1. Home
  2. /
  3. الاخبار
  4. /
  5. اخبار شعبنا
  6. /
  7. سيفو يرحــل بعــد عجـــز...

سيفو يرحــل بعــد عجـــز عــن ترسيخ الكتــابة كوجود حقيقي

زوعا اورغ/ الزمان-سامر الياس سعيد

امير الشعر السرياني سنوات من العزلة والاعتكاف

سيفو يرحــل بعــد عجـــز عــن ترسيخ الكتــابة كوجود حقيقي -سامر الياس سعيد

الموصل

بعد سنوات مريرة اعقبت محنة التهجير  رحل الشاعر  السرياني المعروف شاكر مجيد  سيفو  المولود في  بلدة بغديدا عام 1954 ونال عضوية العديد من الاتحادات والنقابات المهنية  منها  اتحاد الادباء والكتاب العراقيين  واتحاد الادباء السريان ونقابة الصحفيين العراقيين  اضافة لعضويته في عدد من المطبوعات والمجلات منها  بانيبال والعائلة  ونجم بيث نهرين  كما عمل خبيرا لغويا في راديو اشور .

مؤتمرات أدبية

وبدات محطة الشاعر الراحل  مع الشعر  منذ مطلع السبيعينات كما شارك في عدد من المهرجانات  والمؤتمرات الادبية كما نال تكريمات منها  درع الابداع الشعري  من قبل المجلس  الاشوري الكلداني  السرياني وذلك  في استراليا عام 2008كما اصدر خلال محطاته الثقافية العديد من الدواوين الشعرية  حتى بلغت نحو 8 دواوين ومجموعات باللغة العربية   اضافة لكتابيين نقديين  كما اصدر بالسريانية 4 مجاميع شعرية  وترجمت قصائده للغات الكردية والفرنسية  والانكليزية  اضافة لمسرحيات  قدمها للكبار والصغار ..بعيد تحرير بلدته بغديدا من براثن تنظيم الدولة الاسلامية اعتكف بمنزله في مركز القضاء  واستقبل خلال الفترة المنصرمة  عدد من اقرانه الادباء فضلا عن مناشدة اطلقها قبل نحو اعوام زميله الروائي هيثم بهنام بردى للمسؤولين للاهتمام بحالته الصحية  دون ان تجد صدى .. تزامن ظهوره المؤلم وهو نحيل واهن  بعد اشتداد المرض عليه  خصوصا  بعد عودة المئات من اهالي بلدة بغديدا  المعروفة بمركز قضاء الحمدانية  او قرقوش لمناطقهم بعد التحرير  وبدت اغلب الصور التي  تؤشر لزيارة اقرانه الادباء  لمنزله  محنته مع المرض خصوصا وان تلك الزيارات اثمر بعضها عن جلسة شعرية  عفوية   استطاع تنظيمها زميله الشاعر نمرود قاشا باستقطابه لنخب شعرية مختلفة الاجيال والحقب ..لقد تسنى لي شخصيا الوقوف على التجربة الشعرية للشاعر الراحل  خصوصا  في  عام 2008 حيث  اثمر ذلك عن حوار اجريته معه  وتناولت من خلاله شتى المحاور التي  تناولها سيفو سواء من خلال  قصائده  او من خلال  ريادته بادارة برنامج يستقطب من خلاله المشهد الثقافي لبلدته  وكان من ضمن محاور هذا اللقاء انه  سلط  الضوء حول طقوسه بكتابة الشعر حيث ابرز  الى ان الطقوس بمستوييها المثيولوجي والميتافزيقي تستدعي اله الشعر في كل لحظة والشعر أعمق من الطقوس فانا شخصيا أراه أب متسلط على كل الأجناس الأدبية حيث تمتاح منه الراوية والقصة والمسرحية ويتراسل مع التشكيل بقواه التخييلية في أعمق طبقاته تتجلى طقوس الكتابة أو بالتحديد لحظة الكتابة في لحظة استنبات شعرية العالم والكون في هيئة مداميك تتصل بالروح بقوة ويتنازل حينها الوعي لحساب اللاوعي في مشغله الاستثنائي الذهني والفكري حتى يؤرض لشجرة النص بوثيقتها الفنتازية وتذهب بسورياليتها الى الأحلام الكبيرة..

وفي سياق الحوار التفت سيفو ليصف الشاعر بالرائي  الذي ينصص كتابته الشخصية بطقوس اللحظة وآفاقها الخارقة،معربا عن ان  اللحظة الشعرية التي تجمع آحادها في زرقتها لتخلد ارثها التاريخي الأزرق وأيامها الأرجوانية، نعم طقس الكتابة يستدعي التحليق بعيدا عن الزمن والزمان ليؤسس مشهدية المكان جغرافيته السعيدة لان الإنسان بطبعه تراكم مكاني ،هكذا تخرج الكلمات للنزهة في أرضية المطبخ الروحي والذهني لُتلمع بلاطه الشعري بحساسية عالية للتنزه بحقل ما بعد الحداثة ما بعد بنوك التراب وأحزان ملصقات الشاعر المفترضة على حيطان العالم وفوق راية الرغيف الاول .. فيما التفت الشاعر سيفو الى  دور الشعر في ابراز الواقع كما هو  متوجها لي بالقول إننا هنا ياصديقي نعد طعاما من أفخاخ العصافير طعاما لطقوسنا وأساطيرنا ولحظاتنا الشعرية ، ألا ترى معي بنظرة تأملية ما المشهد الذي يقودنا لقراءة خارطة شعرية للعالم الذي نعيشه ؟رغم منغصات الفلفل الأسود وتعويذات الحسد والحساد ،هناك من يبلع البيض النيء دون ملح، هناك من يكتب بلا طقوس فتهرب منه تعويذات التدشين وزينة عيد ميلاد النص فتتفحم بنية الكلام العالي، عندها يتعطل الحلم ويفسد وتذهب بهجته خارج فرنه الشمسي فيحزن النباتيون ويختلف الشعراء على شواهدهم ..

واتجهت سفينة حوارنا نحو مرافي الانطلاق المتاخر للشاعر في مرافي القصيدة فالتفت سيفو الى هذا الامر معللا  بان محطات التأمل كانت –دائما –في مواجهة الفراغ دفاعا عن الكتابة في حين كانت الكتابة وجودنا الحقيقي على هذه الأرض أو ممارسة نوع من الحياة ، لا من اجل إضافة رقم جديد لقطيع البشرية ، ولكن للسباحة داخل تيار الحرية عكس الانكفاء والتقوقع ، بمعنى إننا كنا ننتظر شرط الحياة كي نعقد صلاتنا العميقة مع الوجود لنعثر على الفردوس المفقود ، كان ذلك التأمل يؤكد معنى وجودنا و كأننا كنا ملتصقين بالأرض بسرتها منذ الأزل حيث كانت أفعالنا تخلو من العبث لكن براءة الحياة أمام كل نص لم تكن تكفينا لنجترح كائناتنا النصية ويحضرني هنا قول بارت ((إن كل نص غير بريء )) فكانت تلك الممارسة تغلي في دواخلنا دفاعا عن وجود الإنسان لصالح الإنسان حيث أنت أو انا لا نستطيع إبعاد الإنسان الشاعر عن أناه العالية و أحيانا التي تتلبسها الارستقراطية لأنها تعاني ومنذ زمن طويل من فوبيا السلطة .

مشهد ثقافي

كما تناول في سياق الحوار الذي مضى عليه ا عقد او اكثر حول مشهده الثقافي الذي اثث من خلاله لقراءة نصوص شعرية ابرزها عبر عدد من وسائل الاعلام اتي عمل فيها  فتابع حول هذا المحور مجيبا بان النقد  بحسب رايه الشخصي  يعد كماكنة أخرى من مكائن الأدب ، تلعب في الوقت ذاته دور المشرط في تشريح النصوص الشعرية ، وقد مرت هذه الماكنة بمراحل عديدة وأثرت على مسارها مدارس لنقاد اجترحوا من خلالها مذاهب ومناهج منها ما كان قد تخللها وفق مبدأ الاجتماعية الاشتراكية والواقعية الى البنيوية والتفكيكية الى النقد الثقافي ومن وحي كل تلك المشاهد برزت صراعات فكرية وفلسفية حمل لواءها فلاسفة وكتاب انطلقوا من هنا أو من الوطن العربي أو من الغرب هولاء كلهم تضمهم قائمة طويلة لا تمنح مجالا لذكرهم لكنني بتسقيط الأمر على الواقع الشخصي أعجبت ببعض الأسماء العراقية مثل الأستاذ الدكتور محمد صابر عبيد وعباس عبد جاسم والدكتور مالك المطلبي وناجح المعموري وجاسم عاصي وطراد الكبيسي وحاتم الصكر وفاضل ثامر ومن العرب مصطفى الكيلاني وسعيد يقطين وصدوق نور الدين ومن الأجانب رولان بارت وتودروف وميخائيل باختين وريفاتير وولفغانغ وهايدجر وجاك دريدا وغيرهم اما شخصيا فلا أصنف نفسي ضمن قائمة النقاد وما كتابي الموسوم (جمر الكتابة الأخرى ) إلا قراءات وهي ما أتاحها المخيال الشخصي ورؤى الاختلاف فانا أجد إن النقد منهج خاص ينتهجه الناقد وبذلك ٌيضحي المنتج الثاني للنص، يفككه ويعيد تركيبه ثانية ، فهو مركب أشياء وكينونات نصية والنقد بصورة عامة رسالتي النص والتنصيص الإنتاجي له أدواته التي تختلف عما يملكه الشاعر أو يجمع بين كل الأدوات ويتحرك بين كل الاتجاهات لينهب من خلالها البنى العميقة للنص ويؤول ويجترح بنى فكرية وفلسفية ويعيش غبطة فتوحاته الجديدة ويحيل بذلك تلك البنى الى مشغل ذهني وفلسفي وتنظيري حتى تتشرب منها الرؤى الخاصة بالنص أو بناءا عاموديا يؤسس لحياة النص الجديد والذي لابد له إن يسطع تحت شمس الإبداع عبر إثرائه ألتشجيري وشيطانية أساطينه الجديدة ولوعة جمالياته وشهوات جماله الشخصي ..

كما افصح عن عمله بتراس القسم الثقافي لراديو اشور في تلك الحقبة وما يميله هذا الموقع من انصات لصوت الثقافة حيث قال  عن عمله هذا يأتي تأسيسا لقول لـ (جاك دريدا )(لاشيء خارج النص ) وهكذا اخذ الماضي والمستقبل للتموضع بمحمولاتهما المتجانسة لاركٌب نصا جديدا ،إن التراسل بين الأجناس الأدبية والفنية يشكٌل بنى متعامدة وتؤسس لخطاب ازاحي ذي علاقات إبداعية ، وبناءا على هذا الواقع بدا ولعي واهتمامي يتشكل بقراءات التشكيل والقص والمسرح لمبدعين وتتحول محاورتهم كنشاط قرين بالتخيل وهذا ما استفدت منه في انسنة الكائنات الخرافية ومنها ما تمخض جوهريا لتأسيس علاقة انفتاح وتموضع وتفكيك هذه العلاقة التي أراها علاقة تفلسف وتموقع مع الأخر باعتبار إن الفلسفة وفق مفهومها المحدد استكشافا للحاضر كما يراها بالضبط فوكو وخارقة للزمن في رؤية بول ريكور اما عن واقعي فأراها انتصارا للذات في إطار فلسفة الذات وهي بالتالي بنية تؤسس وتجترح وتغلب فاعلية البنية حسب التوسير على حساب فاعلية الذات ،لكن في تشكٌل جوانية الخطاب تكون الذات بكل فاعليتها هي المؤسسة لتحديات ابستمولوجية متجددة حيث أرى في مقولة بابا سارتر ( …..الآخرون هم الجحيم ) تلك الغلبة في التحاور مع الأخر ،بكل ما يقدمه هذا التحاور من وجودية حميمة وقلق من ذوبان في الأخر أو اقحاء شخصي وهو ذاته الذي يولد القلق الميتافزيقي الذي نراه بارزا لدى كريكور وهيدجر ونيتشة وسارتر ، الم يقل الأخير إن الوجود يسبق الجوهر ؟ !إن اهتمامنا بالأخر ليس عرضيا ولا هامشيا انا أراه تشكيلا أو بناءا عميق لارومة تشكٌل هرما حياتيا لاكتشاف ذواتنا جميعا ..

 

zowaa.org

menu_en