زوعا اورغ/ وكالات
يحيي العراقيون اليوم الاحد، الذكرى الثامنة والتسعين لتأسيس الجيش العراقي، في ظل التفاف شعبي كبير حوله، بعدما نجح في تحدي القضاء على تنظيم “داعش”، الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد بعد العام 2014، ليتخطى مرحلة صعبة بدأت تحديداً منذ قرار حله بعد الاحتلال الأميركي للبلاد عام 2003. على الرغم من ذلك، لا يزال هذا الجيش يواجه تحديات جمّة.
دخل العراق مرحلة الاحتلال البريطاني في مارس/ آذار 1917 بقيادة الجنرال جيمي مود الذي زعم أن قواته “جاءت لتحرير العراق وليس لاحتلاله”. ولم تتأخر “ثورة العشرين”، ليضطر البريطانيون لتشكيل حكومة مؤقتة يحكمها الملك فيصل بن الحسين عام 1921، وفي العام ذاته، بادر ضباط عراقيون كانوا يخدمون في الجيش العثماني بتأسيس أول جيش وطني يتولى مهمة الدفاع عن استقلال وسيادة العراق من العدوان الخارجي، ليشهد ولادة أول فوج عسكري تحت مسمى “موسى الكاظم”.
وظل ينمو مع مؤسسات الدولة، حتى تمكن أخيراً من تكوين قوة قادرة على المواجهة والدفاع، وبدور أساسي أسهمت تشكيلاته، في 14 يوليو/تموز 1958، بالإطاحة بالحكم الملكي في العراق.
وبواسطة الجيش نفسه في 8 فبراير/شباط 1963 انتهى حكم الرئيس السابق عبد الكريم قاسم، وفي 17 يوليو/تموز 1968 ساعد في وصول حزب “البعث” إلى السلطة.
كان الجيش العراقي الأول بين الجيوش العربية عام 1990 لجهة عديده، بعد أن بلغ تعداده المليون جندي. خاض أولى حروبه في العصر الحديث ضد سلطات الانتداب البريطاني سنة 1941، وتبع ذلك عدة حروب وانقلابات عسكرية، وشارك في الحروب العربية ضد الاحتلال الإسرائيلي، في سوريا والأردن وكذلك سيناء المصرية، وبعد ذلك، حربه مع إيران (1980-1988)، ثم حرب الخليج الأولى (1990-1991).
بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، تلقى الجيش ضربة قاسية، عندما أصدر الحاكم المدني حينذاك بول بريمر قراراً بحل الجيش. فبعد إعلان الولايات المتحدة انتهاء العمليات العسكرية في العراق، مطلع مايو/أيار 2003، توجّهت الإدارة الأميركية إلى حل وزارة الدفاع العراقية وأجهزة الأمن والمخابرات وأجهزة الشرطة باعتبارها كانت تمثّل مفهوم “السلطة القمعية” في زمن النظام السابق، مع الاعتراف بضرورة وجود قوة عراقية بعد شيوع الفوضى والحرب الطائفية والسلب والنهب. وتأسس حينها جيش ، ودخل مرحلة جديدة من المعارك الداخلية ضد تنظيم “القاعدة”، ومن ثم تنظيم “داعش” بعد العام 2014. أما اليوم، فيملك الجيش العراقي عشر قيادات للعمليات العسكرية، هي قيادة عمليات بغداد والبصرة والرافدين وصلاح الدين وسامراء ونينوى والأنبار والفرات الأوسط ودجلة وكركوك.
ويقول العميد الركن المتقاعد خالد الراوي، إن “المؤسسة العسكرية العراقية تعد واحدة من أعرق المؤسسات في المنطقة، كما أن كلية الأركان العراقية هي الأصعب والأكفأ والأكثر مهنية في تخريج القيادات العسكرية”.
من جهته، يشير عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية عباس الزاملي، في إلى إن “أفضل ما قدّمه الجيش هو في السنوات الأربع الأخيرة بمحاربة الإرهاب، بعدما كان هناك تراجع على مستوى الأداء في وزارة الدفاع والداخلية، وكل قوى الأمن الداخلي”، مؤكداً أنّ “القوات الأمنية ورئاسة أركان الجيش وقيادة القوات البرية وطيران الجيش وكل القادة والمقاتلين حققوا ما لم تحققه دول من انتصار على داعش الإرهابي، وتحرير الأراضي العراقية”.
ويلفت العميد يحيى رسول، من قيادة العمليات المشتركة التابعة لوزارة الدفاع، إلى أن “عام 2018 كان عام التدريب لقواتنا بعد الحرب على تنظيم داعش، وهذا التدريب تم وفق أسس علمية، سواء على صعيد المؤسسات العسكرية أو التدريبية أو حتى القيادات والوحدات والتشكيلات”، موضحاً أن “الجيش العراقي اكتسب خلال المرحلة الماضية مهارات كثيرة وكبيرة، لا سيما بما يتعلق بأساليب حرب العصابات والقتال في المناطق المبنية والصحراوية، ومنازلة أي قوة خارجية، وأدت هذه المهارات إلى انبهار العالم بالقدرة على دحر أخطر تنظيم مسلح عرفه التاريخ”. ويتوقع أن تكون السنة الحالية “مثمرة وايجابية بما يخص استكمال بناء قدرات القوى البرية والجوية”.
وكشف تقرير جديد لمنظمة ‘غلوبال فاير باور’ الأميركية لتصنيف قدرات الجيوش حول العالم، عن تقدم الجيش العراقي في تصنيف أقوى الجيوش، ليحتل المركز الـ 47 عالميا بعد أن كان في المرتبة الـ 59 العام 2017، والمرتبة الرابعة عربيا بعد أن كان في المرتبة السادسة.
والحرب التي قامت بها القوات العراقية طيلة السنوات الماضية شكلت انعطافة كبيرة على المستوى الأمني والعسكري العراقي، وهذا سوف ينعكس على الجهد الدبلوماسي ومدى تسويقه للانتصار من قبل الحكومة العراقية، فالجيش العراقي يستحق أن يتقدم، وهذا التقدم سوف تكون له انعكاسات أمنية وسياسية واقتصادية، فالجيش العراقي كان المدافع الأول بالنيابة عن العالم في حربه ضد الإرهاب، علما إن حرب الشوارع التي خاضها الجيش العراقي، والتي تشكل صعوبة كبيرة لباقي الجيوش، استطاع فيها الجيش العراقي أن يهزم اقوى جماعات إرهابية التي تختلف في قتالها عن الجيوش النظامية، وبذلك يعد الجيش العراقي القوات النظامية الأولى التي تنتصر على هذه المجاميع.