَد لقوات مكافحة الإرهاب في العراق الفريق أول عبد الوهاب الساعدي هي بمثابة “قيمة رمزية” ورد اعتبار للعسكري البارز، وتوقعوا أن يقوم بإعادة تنظيم الجهاز للتخلص من المناصب التي تتولاها ميليشيات موالية لإيران.
وأصدر رئيس الوزراء العراق مصطفى الكاظمي قرارا السبت بإعادة الساعدي إلى الجهاز ليتولى رئاسته، بعد أن أبعده رئيس الحكومة السابق عادل عبد المهدي في أكتوبر 2019، ونقله للعمل في وزارة الدفاع العراقية.
وكتبت رئاسة الوزراء العراقية على تويتر السبت: “قررنا إعادة الأخ البطل”:
رئيس مجلس الوزراء @MAKadhimi : قررنا إعادة الأخ البطل الفريق أول الركن عبد الوهاب الساعدي وترقيته رئيسا لجهاز مكافحة الارهاب. pic.twitter.com/DKZlnzG1uH
— المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء 🇮🇶 (@IraqiPMO) May 9, 2020
واعتبر المحلل السياسي العراق هشام الهامشي في تصريح لموقع الحرة أن عودة الساعدي “تأتي في إطار سلسلة من المراجعات لقرارات اتخذت بحقه وغيره من الضباط العراقيين”.
الكاتب العراقي سرمد الطائي قال في حوار مع موقع الحرة إن المواقف السابقة للكاظمي تتماشى مع اتخاذه هذا القرار “فالرجل صاحب مواقف معتدلة واعتبر وسيطا بين الفرقاء لفترة طويلة”، كما أن لديه “الإرادة والطموح ويؤمن بأن العراق دولة كبيرة لا يمكن ابتلاعها”.
واحتفى عديدون بالقرار على مواقع التواصل الاجتماعي التي كانت قد انتفضت من قبل على وقع قرار إبعاد “قائد شجاع” بقرار “تعسفي”:
عودة "القائد الشجاع" #عبد_الوهاب_الساعدي ليكون رئيساً لجهاز مكافحة الارهاب بعد ان تم ابعاده بشكلٍ جائر وتعسفي.
أولى القرارات الصحيحة التي يتخذها #الكاظمي ، قرارٌ أجزم أنه سيلاقي أصداء واسعة من غالبية الشعب العراقي بعودة أحد الابطال الذين دحروا أوكار الارهابيين. #العراق #بغداد pic.twitter.com/0d2eGKZFMc
— علي نوري (@Ali_nori2000) May 9, 2020
دارت الدنيا عليك يا نذل
الساعدي صعد وبرتبة أعلى ، وأنت نزلت الى أسفل السافلين .((ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ))
الله يساعد كلوبكم الذيول اليوم شلون راح تنامون #عبدالوهاب_يستاهل_يرجع pic.twitter.com/qMfhYYXG8e— 🇮🇶Ali_alkhafaji🇮🇶 (@ali_alkhafaf) May 9, 2020
عودة الأسد الى العرين
اعادة الفريق ركن عبدالوهاب الساعدي الى جهاز مكافحة الإرهاب وترقيته لرئاسة الجهاز ..
ضباط الدمج نأسف على هذا الخبر الجارح pic.twitter.com/rs2l9ySy1t— waleed khalid (@waleed_khalid85) May 9, 2020
وتمثل عودة الساعدي رد اعتبار لرجل صاحب خبرة عسكرية طويلة قاد المعارك واستطاع إقامة علاقات قوية مع المجتمعات المحلية، بحسب الكاتب العراقي.
فللساعدي صولات وجولات على الجبهات خلال عمليات القضاء على تنظيم داعش، وقاد عمليات تحرير بيجي وتكريت في عام 2015، ثم معارك الفلوجة في العام 2016، حين سطع نجمه.
ومطلع العام 2017، تم تعيينه قائدا لعمليات تحرير مدينة الموصل من تنظيم داعش الإرهابي، ويصف كثيرون الساعدي بأنه “أيقونة النصر”.
ونجا من محاولات اغتيال عدة، بسيارات مفخخة أو عبر عمليات قنص منفردة، وذلك أثناء قيادته للمعارك ضد التنظيم.
ضغوط إيرانية
كانت تقارير سابقة قد تحدثت عن ممارسة فصائل في الحشد الشعبي الموالية لإيران “ضغوطا” لتنحية الساعدي، ودار حديث حول عملية “تطهير” لمسؤولي الأمن الذين يعتبرون مقربين من واشنطن.
الطائي أشار في حديثه إلى “ضغط إيراني” على الحكومة العراقية لاتخاذ هذا القرار، وزاد عليه حديث عبد المهدي عن تردد ضباط عراقيين على سفارات وهو ما “كان انتهاكا لشرفهم العسكري والوطني”.
غضب شعبي
قرار إزاحة الساعدي لقي امتعاضا شديدا على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشر مؤيدوه مئات الصور والفيديوهات خلال عمليات التحرير وركزوا على الجانب الإنساني للقائد العسكري وتواصله مع الأطفال والشيوخ خلال المعارك.
ورفع المتظاهرون في اليوم الأول من تظاهرات ساحة التحرير في أكتوبر الماضي صورا له للاحتجاج على اتخاذ مثل هذه القرارات، بحسب الكاتب العراقي.
وكان مسؤولون عراقيون سابقون وحاليون كبار، ومن بينهم وزير الدفاع العراقي الأسبق خالد العبيدي، انتقدوا الطريقة التي تم فيها “إقصاء قائد ميداني شجاع ومهني تشهد له ساحات المعارك في مقاتلة الإرهابيين”.
الطائي قال إن أحد أسباب اندلاع تظاهرات أكتوبر هو مجموعة القرارات التي أقصت ضباط مهمين من قيادة القوات النخبة في الجيش العراقي وعلى رأسهم الساعدي.
قائد صاحب شعبية
ويقول الكاتب العراقي إن الساعدي عرف ليس فقط بصفته رأس حربة في معركة الموصل التي تعتبر من أكثر الحروب الصعبة في تاريخ العراق، ولكن لأنه أيضا “دشن معركة تصحيح للعلاقة بين المؤسسة العسكرية والمجتمع المحلي والعلاقة بين النظام والجمهور”.
ويضيف أنه قدم “لحظة مصالحة بين الناس حين عرض طريقته المنضبطة المراعية لحقوق الإنسان وتعامله بدماثة أخلاق مع العراقيين”.
وينقل عن الساعدي إنه قال خلال معركة الموصل إن “رأس ماله في العمل هو الشراكة مع المجتمع، وإن 70 في المئة عملياته ارتكزت على التعاون مع الناس”.
ويرى أن الرجل الذي كان ينتقد داعش والميليشيات أظهر مواقف صلبة جعلت الموالين لإيران يعتبرونه تحديا، لأنه يمثل “استعادة هيبة الدولة على حساب تنمر الميليشيات المسلحة الموالية لها”.
موقف الكاظمي
ويعتبر البعض أن الخطوة التي اتخذها الكاظمي تحسب له وتعكس رؤيته للعراق في الفترة المقبلة، لكن الكاتب العراقي يؤكد أنها تضعه أمام “مسؤولية” يحاسب عليها إن اتضح أنها كانت مجرد قرارات شكلية.
بعض المتابعين على مواقع التواصل الاجتماعي أيضا أشادوا بالخطوة التي ترافقت مع قرار آخر يتعلق بإطلاق سراح جميع المعتقلين:
https://twitter.com/amer_alkubaisi/status/1259220311175761921?ref_src=twsrc%5Etfw%7Ctwcamp%5Etweetembed%7Ctwterm%5E1259220311175761921%7Ctwgr%5E&ref_url=https%3A%2F%2Fwww.alhurra.com%2Firaq%2F2020%2F05%2F10%2FD8AAD8B9D986D98A-D984D984D8B9D8B1D8A7D982-D8B9D988D8AFD8A9-D8A7D984D8B3D8A7D8B9D8AFD98A-D984D985D986D8B5D8A8D987-D988D984D985D8A7D8B0D8A7-D8A7D8AAD8AED8B0-D8A7D984D983D8A7D8B8D985D98A-D987D8B0D987-D8A7D984D8AED8B7D988D8A9D89F
الكاتب العراقي لفت إلى أن القرار ارتبط بتشكيل لجنة تقصي حقائق جديدة لمعرفة الجهة المسؤولة عن قتل المتظاهرين، وهذا القرار لقى صدى واسعا باعتباره خطوة مهمة “لصالح استعادة الدولة من الميليشيات التي سيطرت على مفاصل الدولة”.
ويذكر الكاتب أن الناشطين خلال “الأوقات الصعبة التي مروا بها خلال معركتهم ضد الميليشيات كانوا يتلقون دعما من عدد قليل من أجهزة الدولة، منها جهاز الاستخبارات بقيادة الكاظمي”.
ويرى أن “الكاظمي ليس عقائديا بل هو رجل براغماتي تراكمت خبراته ويدرك أن العراق مكان للتنوع ونزع التوتر وأنه حين كان يظهر أشخاص متشددون في العراق كان يفقد مكانته الجغرافية والسياسية والتجارية”.
ويؤكد أن “الرهان عليه في المرحلة المقبلة ليس مديحا له لكن يضعه أمام مسؤولية”.
“مرحلة جديدة”
ويتوقع المحلل السياسي العراقي هشام الهامشي أن يقوم الساعدي بإعادة ترتيب جهاز مكافحة الإرهاب “وفقا للرؤية الوطنية”، وإبعاد ميليشيات إيران وحزب الله عن المناصب التي استحوذت عليها.
الهاشمي كتب على تويتر أن “الحلول الوطنية تحتاج الوضوح والبساطة” وعبر عن أمله في “إنصاف دماء شهداء وجرحى وسجناء الاحتجاجات” التي وقعت في أكتوبر الماضي.
الطائي أيضا توقع أن يبدأ الساعدي الذي وصفه بأنه يمثل “مدرسة عراقية جديدة” عملية لإنهاء “فوضى السلاح لداعش والميليشيات من أجل استعادة الدولة”.