زوعا اورغ/ وكالات
اكد تقرير صحفي، ظهور جيل جديد من المتطوعين الشباب في الموصل، حولوا سجون التنظيم إلى فرصة للتعلم، وبات يمثل قوة لمد الجسور بين مكونات المدينة لتحريرها من الكراهيات.
وبحسب تقرير لموقع المونيتور، فأنه “وأخيرا، على الرغم من أن الحرب دمرت المدينة، إلا أنها غيرت إدراك الشباب لأهمية العمل معا من أجل الانتصار في معركة تحرير العقول والقلوب، فالجيل الجديد بات يمثل قوة لمد الجسور بين مكونات المدينة لتحريرها من الكراهيات.
واضاف التقرير، ان بندر العكيدي (22 عاما) يتذكر كيف تغيرت أفكاره جذريا بعد تحرير مدينة الموصل من تنظيم “داعش”، فبدلا من الهجرة، أخذ يعمل من أجل تحسين واقع مدينته”.
واوضح، انه “في رأس السنة الميلادية التي أعقبت تحرير المدينة، ارتديت ملابس بابا نويل في قلب الموصل القديمة، وتنقلت بين المنازل المدمرة لكي أوزع الهدايا على الأطفال”.
وتابع، انه “كانت الأيام العصيبة التي مرت تحت سيطرة تنظيم داعش، والممارسات الوحشية التي مارسها مقاتلوه ضد الأهالي قد دفعت العكيدي إلى اتخاذ قرار الهجرة، لكن بعد تحرير الساحل الأيسر من المدينة، خرج إلى الشارع وتنفس هواء الحرية كان مشهد المدينة المدمرة يرسم شكل المهمة الجديدة، إرجاع المدينة إلى وضعها السابق.
ويقول بندر، “بعد شهر من تحرير الساحل الأيسر، بادر متطوعون شباب إلى تنظيف إحدى المستشفيات، ثم سرعان ما شاعت الفكرة في مواقع التواصل الاجتماعي، فانطلق جيش من المتطوعين لإعادة الحياة إلى المدينة، ومع مرور الأيام، التحق آلاف الشباب بهذه الفرق التطوعية، وجرت منافسة بينها في تنظيف الشوارع أولا، ومن ثم المدارس والمستشفيات، وبعدها الجامعات، وفي غضون أشهر قليلة، تغير مشهد المدينة كليا”.
وجاء في التقرير، ان “هذا الجو الحماسي الهم العديد من الشباب وغير قناعاتهم، إذ لا يصدق المدون والشاعر جميل الجميل الذي نشأ في عائلة مسيحية في الموصل أن تتغير المدينة بهذه السرعة، لا سيما بعدما طرده سكانها قبل 6 سنوات لأنه كان مسيحيا”.
يقول الجميل بفرح غامر، انه “وقعت كتابي الشعري (النازح رقم 7) في جامعة الموصل التي لم أدخلها لمدة 6 أعوام، وشعرت بالحرية أثناء التفاف مئات المسلمين من حولي يطلبون كتابي، كانت هذه بالنسبة إلي لحظة تحرر مطلقة من كل كراهيات الذاكرة”.
ونوه التقرير، الى ان “هذا التحول لم يكن سهلا أو سلسا، بل تطلب شجاعة منقطعة النظير، فحياة الجميل في حد ذاتها تمثل سلسلة من الأحداث الدافعة إلى كراهية الآخر”.
ويشرح الجميل سياق هذا التحول بقوله، انه “على الرغم من حبي للغة العربية وكتابتي الشعر العربي، فقد اضطررت إلى ترك دراسة اللغة العربية في جامعة الموصل في عام 2008 بسبب تهديد المتشددين الذين كانوا لا يرغبون في أن يتعلم مسيحي لغة القرآن”.
ويضيف بأسى واضح، انه “تعرضت إلى حروق في وجهي وجسدي في 2 أيار 2010 بعد انفجار في منطقة كوكجلي كان يستهدف حافلة تقل الطلبة المسيحيين إلى جامعة الموصل”.
ثم أصبحت زيارة المدينة والتجول في طرقاتها والتسكع فيها حلما بعيدا بالنسبة إلى الجميل، وأما بعد سيطرة داعش على المدينة، فقد اختطفت اثنتان من عماته وتم اغتصابهما وقتلهما، وبعدما تحقّق حلمه بالعودة إلى مدينة ذكرياته”.
ونوه التقرير الى انه يشعر الآن بأنه إنسان آخر، حيث يقول، “كنت مليئا بالحقد، لكنني حولت المشاعر السلبية إلى طاقة إيجابية لبناء السلام بين مكونات المدينة”.
مضيفا، انني “أكرس وقتي للعمل في مشروع لمد الجسور بين مكّنات محافظة نينوى”، وتدعمه في ذلك منظمة UPP الايطالية، والمشروع يجمع شبابا من المكونات كافة حول سبل تحقيق السلام وتعزيز العيش المشترك عن طريق مبادرات تطوعية شبابية”.
تقول إحدى الشابات الإيزيديات المشاركات في المشروع ليديا الشيخ (23 عاما)، “لقد شاركت في أنشطة المشروع لكي أتخلص من التعصب الداخلي وردة الفعل تجاه المسلمين، فبعد الإبادة التي تعرضنا إليها، تبدلت نظرتنا تجاه المسلمين، وأصبح من الصعب علينا تقبلهم، لكن الأنشطة التطوعية المشتركة كفيلة بإعادة بناء الثقة رويداً رويداً”.
وبينت، انه “وعلى الرغم من أن إعادة بناء الثقة الكاملة يعد أمرا معقدا بسبب الخوف من تكرار ما حدث مرة ثانية، إلا أن مثل هذه الأنشطة يفتح فرصا للشباب لتقبل الآخر”.
تشرح الشيخ أثر هذه المشاركة بقولها، انه “بمجرد أن أنهيت التدريب، أصابني حماس كبير بأن العيش المشترك ممكن، وأنني أستطيع التأثير في غيري، صحيح أن الماضي مؤلم، لكن التفكير بالماضي سوف يجعلنا سجناء كراهيات لا بد من أن نتحرر منها”.
وبين التقرير، ان بعض الشباب لا يزالون يحملون مخاوف عميقة، إذ ترى إيفلين يعقوب (19 عاما) من برطلة أن “آثار الحرب على المدينة يمكن تصفيتها، فالمدينة المنكوبة والبنية التحتية والمنازل المدمرة يمكن إعادة بنائها، لكن إعادة بناء الثقافة تمثل التحدي الأكبر في نظرها”.
واضافت، “لقد عادت الحياة شيئا فشيئا، وعاد الناس إلى وظائفهم وأعمالهم، لكن الفكر الذي خلفه داعش والأفكار الإرهابية التي زرعها في عقول بعض أهالي المدينة تحتاج إلى جهد أكبر وخبرات قد لا نمتلكها حاليا، أو نحن في حاجة إلى التدرب عليها”.
وتوضح، أن “المعاناة التي عاشها أهالي الموصل في ظل حكم تنظيم داعش لم تكن سهلة، لذا فكر الشباب بأدوات بديلة لهزيمة داعش، فاستثمروا الساعات الطويلة في المنازل في التعلم من أقرانهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ووظفوا الوقت في قراءة الكتب وتعلم اللغة الإنكليزية، لقد حولوا السجن إلى فرصة للتعلم، ولذا، عندما تحررت المدينة من داعش، ظهر جيل جديد من المتطوعين الشباب علم نفسه بنفسه”.
وخلص التقرير، الى انه “وأخيرا، على الرغم من أن الحرب دمرت المدينة، إلا أنها غيرت إدراك الشباب لأهمية العمل معا من أجل الانتصار في معركة تحرير العقول والقلوب، فالجيل الجديد بات يمثل قوة لمد الجسور بين مكونات المدينة لتحريرها من الكراهيات”.