زوعا اورغ/ وكالات
ضمن البرنامج الثقافي لمعرض أربيل الدولي للكتاب عُقدت جلسة حوارية بعنوان (الدولة المدنية الديمقراطية وجدل الهوية) حيث تم تناول محاور “تلازم الهوية والمواطنة” التنوع في إطار الوحدة، التعددية السياسية ودور الديمقراطية في تأصيل الهوية. قدّم الجلسة وأدارها د. فارس كمال نظمي الذي أشار في مستهلها الى دور الحوار في بلورة فكرة الدولة المدنية والهوية والمواطنة وحقوق كل فرد وأيضا حقوق المكونات التي تحمى بقوانين دستورية. شارك في الجلسة الشيخ أنس العيساوي إمام وخطيب الحضرة القادرية، السيد زيد بحر العلوم مدير دار العلم للإمام الخوئي، المطران نجيب الدومنيكي رئيس أساقفة الموصل الكلدان الذي بيّن في حديثه : في الدولة المدنية لا نتكلم عن أقليات وإنما عن مكونات ، فالمكون حتى لو كان 5 أشخاص أو 10 أشخاص في الدولة المدنية له المكانة الحقيقية .
بعد فترة داعش نتمنى أن نرى العراق بشكل آخر أكثر تماسكا وتعايشا، مضيفا: إقليم كردستان فتح الابواب وفتح المجال من اجل العيش بحرية والتعبير عن الرأي . موضحا: ان المسيحية تضررت كثيراً في هذه الفترة وكما تعرفون إن معظم المكتبات التي كانت في الموصل أُحرقت مع العلم نصف هذه الكتب كانت إسلامية وإيزيدية وايضا صابئة مندائية وكتب تاريخية عن وادي الرافدين وحضارته.
واسترسل المطران : قبل أن يدخل داعش الى سهل نينوى استطعنا أن نخرج آلاف الكتب وهي محميّة حالياً، منوها الى ان سبب العنف هو نابع من الجهل وإن أردنا محاربة الجهل يجب ان نحاربه من خلال التنشأة والثقافة . متابعا: فلا يجوز أن نضع حدوداً بين الاديان ، فالله يعلم ما في الصدور لذلك اليوم المواطنة هو شيء إيجابي جداً وحقيقة إنه في معظم بلدان العالم لم نرَ أن الدين الرسمي للدولة هو البوذية ولا يكتب على الهوية مسلم مسيحي صابئي .هذه الامور تحدد وتحجم المواطنة .
فيما بيّن الشيخ زيد بحر العلوم : ان المرجعية أرادت من المواطن ان يقوم باختيار الخارطة التي تقود البلد وجعلت الامر بيد الناخب من الانتخابات التي اعقبت الاولى من الثانية والثالثة ولا سيما الاخيرة كان الامر واضحاً جدا بأن الامر عائد للناخب العراقي حصراً ولا يوجد احد يحدد اختياره . متابعا: ان استغلال السياسيين للدين ،الخلل ليس بالدين وإنما بالاستغلال السيّئ لبعض المفاهيم وإن أردنا ان نحكم على دين معين لابد لنا من مراجعة أصول الدين سواء كان الدين الاسلامي او المسيحي او الديانات الاخرى .
وأضاف بحر العلوم: لا يوجد دين اليوم يقول عليك أن تقتل فلاناً أو تقمع فلاناً أوتسلب فلان دمه وتعتدي على حرمته. متابعاً: القرآن جاء لبني البشر يخاطب بني آدم حيث قال يا بني آدم ولم يقل يا أيها المسلمون والآية التي تدل على كرامة الإنسان تقول إنّا كرّمنا بني آدم ولم تقل إنا كرمنا المسلمين او المؤمنين وإنما الكرامة للإنسان بغض النظر عن دينه لونه أو قوميته.
وأشار بحر العلوم: هناك الكثير من مواقف أمير المؤمنين علي ابن أبي طالب عليه السلام ما يصب في هذا مجال بدعم الدولة المدنية دعم للتنوع واحترام الآخر. منوها: لم يذكر في التاريخ ان هناك من أتباع آل البيت خربوا معبداً أو خربوا كنيسة أو قتلوا شخصا مسيحياً لانه لم يعتنق الدين الإسلامي او الخ وبالتالي فإن هذه الدعوة دعوة الحكومة المدنية في العراق انفرد بها النجف الاشرف والمرجعية الدينة التي ترى أنّ هذا هو الحل في العراق.
أما الشيخ أنس العيساوي فقد ذكر : قبل أن أبدأ كلامي أحب أن اشكر القائمين على هذه الندوة الكريمة وعلى هذا الكرنفال الجميل وأحب أن أوجه شكري لكردستان حكومة وشعباً على ما قاموا به من حفاوة استقال وضيافة. مضيفاً: لفت نظري موضوع الندوة التنوع في إدارة الوحدة هذا موضوع حيوي وجميل ،لذلك نحن في العالم العربي والإسلامي لدينا مشكلة وهي الفهم الخاطئ، لذلك أريد أن أركز في هذه الندوة على ثلاثة محاور، وهذه المحاور أسيء فهمها واصبحت تنتج منتجاً عكسياً وسلبياً إن صح التعبير.
وأضاف العيساوي: الاول هل التنوع هو منحة ام محنة ، والثاني منظور الاسلام الى التعددية وهذه اشكالية فهم كبيرة عندنا في المذاهب وربما عن غير المسلمين والثالث التنوع والتعدد والتعايش السلمي مع الاخر لا يعني الانصهار مع الاخر، موضحا الزمت نفسي برؤس نقاط حتى لا اخرج عن الموضوع.
واسترسل العيساوي: المحور الأول هو نعمة إذا تحرر الإنسان من الضغوط الخارجية ومن المكنون الذي توارثناه . متابعاً: هناك أزمة ثقة بين المكونات وهذا الشيء لا ينكره أحد ، بمعنى أنا أخاف من الآخر، أنا لا أتقرّب من الآخر. لافتاً: في المحافظات السنيّة هناك من يقول أنا لا أذهب الى النجف أخاف أن أُقتل وكذلك الذي في النجف وكربلاء يقول أنا لا أستطيع أن أذهب الى الانبار وديالي، لذلك تحررنا من هذه العقلية وتعرّفنا على الآخر .
وأضاف العيساوي: شيء جميل ان يجتمع مسلم سنّي وشيعي ومسيحي وصابئي في جلسة حوار. قال القرآن الكريم يا أيها الذين آمنوا إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا. فالتعارف أساس كل شيء والإنسان عدو ما جهل . مبينا: التعدد يكون محنة إذا استعملناه استعمالاً سلبياً بمعنى ان نكون راضخين لضغوط وفكر ملأت قلوبنا وعقولنا والنتيجة هي ما حدث في العراق وبقية الدول .أما التنوع فهو مصدر الثقافة ومصدر رقي للمجتمع إذا استغل بشكل صحيح، مستدركاً: لكن بسبب هذه الافكار التي ورثناها وبسبب تقيد عقل الإنسان أدى الى ما وصلنا إليه اليوم .
وأشار العيساوي : المحور الثاني هو منظور الشرع للتعدد في الاسلام ، إذ تبلغ التعددية مكانة السنة الكونية والقانون الإلهي الذي لا تبديل له ولا تحويل ، فهي ليست مجرد حق من حقوق الإنسان ، ولذلك يقول رب العزة ولو شاء لجعل الناس أُمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربي وهذا موجود في جميع المخلوقات لكن لا يصل الى التفكك . متابعاً: الله قادر على أن يجعل الناس ملة واحدة ومذهب واحد وإذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ، مستدركا: لكن هذه الآية تدل على أن الله يجعل ديمومية في هذه الارض ايضا .هذا الاختلاف نراه بين الأب وابنه والإخوة بل وحتى التوأم ، ولو أراد الله أن يجعل الناس أمة واحدة لفعل وللحفاظ على هذا التنوع أعطى الله حرية للإنسان في التفكير والاختيار ولا إكراه في الدين.
وبشأن المحور المحور الثالث من حديثه بيّن العيساوي: عندما نتكلم عن التنوع بين أفراد الشعب العراقي أنا لا أريد أن أصهر عقيدتي وشخصيتي في الآخر فإذا انصهرت معناه انه لا توجد تعددية وهذا ما يريده البعض ، نبقى سنّة وشيعة ومسيحيين متعايشين.
وبشأن سؤال مدير الجلسة ما هي رؤيتكم لما يتعرض إليه المسيحيون اليوم في العراق وفي سهل نينوى ؟ بيّن القس نجيب الدومنيكي: العنف يأتي من الجهل وإن كنا اليوم أدياناً مع بعضنا يجب ان نتكاتف لهدف إنقاذ الإنسان وللإنسان الاولوية ويجب على الجميع مساعدته لتخليصه . مضيفا: ما فعله داعش هو مضرة للجميع بداية ما فعله بالإخوة الإيزيديين مهما كانوا وكان فكرهم لماذا قتلو ان لم يكن هناك منهج تكفيري ؟ متابعا: في أحد البلدان طبع منهج دراسي لطلاب الصف الثاني متوسط يقول : يجب على المرتدّ أن يُقتل وهنيئاً لمن يستطيع أن يقتله.
وأشار الدومنيكي: هناك مناصب كثيرة لا تعطى للمسيحية ويفضل عليه هذا وذاك. منوها: اليوم الإنسان يجب ان يأخذ قيمته الإنسانية فإننا إن لم نكن إخوة في الدين فنحن إخوة في البشرية وهذا شيء أساس. لافتا: الى أن الهجرة نزيف للعراق وليس للكنيسة . مؤكدا: المواطنيّة يجب أن تبرز قبل الديانة ولا يمكن أن نقول هذا الدين أفضل من هذا الدين إلا بثماره.
أما الشيخ زيد بحر العلوم فقد بيّن في إجابته عن سؤال هل يمكن لحوزات النجف أن تبدأ بمبادرات لتقليل المناخ المستبعد للمسيحية ؟ أعتقد الفترة السابقة التي كانت فيها داعش فيها إيجابية لنا جميعا حيث زادت من قوة الآصرة التي بيننا ، صحيح أننا خسرنا دماء كثيرة من جميع المكونات سواء كانوا شيعة أو سنّة ودماء لا تعوض ، لكن بدأت صفحة جديدة صارت هناك نشاطات متبادلة ، وهذا أتصور مؤشر جيد بل ممتاز. مضيفا: القرآن يحترم الإنسان بغضّ النظر عن دينه بالتالي عندما يحدث استغلال للنصوص القرآنية او للحديث تسبب بهذه الضغوطات وهذا أمر طبيعي .
أما الشيخ انس العيساوي فقد أكد: الأب نجيب وشيخ زيد ذكرا انه نحن متفائلون صحيح تفاءلوا بالخير تجدوه لكن التفاؤل يجب ان يكون على اساس معطيات .الى الآن لايوجد إصلاح ، إلى الآن ذات الأخطاء التي تسببت بدخول داعش موجودة . ضعف الدولة هو الذي أدى الى قتل المسيحيين والإيزيديين . مشددا: بالطبع هناك أناس لا يستمعون إلينا ولا إلى المرجعية يسعون للدم فقط .هؤلاء على الدولة إيقافهم ، فكيف اذا كانت الدولة ضعيف.. ؟!
وأضاف العيساوي: إن الدولة العراقية لا هي إسلامية ولا مدنية ، لذلك ضيعت الإسلامية والمدنية معاً، نحن كمسسلمين لا ننظر أنها دولة إسلامية وإن كانت العمامة في المناصب . متابعاً: وأيضا هي ليست دولة مدنية ربما فيها من الإسلاميين شيء كثير وهناك فتوى لكن هناك بعض الاحزاب جعلوا واجهات للفتوى واجهات دون مستوى الحدث وهو لا يعرف أبجديات الإسلام . مضيفاً: الدولة للأسف تجعل واجهات دون مستوى المسؤولية والوجهاء الحقيقيون هم مغيبون . أنا متفائل من الحراك المجتمعي وليس من الحكومة.