زوعا اورغ/ وكالات
تفق المشاركون في المؤتمر الدولي الثاني للدراسات الآرامية والسريانية في مصر علي التواصل مع المؤسسات التعليمية والبحثية الأوروبية والأمريكية والآسيوية من أجل الحصول علي الأجهزة العلمية ومختبرات وتقنيات قراءة المخطوطات القديمة في صورة منح وهدايا للمؤسسات التعليمية المصرية والعربية، وتشجيع المشروعات العلمية والثقافية بين المؤسسات التعليمية والثقافية العربية لدراسة وترجمة التراث السُرياني وعلاقته بفهم التراث العرابي، مع التأكيد علي التواصل مع دور المخطوطات وأمانة الأديرة والكنائس السوريانية في الدول العربية من أجل تحقيق ونشر المخطوطات السريانية.
طالب المشاركون بالتواصل مع وزارة الثقافة العراقية للعمل علي إحياء دور المجمع العلمي العراقي وهيئته السريانية، وكذلك التواصل مع وزارات التعليم العالي العراقية والسورية واللبنانية لفتح أقسام علمية جديدة لتدريس اللغة السريانية وآدابها، وتقدم الاستشارات الفنية والعلمية اللازمة لها لتحقيق هذا الغرض.
وكان المؤتمر قد بدأ أعماله برئاسة الدكتور جلال السعيد الحفناوي، ومشاركة أربعة وأربعين باحثا من مصر ودول العالم، استعرضوا فيه أوراقا علمية تحمل في طياتها قضايا خاصة باللغة السريانية وآدابها.
عن اللغة السريانية الآرامية في اللغات السامية.. كانت مشاركة المطران جورج صليبا (مطران جبل لبنان)، أكد فيها أن اصطلاح اللغات السامية برز في العصور الوسطي بتصنيف اللغات القديمة، وما تفرع عنها من لغات ولهجات، استعملتها شعوب العالم القديم، وتداولتها وتبادلتها في مختلف القارات ولاسيما قارات وحضارات الشرقين الأدني والأوسط، وصارت سمة تميز سكان هذه البلاد وتصنف وتحصر هذه اللغات باللغة الآرامية – لغة الإنسان الأول في الشرق الأدني القديم، حيث تكلمها بلهجتين رئيسيتين نسميها الشرقية والغربية، فشرق الفرات يتكلم المواطنون هناك اللهجة الشرقية التي تميز بالفتحة، واللهجة الغربية وهي مقياس لغة الشعوب غربي الفرات وتستعمل الضمة، وهي أكدية، وكانت لغة بابل، وهي لغة ولهجة رصينة تتفاعل مع اللهجات الأخري، وكان مركز هاتين اللهجتين الرها عاصمة سوريا القديمة، وحرّان العاصمة للهجة الشرقية، وظهرت اللغة العبرية، وهي لغة آرامية صرفة – استعملها اليهود في كتب التوراة والتلمود واللغة العربية التي تأخر ظهورها. حيث ظهر أقدم أثر باللغة العربية في جزيرة العرب عام 328م، وكذلك ظهرت اللغة الحبشية في افريقيا بلهجات متعددة وهي الحبشية والأمهرية، وقد تأثرت اللغة العبرية كثيرا بأمها اللغة الآرامية لاسيما في السبي البابلي عندما سبا الملك نبوخذ نصر الآشوري اليهود من فلسطين إلي بابل، وهناك خلال سبعين سنة من هجرتهم وجلائهم إلي بلاد بعيدة نسوا اللغة العبرية. وكان كهنتهم ومعلموهم يترجمون التوراة والتلمود من الآرمية الحقيقية إلي اللهجة العبرية، وكان الكاتبان نحميا وعزرا يشرحان كتب العهد القديم لهؤلاء اليهود، لصعوبة استعمالهم لهجتهم العبرية، مؤكدا أن اللغة الآرامية أثرت في اللغة العبرية التي نقلت قواعد الآرامية والسريانية إلي اللغة العربية وصارت الآرامية لغة العالم المتمدن لمدة خمس عشر قرنا، اعتبارا من القرن السادس قبل الميلاد إلي السابع بعد الميلاد.
واختص د.طالب عبدالجبار- العراق، المؤتمر ببحث عن اللغة الآرامية بين القدسية والدنيوية في الأدب اليهودي، أوضح فيها أن الأدب اليهودي يعكس وجهات نظر متنوعة في موضوع قدسية اللغة الآرامية من عدمها، وهي تتلخص بنظرة مزدوجة بين القدسية والدنيوية علي الرغم من رأي بعض الباحثين والمفسرين في قدسيتها ، وأسبقية استخدام سيدنا إبراهيم لها لغة للوحي وما العبرية إلا لغة كنعانية اكتسبها هو وأحفاده في أرض كنعان واكتسبت بمرور الوقت القدسية لاحقا، لأنها اللغة التي دونت بها التوراة فيما بعد، إضافة إلي الآرامية التي دونت بها الكتب التي لا تقل قدسية عن التوراة، مثل المشنا، والتلمود، والكتب الصوفية، والأدعية، وبقيت متلازمة مع العبرية في التعليم اليهودي الديني.
واستعرضت د.زمزم سعد هلال أشكال التعبير في التراث الشعبي عند العرب والسريان، الأمثال الشعبية أنموذجا، فأوضحت أن التراث الشعبي يمثل الجذور التاريخية لنشأة ثقافة الشعب ووعيه ومداركه، فالإنسان في كل زمان ومكان، هو إرث لما قدمه أسلافه من معارف وخبرة، ويشمل التراث الشعبي الحكايات والأمثال والعادات والتقاليد، والأمثال الشعبية نمط أدبي شاع استخدامها بين الشعوب وقد تداولها الناس لحاجتهم إليها في الكلام اليومي، وهي خبرات الجماعة وتجارب الشعوب. ولكل شعب أمثاله، وقد تتلاقي هذه الأمثال مع أمثال شعوب أخري من حيث القيم الأخلاقية والفكرية، ولكنها تختلف في طريقة لغتها وصياغتها.
كما استعرض د.سامر إلياس (العراق) تجربة التعليم السرياني للمدارس الابتدائية في العراق، لافتا إلي أن تجربة التعليم السرياني في المدارس الابتدائية في العراق بعد تجسيدها علي أرض الواقع بعد عام 2003م، تبقي مرهونة بالكثير من الطموحات التي مازالت تحيط بها، خاصة أنها قامت بمواجهة أشكال النزوح والتهجير – لاسيما في مدينة الموصل – التي قللت من التواجد المسيحي في المدينة. وقد مرت تجربة التعليم السرياني عبر عقد من الزمن بالكثير من المحطات التي تباينت صفاتها بين السلبي الإيجابي، ومن وحي هذه التجربة لابد من أفكار وطموحات من أجل تدعيم تلك التجربة، وترسيخها بعيدا عن الكثير من الثغرات في ظل وجود معوقات ترتبط بالجهل.
واختص د.عبادة فوزي السمان المؤتمر بتحليل سيميائي لقصة (حبة الرمان) لعادل دنو في البداية عرف السيميائية أو السيمولوجيا، بأنها علم العلامات أو الإشارات أي علم دراسة حياة العلامات داخل الحياة الاجتماعية، وأن كل كلمة في علم السيمياء تعد دليلا لسانيا، واهتم الباحثون في مجال السيميائيات بالنص السردي، حيث يقوم الباحث علي تناول المعني النصي من خلال زاويتين، السطحية والعميقة، في السطحية يتم الاعتماد علي المكون السردي في تنظيم تتابع حالات الشخصيات وتحولاتها والمكون الخطابي الذي يتحكم في تسلسل الصور وإثارة المعني، والزاوية العميقة، ترصد شبكات العلاقات في تنظيم قيم المعني حسب العلاقات التي تقيمها، ومن هنا كان اختيار المجموعة القصصية – بالسريانية للكاتب (عادل دنو) بعنوان (حب الرمان) وهو مطبوعة بوزارة الثقافة أربيل 2010م.
وهذه المجموعة تقع في أربع وتسعين صفحة، يتناول فيها الكاتب ست قصص هي (بقوة صلواتك – الحي القديم – الأحد الدامي – دخان إلي السماء – ترنيمة الطفولة – حبة الرمان)، يجسد فيها الكاتب ذكرياته القديمة ويذهب بخياله بعيدا إلي مشاهد ومواقف حدثت في قريته التي يشعر نحوها بالشوق والحنين واضطر أن يبعد عنها قسرا نتيجة التهجير واستخدم التحليل السيميائي ليساعد القاريء للوصول إلي الدلالات الخفية في النص.
وتناول د.بطرس هرمز (أربيل) القصة المعاصرة المدونة بالسريانية وأوضح في بحثه أن الشعر يحتل المرتبة الرئيسية، وقد وصلنا إلي هذه النتيجة في مسألة تعدد استخدامه من قبل كنائسنا المشرقية، وذلك عن طريق الميامر والأناشيد الكنسية، أما الآداب الأخري كالقصة والمقاومة، فبالكاد نعثر عليها ضمن آدابنا المكتوبة بهذه اللغة، وسرد د.بطرس مجموعة من هذه القصص منها: قصص ميشائيل لعازر (ينابيع الخصام)، (دموع القلم) لكوركيس أغاسي، (ضوء وظلال) لزيا نمرود كانون، (نهاية الأحلام) لجورج عيسي كيوركيس، (خبر السواتر) ليونان هوزايا، (من ذكريات المبعدين) يوئيل إبراهيم بابا، ترجمتها للعربية سوزان يوسف القصراني، (قصص من قارئين) بنيامين بنيامين (استراليا)، تضمنت سبع قصص قصيرة وقصة طويلة، كتب المؤلف في مقدمته أن القصص ليست لمتعة القاريء فقط، بل دفعا للوصول إلي فهم أكثر وعيا لبعض المسئوليات والحقوق.
وعن صحافة الأطفال في مدارسنا السريانية (مجلة آفاق الأطفال نموذجا) تحدث د.نادر موسي (العراق) قائلا: إنه بعد المباشرة بالتعليم السرياني في محافظات أربيل ودهوك بالعراق اعتبارا من 1992، وبعد أن بلغت المدارس المشمولة بهذه الدراسة أكثر من ثلاثين مدرسة بين مركز المحافظة – والأقضية والنواحي والقري، كان لابد أن ترافق هذه العملية مجموعة نشاطات وإصدارات باللغة السريانية، يساهم فيها التلاميذ بهدف تطوير قابلياتهم وثقافتهم، لذا كانت محاولة عدد من المؤسسات ومنظمات المجتمع المدني المهتمة بالتربية في إصدار بعض الكتب القصصية باللغة السريانية لإغناء مكتبة الطفل، وكذلك صدور أكثر من مجلة للأطفال بين فصلية وشهرية، إلا أن المديرية العامة للتعليم السرياني في وزارة التربية بإقليم كردستان، باشرت بإصدار ملحق باللغة السريانية ضمن مجلة الأطفال الصادرة باللغة الكردية، خلال عامي 2004، 2005، وفي عام 2006، أصدرت مجلة فصلية مستقلة باللغة السريانية من أربيل باسم مجلة (آفاق الأطفال) بإشراف نخبة من الاختصاصيين، وكانت بمساهمات الأطفال وأقلامهم متضمنة معلومات علمية وثقافية وتربوية.