ألن البرت هاول
نؤمن باله واحد اب ضابط الكل… ونؤمن بشعب واحد كلداني سرياني اشوري، ولغة واحدة لشعبنا. في الحقيقة حينما بدات افكر بالكتابة خطرت ببالي مواضيع عامة عديدة، عن الحياة الاجتماعية، الطبيعة، الخيال وغيرها من المجالات والمواضيع المختلفة.. ولكني رأيت ان لموضوعي هذا تميز واهمية اكبر بالنسبة لابناء شعبنا حتى وان كنا نكتب عنه مرار وتكرارا.. الا وهو لغتنا الام العريقة، وتحديدا في كلامنا اليومي.
كما تعرفون، فان لغتنا (السورث) اليومية تشوبها الكثير من المفردات الدخيلة من اللغة العربية او الكردية والفارسية وغيرها.. وها ان اكثر من 24 سنة مرت على بدا عملية تعليم لغتنا الام في العراق ، وتخرجت اجيالا تلو الاخرى يفترض انها قادرة ومتمكنة بهذه اللغة، فمتى سننتفع من عملية التعليم هذه بتنقية كلامنا اليومي من الشوائب؟
فكر معي عزيزي القارئ، قد نكتب بلغتنا تماما، ولكن البعض لا يقرأ، وقد لا يفهم البعض وان قرأوا او سمعوا.. فكيف نتاكد ونسلّم باننا نحافظ على لغتنا حية وفعالة؟. غاية اللغة اولا واخرا انها وسيلة تواصل مباشرة بين افراد الشعب، لذا فان افضل واضمن وسيلة لحفظ لغتنا حية هي ان يتم مداولتها (كليا) بمفرداتها في كلامنا اليومي.
يقال ان قليل من العلم مع العمل به افضل من علم كثير دون العمل به.. واستثمارا لعملية تعليم لغتنا الام، يجب علينا استبدال المفردات الغريبة والدخيلة في كلامنا اليومي بمفردات من لغتنا الام.. ان نطهرها من الشوائب.. علينا ان نقتلع الشوك لنعطي فرصة للغتنا لتزهر.. ليفوح عطر مجدها الذي ما كان يوما حكرا على زمن معين بل بامكاننا احياؤه اليوم وغدا، فهذا امر ليس بمستحيل.. وليس بضرب من الخيال او مجرد تفنن وسرد كلام والسلام، انما هو مسالة ايمان بما نقوم به.. هنا يكمن مدى عمق صدقنا وايماننا بموضوع حفظ لغتنا الام. والايمان مهما كان قويا فهو بدون فعل ميت كما يعلمنا الانجيل في (رسالة يعقوب 2: 26 ) اذا فلنبرهن على ايماننا بلغتنا بافعالنا.. ان نبقيها حية وفعالة بتداول مفرداتها تماما وليس بمفردات غريبة! علينا ان نبذل كل جهد يصب بمصلحة حفظ لغتنا واستمراريتها.. وفي هذا المضمار، للواعين والمثقفين المتمكنين من لغتنا الام دورا فعالا وواجبا مهما بتنقية لغتنا الام من شوائب كلامنا اليومي.. ولهم ايضا حقا مهما، الا وهو ان يتداولوا المفردات والجمل التي امضوا سنينا بتعلمها وقراءتها وكتابتها!.. قد نجد في بادئ الامر صعوبة بمداولة هذه المفردات الجديدة كوننا اعتدنا على المفردات الدخيلة، ولكننا شيئا فشيئا سنعتاد ايضا على المفردات الجديدة من لغتنا الام! ونكون قد انجزنا الكثير الكثير لانفسنا وشعبنا وامتنا وتاريخنا وادبنا وتراثنا وثقافتنا.. سيثمر ايماننا بالفعل!.
اما اولادنا الصغار، فما اجمل ان نعلمهم لغتهم الام، ما احلى ان نعلمهم ليقولوا (برخونيتا) بدلا من فراشة!.. ان يقولوا (قنيا) وليس (قلاما).. حينها سيكبر ابناؤنا وهم يتحدثون لغتهم الام بصفاء وشدة نقاء عالية.. وهكذا ننشأ جيلا متمكنا من لغته ومتآصرا اينما كان، لا يقهر ولا يُخاف عليه من الضياع والتشتت والانصهار.
نشرت المقالة في العدد 656 من جريدة بهرا.